أقلام حرة

الإشكالات النوعية للاستبداد..المشروع الإسلامي للدولة / مهدي الصافي

قد ذكرنا من قبل وفي عدة مناسبات، إن الإسلام أو الدين عموما لايحتاج إلى حزب سياسي يواجه به المجتمع وتنوعاته الفكرية أو الثقافية، بل إلى دعاة ميدانيين يبحثون عن أماكن الانحراف والتحلل والانفلات الأخلاقي ليعملوا على إصلاح بيئتها،

 أو البحث عن تلك الحواضن المبتعدة عن سلسلة القيم والمبادئ المترابطة التي يدعو إليها الدين الحنيف، فيكون ميدان للنصح والإرشاد العام

فهناك عدة إشكالات مختلفة نطرحها للتساؤل حول البحث عن دولة الأحزاب الإسلامية، المسماة في عرف التجمعات والحركات الإسلامية المتطرفة بالإمارة، فهل هناك فعلا برنامجا عمليا لمؤسسات الدولة الإسلامية المطبقة أو المقترحة للتنفيذ في حال توفرت الظروف المناسبة لها،

وهل هناك قواعد معينة يمكن للداعية الإسلامي، أن يتولى موضوع القيادة والريادة والتصدي لمثل تلك الحالات، هل هناك برامج مؤسساتية تعرف العلاقة بين أسواق المال والاقتصاد والتجارة الدولية، أم إنها لاتعدوا أن تكون عبارة عن تشريعات مقدسة يخالفها في أحيان عدة الداعين إليها، حيث يمكن لها أن تتعايش ميدانيا وحضاريا مع الحياة المدنية العامة ومتطلباتها واحتياجاتها اليومية المتجددة

أن تجربة الحكم في إيران والعراق، قدمت نموذجا مغايرا لحقيقة الدعوات المتكررة لبناء الدولة الدينية، فهي ابتعدت كثيرا عن تلك الأهداف وصارت تأخذ التجارب العلمية والثقافية المتبعة في أنظمة الحكم العامة للدول الأخرى لإغراض السيطرة الشاملة، ولكي تبني عليها اعتبارات داخلية مغلقة شخصية او فئوية،

الغاية منها إغلاق منافذ النقد والاحتجاج للرعية أو العامة الموجهة توجيها خاصا، تحميها في ذلك الأمر عدة إجراءات حاسمة لاتختلف اختلافا جذريا عن روح وجوهر الأنظمة الشمولية المستبدة، تساعد على ديمومتها بالطبع زخم الشعارات المرفوعة باسم الدين

هناك أيضا مفاهيم مغيبة عن الشارع الإسلامي، المتمثلة بالعلاقة الحيوية بين مفاهيم الوطن والمواطنة والاعتبارات العرقية والاثنية، وإشكالية التمثيل الطائفي وعلاقته بالواقع السياسي وقدرتهم على التوفيق بين الجميع،

حتى بدا للبعض أن يذهب إلى خيارات الأنظمة العلمانية الشفافة ودمجها ببعض المفاهيم الإسلامية ودمج الأفكار الإنسانية الأخرى معها، واعتبارها جزء من منظومة الأفكار الإسلامية الطبيعية، وهي فرصة لحل مشكلة التنوع الاجتماعي وتوفير أجواء إعلامية تخص فكرة مبدأ التعايش السلمي بين الأطياف،

ولكنها تبقى مجرد عبارات غير قابلة للديمومة، دون الرجوع إلى نقطة الحسم في مشروع إقامة دولة الخبرات والكفاءات والتجارب الصحيحة لبقية الدول،

واستنهاض تلك المفاهيم لتكوين عملية اندماج حقيقي بين الموروث والمعتقد والمستحدث

إذن نحن في دوامة التشخيص الصحيح للتجارب الميدانية الغير واضحة، بعد فشل الاعتماد على الثوابت التاريخية المعروفة، والعودة معها إلى بدايات نشوء الدولة الإسلامية ومرحلة مابعد بعد وفاة النبي محمد ص

ولذلك نجد كلما تقدم الزمن واشتدت أزمة التعريف بالهوية وخصوصياتها، تخرج لنا ثقافة البدع والتزييف والخداع الديني إلى الواجهة مرة أخرى، لتبقى رحلة الصراع مع الذات الغير معرفة بشكل علمي مدروس، هي محور الاستمرار في وهم غياب شرعية العمل الإسلامي لبناء الدولة

الحاجة إلى الانصهار الديني للأفراد والحركات الإسلامية في إطار بناء الدولة الطبيعي، وتحويل التشريعات العامة التي لايمكن الانفكاك عنها إلى واقع ملموس يخدم الجميع دون استثناء، هي كفيلة بتطوير نمط التفكير الحالي وتنمية مستقبل الرؤى الإسلامية المعتدلة أو الوسطية

مهدي الصافي

 

للاطلاع

http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=19331:2010-10-05-22-14-13&catid=43:2009-05-25-04-41-02&Itemid=90

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1537 الاربعاء 06/10/2010)

 

في المثقف اليوم