أقلام حرة

قمة سرت الأستثنائية .. قمة الفشل العربي المشترك / خالد محمد الجنابي

 أم سينبري علاء الدين وينادي الجن ويخرجه من مصباحه السحري ؟ وبمجرد ان يقول له ـ شبٍيك، لبٍيك ـ فأن مشاكل العرب ستنتهي أو ستحل، واهم بل في أعلى درجات الوهم من يتوقع يوما أن مشاكل العرب ستقف عند حد معين ومن الجدير بالذكر انه لدى العرب احتياطي من المشاكل المستعصية يفوق حجمها حجم احتياطي النفط العربي بكامله .

القمة المشار اليها اعلاه خصصت لتطوير منظومة العمل العربي المشترك أي دراسة مشروع البروتوكول الخاص بتطوير منظومة العمل العربي المشترك المعد من قبل الأمانة العامة بالتنسيق مع رئاسة القمة .

لقد حضر تلك القمة أغلب زعماء قمة الدول الناطقة بالعربية وليس الدول العربية لأنها أنسلخت من عروبتها شيئا فشيئا ولم تبق روابط بين الدول العربية سوى اللغة التي تتحدث بها أغلب تلك الدول لحد الان، أقول أغلبها وليس جميعها لأن بعض الدول من التي تعرف بأنها عربية أصبحت تتحدث باللغة الفرنسية أو أي لغة أخرى غير العربية وخير مثال على ذلك دول (المغرب العربي) .

فهذه الدول لاهمً لها حاليا سوى أن ترضى عنها الدول الكبرى والمؤثرة في الساحة الدولية وهذا ليس غريبا عليها حيث سبق للشريف حسين (شريف مكة) أن سعى جاهدا لنيل رضا الحكومة البريطانية في عام 1915 كي يحصل على إعتراف ودعم منها لإقامة الدولة العربية في شبه جزيرة العرب من خلال مراسلاته مع السير هنري مكماهون ممثل بريطانيا في القاهرة آن ذاك وفعلا نال الدعم البريطاني لمساعيه الحميدة من خلال رسالة إستلمها من السير هنري مكماهون بتاريخ 24 تشرين أول 1915 والتي تضمنت استعداد بريطانيا للإعتراف ودعم قيام دولة عربية في شبه الجزيرة العربية مقابل دخول العرب الى جانب بريطانيا في حربها ضد الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الاولى، إستمرت المراسلات الحميمة بين الشريف حسين والسير مكماهون والتي عرفت بمراسلات حسين مكماهون في الوقت الذي كانت تحاك فيه خيوط المؤامرة الفرنسية البريطانية لتقسيم المشرق العربي من خلال الاجتماعات التي عقدت بين السير مارك سايكس والمسيو جورج بيكو والتي تمخضت عنها صدور معاهدة سايكس ــ بيكو في 16 مايس 1916 التي قسمت المشرق العربي بين فرنسا وبريطانيا إضافة لتدويل فلسطين، بعد ذلك صدر وعد بلفور في 2 تشرين ثاني 1917 المعروف للجميع ، بعد ذلك فرض الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين والفرنسي على سوريا ولبنان بموجب معاهدة سان ريمو في 25 نيسان 1920 .

للأمانة التاريخية نقول إن الشريف حسين وبعد أن ضاع العرب (إستفسر) من بريطانيا التي أرسلت له الضابط البريطاني (هوغارث) لطمأنته وإن كان في الواقع لخداعه مرة اخرى حسب مايروي في مذكراته حيث قال (كنت واثقا أنهم سيخدعونني مرة اخرى، وسيكذبون علي، لكن الاوان قد فات، وكنت قد تورطت الى أذني 000 شعرت أنني نزلت الى السباحة في بحر من الحيتان، قبل أن أتعلم ألعوم) موقف جريء جدا من الشريف حسين بحيث (إستفسر) من بريطانيا دون أن يبالي بعواقب الامور .

مما تقدم ذكره فأن الدول الناطقة بالعربية تعلمت أن تستفسر في هكذا مواقف وفي المواقف الاكثر صعوبة فأنها تستنكر وفي القضايا المعقدة جدا فأن الدول المذكورة  تشجب وبشدة أي أنها تتصرف بحزم وقوة تخيف الغرب وتجعله يرتجف خوفا من أن يقوم العرب بتغيير خارطة العالم لأنهم إن غضبوا فسوف يطلقون الشعارات الرنانة من خلال وسائل إعلامهم والتي تمثل مصدر ازعاج للمواطن العربي حيث يعلم انها لاشيء

القمة اللمذكور لاتعدوا سوى كونها رقما ضمن تسلسل قمم الدول الناطقة بالعربية، ماذا قدمت مؤتمرات القمم العربية للعرب ؟ كي نعول على قمة استثنائية أشبه بدعوة لشرب القهوة والشاي،

ماذا قدمت مؤتمرات الدول الناطقة بالعربية الى فلسطين وماذا قدمت الى لبنان لكن الطامة الكبرى للعرب هي عندما نقول ماذا قدمت تلك المؤتمرات الى العراق ولشعب العراق ؟ لم تقدم له سوى مايؤدي الى الفرقة وإشاعة الفتنة، وبشكل خاص المؤتمرات التي عقدت في تونس عام 2004 وفي الجزائر عام 2005 وفي السودان عام 2006 حيث مثلت أعلى درجات التدخل في ألشأن العراقي من قبل العرب محاولين بذلك رسم السياسة الخارجية والداخلية للعراق متناسين ان العراق وبرغم من كل الجراح التي أصيب بها نتيجة سهام الغدر والتي كانت معظمها عربية سينهض ويبني نفسه دون الحاجة الى الدعم (اللامحدود) الذي تقدمه الدول الناطقة بالعربية في هكذا حالات .

كل قمة تضع في جدول اعمالها قضية فلسطين وقضية العراق، لكن السؤال هل قدمت القمم شيئا للعراق من خلال إجتماعاتها التي كرست لذلك الغرض في اكثر من مناسبة ؟ بألتأكيد (لا) إذن لماذا النقاش من الاساس ؟

الرئيس الليبي معمر القذافي رئيس القمة الاستثنائية المذكورة قمة سرت تعود ان يحضر مؤتمرات القمة بصفة مزايد علني عن القضية العربية ووجوده في القمم اقرب الى التهريج بدلا من الهدوء الذي يجب ان يتمتع بع  زعيم دولة، علما انه كان من اكثر المتغيبين عن حضور الققم لاسباب مختلفة وبدون عذر شرعي أو إجازة مرضية وقد كان غائبا عن احدى القمم كون الحكومة الليبية كانت متهمة بمحاولة إغتيال ملك السعودية الملك عبد الله عندما كان وليا للعهد، أي قادة تقود الدول العربية بحيث تخطط وتنفذ محاولات إغتيال ؟ وماذا أبقت لعصابات الارهاب ؟ ومثلما ذكرت فأن القذافي هو أكثر الغائبين عن مؤتمرات القمة وقد ينفذ صبر العرب ذات يوم ويصدرون قرارا بفصله بالاجماع وقد يكتفون بإستدعاء ولي أمره وتوبيخه .

بعد أنتهاء الفترة الخاصة بكل قمة يصدر البيان الختامي ويتضمن أمورا في غاية ألأهمية حيث تزدحم الصالات بالصحفيين وألإعلاميين ومن كل الجنسيات لينالوا سبقا صحفيا خطيرحيث يذكر في البيان الختامي مكان وزمان إنعقاد القمة القادمة يعقبه تبادل التحيات والتهاني بين الحاضرين على ما قد تم تحقيقه في الاحلام . 

ومن الجدير بالذكر إن قمة الدول الناطقة بالعربية تعقد بعد إكمال التحضيرات الخاصة التي تقوم بها الجامعة العربية التي أنشأت بعد أن ألقى وزير خارجية بريطانيا إنتوني آيدن وزير خارجية بريطانيا خطابا بتاريخ 29 مايس 1941 ذكر فيه (إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الاولى ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الان، وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب اصدقائنا ويبدو انه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية للروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية ايضا 000 وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأي خطة تلقى موافقة عامة) .

وفي 24 شباط 1943 صرح انتوني آيدن في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية (تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية) .

بعد ذلك توالت الاجتماعات وتشكلت اللجنة التحضيرية التي ضمت ممثلي العراق / سوريا / لبنان / الاردن / مصر / اليمن وعقدت اجتماعا لها بتاريخ 7 تشرين أول 1944واجتماعا اخر بمشاركة السعودية بتاريخ 19 آذار 1945 لاقرار ميثاق الجامعة العربية والذي تم التوقيع عليه بتاريخ  22 آذار 1945 .

إذا كان هذا حال تأسيس الجامعة العربية ! فكيف ستكون مقررات دول الجامعة وهل ستتمكن من إتخاذ قرار بمعزل عن مؤسسيها؟ لذا أقولها بكل ثقة ان قمة سرت الأشتثنائية هي قمة الفشل العربي المشترك.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1541 الاحد 10/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم