أقلام حرة

الازمة الاقتصادية هل تدفع باتجاه نشوء مراكز استقطاب؟ / هيفاء الحسيني

مما اسفر عن مشاكل اقليمية في مختلف انحاء العالم . ومن اجل الحفاظ على وضع مابعد الحرب الباردة، بادرت القوى الأخرى في ايجاد قواعد مشتركة مع القطب الواحد الذي هيمن على العالم ومقدراته لكن ذلك افترض على الاخير ان يسهم اسهاما مباشرا في تعزيز تلك القواعد وتوفير اسباب القوة لها لاسيما القوة الاقتصادية مما ترتب توظيف امكانياته الاقتصادية حتى الاستراتيجية منها لخدمة مشروعه المستقبلي . وقد لاحظنا خلال السنوات القليلة الماضية ان هذا الامر قد تسبب في اشكالات عديدة على الصعيد الاقتصادي حيث لم تتوافر لقوى اقتصادية اخرى مشاركة القطب الاوحد في تعزيز دوره لاسباب تتعلق بخططه الاقليمية والدولية وخشية من ذوبان ارادتها القومية، وبناء على ذلك فان هذه القوى سعت حثيثا لابراز قدراتها على الصعيد الوطني اكثر من اهتمامها بالدور الاقليمي والدولي مؤجلة انفتاحها بانتظار ماستسفره الاحداث المقبلة، وقد صح ماتوقعته هذه القوى خلال السنوات الخمس عشرة التي انقضت على نهاية الحرب الباردة، اذ وقع القطب الواحد في ازمات عديدة على جانب كبير من الخطورة أدت الى اضعافه على الصعيد الاقتصادي مما اتاح فرصة مناسبة لتشكيل مراكز استقطاب جديدة تستطيع التأثير على القرار الدولي، وهذا ماأسهمت به ليس الظروف الدولية فقط وانما الحاجة الملحة لتلك القوى بحكم تضخم الثروة لديها وقوة اقتصادها وامكانياتها التصنيعية ايضا، والاهم من كل ذلك امتداد مصالحها في بقاع خارج حدودها الاقليمية . لذا نرى عالم ماقبل عام 2001 هو غير عالم اليوم، وان ماكان يطلق عليه بالقرن ذي القطب الواحد لم يعد كذلك ازاء قوى اقتصادية متنفذة في عالم اليوم . ومما زاد في ادراك مراكز القوى الجديدة انها لم تعد مرهونة باطار القطب الواحد هو مالمسته على صعيد الواقع من اشكالات، أصبح هذا القطب عاجزا في وضع حلول لها ليس على الصعيد الدولي حسب، وانما على الصعيد الداخلي ايضا وهاهي الازمة الاقتصادية تنخر في جسده مما سيعطل الكثير من مشاريعه المستقبلية وان كانت ضمن خططه بعيدة المدى على عكس ماكان يحدث خلال السنتين أو الثلاث الاولى من القرن الحادي والعشرين ومن الادلة الثابتة على مانقوله هو انفراط الاتحاد الاوروبي ومركز ثقله المانيا الموحدة وكذلك الصين واليابان وروسبا من عقد غير مكتوب مع القطب الواحد في كثير من القضايا الدولية المهمة ذات المساس المباشر بالامن الوطني له (احداث جورجيا مثلا) ومهما يكن من امر فان العالم مقبل وخلال سنوات قليلة على انفتاح غير معهود تتجاذب فيه اقطار ذات مستوى اقتصادي متوسط لتشكيل منظومة جديدة تعيد الحياة من جديد للدول غير المنحازة على الصيغة التي نشأت عليها في مؤتمر باندونغ في اواسط الخمسينات من القرن الماضي

 

هيفاء الحسيني واشنطن

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1539 الجمعة 08/10/2010)

 

 

في المثقف اليوم