أقلام حرة

اعتدال اي قائد قد يضمن ادارته لهذه المرحلة في العراق بنجاح / عماد علي

 لتقبل كافة التوجهات بشكل يمكن تجسيد الديموقراطية فيه بمعناه ومحتواه الصحيح، الا ان المرحلة هذه من التعقيد بحيث تحتاج للواقعية في الفكر والسلوك من اجل عبورها بسلام، لذلك يجب الا يتوجه نظر من يتابعني الى مكان واعتقاد بان ينعتني باية صفة التي تخطر الى باله عندما يفهمني بسطحية فيما اقصد في كتابتي لهذا المقال، لكون المرحلة تتحمل ان توصف حتى الاقلام النظيفة والحريصة ببعض الصفات والالقاب الضيقة الافق والتي افرزتها هذه المرحلة بالذات ايضا، وطفت الى السطح الشواذ من كل حدب وصوب مع سيطرة المصالح الشخصية والحزبية على الاهداف والمصالح العليا لدى نسبة غير قليلة من كافة المهن واصحاب الاقلام المعتبرين من ضمنهم ايضا.

هناك من القادة على الرغم من كونهم ذو اتجاهات دينية من حيث الفكر والعقيدة ومنهم رؤساء احزاب معلوم تاريخهم واهدافهم وتركيبتهم كما هو المالكي اليوم وهو شخصيا ايضا معلوم تاريخه واهدافه وعقيدته الشخصية، ومرت هذه الاحزاب بالمراحل المختلفة منذ تاسيسها ولحد اليوم، اما بعض القادة فمعروف عنهم بانهم يحملون من الصفات المعتدلة التي تزكيهم في التعامل معهم والاعتماد عليهم في هذه المرحلة، ومنهم موجودون في السلطة وما يقوم به وهو معتلي منصبه يتلائم مع ما تتطلبه ضروريات المرحلة السياسية والظروف الاجتماعية والثقافية العامة لكافة الفئات والشرائح المختلفة في العراق، ومن خلال ادائه الواجبات الملقاة على عاتقه يقرا بدقة المصالح العديدة للشعب العراقي  الموزائيكي الشكل والتركيب واللون، والتي يجب اخذها بنظر الاعتبار وليس ما يهم حزبه فقط، ويمارس مهامه وهو يهتم بالمصالح العامة دون ان يهمل ما يخص مصالح حزبه وشخصه ضمن المجموع وبالتساوي معهم، وهذا امر معقول في المرحلة الحالية التي تهتم الاكثرية بما يخصها وتعمل من اجل مصالحها الشخصية والحزبية فقط.

لو نظرنا الى الواقع العراقي والسمات المميزات التي يتصف بها هذا الشهب وما يتميز به من الظروف الاجتماعية الثقافية وما يمتلكه من التاريخ الثري المليء بالاحداث، وان دققنا في تركيبته الاجتماعية وحللنا اوضاعه واخذنا بنظر الاعتبار التركة الثقيلة التي اورثها من الحقبات الماضية بما فيها من الالام والمآسي والويلات وما اثرت بدورها على حياة الفرد وحالته النفسية والعقلية، فاننا نعتقد بان نتائج الانتخابات وما برزت من الجهات ونجحت، انه لامر طبيعي ان تفرز يهذا الشكل والحجم، وعلى الاقل في هذه المرحلة الانتقالية المتشائكة من كافة النواحي. اننا نلمس ما موجود على الساحة من اقصى اليمين الى اليسار ومن الاحزاب القومية الى الاسلامية والمذهبية منها ايضا ومن العلمانية والديموقراطية والليبرالية وكل حسب ما يزكيه الواقع وما موجود فيه، واختار الشعب ما اعتقده صحيحا وما يؤمن بانه عمل الصح لخير الشعب .

انما انا بصدد القول فيه هو المناصب الحساسة ومن هو الملائم لادارته في هذه المرحلة والتي تفرض على من يعتليها ان يحسب حساب اية حركة او تصرف بسيط او تصريح او توجه،و لابد من ان يقرا الماضي والحاضر ويستبصر المستقبل القريب بشكل علمي دقيق، ويجب ان يتعامل مع الحاضر بما حوله ومن كافة زواياه، اي لابد ان ينزع عن نفسه اطر الدوائر الفكرية الضيقة التي يؤمن بها بشكل قاطع وعلى الرغم من انها هي التي اوصلته الى هذا الموقع، ويجب ان يكون عميقا ودقيقا في نظرته الى ما حوله وما تعيش فيه هذه المنطقة والعالم وما يحدث، وعليه ان يعتبر من التجارب العديدة الماضية في المنطقة باسرها، وهذا ما يفرض عليه التمعن والدقة لعدم تكرار ما اخطاه الاخرون، وعليه الاخذ بالخصوصيات العراقية بكل ما يتمكن من تفصيلات ادارته، ويجب ان يكون متعدد المواهب ومخلصا لحد النخاع للقضية وضامنا للمصالح العليا . وبين كل هذه المتطلبات والمواصفات يفرض الاعتدال نفسه على كافة الامور كي ينجح ويقود بالعدل المرضي.

اذا لو قرانا ما جاء منه السيد المالكي وتاريخه وكيفية ادارة البلاد في هذه الفترة القصيرة وتعامله مع الاحداث،مع الاعتراف الجميع بوجود الاخطاء وهو في مقدمتهم،  فانه نجح بنسبة معقولة في اداء واجباته واتخاذ قراراته الحاسمة ضمن صلاحياته، وشهدت البلاد تحولات في العديد من النواحي، وهو حسب حسابا دقيقا لكل الملفات ولم يفرض جهة على اخرى ولم ينسى التاريخ والماضي القريب وما جرى للشعب، وعليه الان ان يتمعن في الحاضر وما فيه ويجب ان يستشرف المستقبل القريب بكل السبل، وهذا لا يعني انه لم يؤخذ عليه بعض الهفوات ولكن الموقع الحساس يتطلب منه التضحية يمجموعة من الامور ومنها الثوابت العقيدية كي ينصف الجميع على حد سواء ويظهر منه التعامل بالتساوي مع الجميع بكل مشاربهم وعقائدهم وافكارهم وايديوولجياتهم وفلسفاتهم، وعليه لو كنا منصفين وواقعيين ومعتدلين وقارئين جيدين للواقع الحالي وما موجود فيه فانه احسن ما موجود وما يلائم هذه الظروف والمرحلة الذي يمكن ان يدير بشكل سليم.

و عليه ان يفكر بان الموقع الحساس يتطلب منه التضحية بامور معقدة وان عاتبه عليه مناصريه ورفاق دربه  لكي ينصف الجميع وهو الهدف الاسمى الان، وهذا ما يفرض الاعتدال بنفسه عليه بكل معنى الكلمة ومن كافة النواحي. وان تمكن من المنصب يجب ان يبتعد لفترة معقولة عن التحزب والصراع السياسي الحزبي المفروض عليه كي يتفرغ بشكل كامل لادارة البلد ويتعامل مع الاحداث بصورة محايدة، وهذا ما يدعه ان يبدع في ادارة البلد وهو في مثل هذا الواقع المعقد الذي يعيش فيه العراق، وهذا ما يتوسمه منه الجميع، اي كافة القوميات والاديان والمذاهب والفئات والشرائح، وهذا ما يدعه ان يفكر ويقرر ما يهم الجميع بعيدا عن التعصب، وهذا ايضا يبعده بشكل كامل عن النرجسية والعائلية والقبلية والحزبية الضيقة والتي  ربما تكون الحزبية هي نقطة ضعفه في المرحلة السابقة، وهذا ما  ينعته بها  البعض لحد اليوم، وان اعتدل في هذا المضمار ايضا،ف هذا ما يحسب له ويكتبه التاريخ وينتقل به العراق لمرحلة متقدمة اخرى، واللعب في هذه الساحة الشائكة باعتدال، والقائد الذي يتحمل هذه الصعاب بعقلية منفتحة ومعتدلة يضمن ادارة البلاد في هذه المرحلة بنجاح ويكون مقبولا لدى الجميع، ويرضى هو عن نفسه وهو يؤدي ما على عاتقه بضمير حي مستريح.  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1538 الخميس 07/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم