أقلام حرة

حجب البطاقة التموينية مكسب للتجار واقتصاص من المواطن !!!/ خالد محمد الجنابي

وبما اننا نسير في ركاب العالم المتحضر علينا ان نعمل وفقا لما ورد اعلاه، نحن نعلم ان كل وزارة من وزارات الدولة تضم دائرة اسمها دائرة التخطيط والمتابعة تكون بمسؤولية مدير عام وعليكم ان تتصوروا حجم تلك الدائرة وعدد منتسبيها وكم مقدار الرواتب التي يتقاضوها، لذا يجب ان تكون اسما على مسمى يعني ليست دائرة بالاسم وفقط، أي يجب أن تقوم باعداد كل مايتطلبه الامر الذي يؤدي بالنهاية الى تعديل او اصدار قرار معين من قبل الوزارة المعنية على ان تكون الدراسات نظرية وميدانية مشفوعة باستطلاعات لآراء المواطنين وبمختلف شرائح المجتمع وان تتوخى الدقة بأعلى نسبة مئوية ممكنة وبخلافه ستكون غير ذات جدوى ومن ألأفضل عدم العمل بها، وبالتالي يتوجب على أي وزارة الرجوع الى دائرة التخطيط والمتابعة التي تكون ضمن واقع مسؤوليتها قبل الشروع بأي قرار تبتغي اقراره .

أعود ألآن الى عنوان الموضوع، تم مؤخرا حجب البطاقة التموينية عن المواطنين الذين يتقاضون رواتبا مقدارها مليون ونصف المليون دينارا عراقيا فأكثر، كذلك تم قطعها عن شرائح اخرى من ابناء الشعب، ناهيك عن التعثر الواضح في توزيع مفردات البطاقة التموينية منذ فترة طويلة جدا أتساءل ألآن من الجهة أو الجهات التي وافقت على القرار المذكور : الى متى تبقى البطاقة التموينية المتعثرة في كافة مفرداتها والمدفوعة الثمن بالكامل من قبل المواطن تشكل وسيلة ضغط من قبل الجهات ذات العلاقة على شريحة ما من شرائح المجتمع؟ البطاقة التموينية حق من حقوق أي مواطن عراقي حتى اذا كان يتقاضى مليون ونصف المليون دينار أو اكثر أو أذا كان مديرا عاما أو قاضيا أو وزيرا أو أي مستوى في الدولة، ان كل موظف في الدولة يتقاضى راتبا حسب كفاءته ومنصبه الوظيفي فلماذا تريد بعض الجهات الانتقاص مما يتقاضاه بطريقة أو بأخرى هل ان هذا من باب الحسد أو من باب آخر، أم انه نوع جديد من أنواع الضرائب التي لايوجد لها تبويب لحد ألآن، كما هو الحال مع نسبة الضرائب التي تفرض على رواتب الموظفين الغير متزوجين الذين تذهب مبالغ كبيرة من رواتبهم كأستقطاع ضريبي حيث لايتم شمولهم بأي أعفاء يشمل اقرانهم من المتزوجين، أعود وأتساءل هل تم اعداد دراسات لذلك؟ هل تم اجراء استطلاع حول الموضوع قبل اصدار قرار الحجب المذكور؟ (أني والله في شك من بغداد الى جده) وعلى حد علمي لن يستطلع رأي المواطنين بذلك مطلقا ! هل تعلم الجهات ذات العلاقة ان هناك من يعمل ضمن القطاع الخاص ويزيد دخله الاسبوعي وليس الشهري على المليون ونصف المليون دينار عراقي؟ ومنهم الشريحة التي يطلق عليها اسم التجار المستفيد الاول من قرار حجب البطاقة التموينية من خلال رفع الاسعار بشكل أرهق كاهل الموظف واصحاب الدخل المحدود، حيث ان معظم العاملين في مجال التجارة لايهمهم سوى تحقيق أعلى الارباح وبأسرع وقت دون الاكتراث بمصلحة المواطن والادلة كثيرة على ذلك، وبمجرد ان تتأخر المواد التموينية نجد ان الاسعار تلتهب لنفس المواد الموجودة في المخازن ناهيك عن المواد التالفة وغير الصالحة الى ألأستهلاك البشري التي تقوم وزارة الصحة بالكشف عنها في اوقات مختلفة لكن لايوجد من يساند اجهزة وزارة الصحة على أجتثاث هكذا تجار يقامرون بأرواح المواطنين من اجل الارباح، هل تعلم الاجهزة المعنية ان المضاربين في سوق البورصة يزيد دخلهم الاسبوعي عن المليون ونصف المليون؟ فكيف ستتعامل معهم؟ هل ستطلب منهم كشوفات عن مدخولاتهم؟ أم سيبقى الحبل مفتوحا لهم على الغارب؟ كفى نلاحق الموظف في راتبه الذي يتقاضاه عن جهد يقدمه طيلة شهر كامل، ولنترك المدير العام وعضو البرلمان والوزير وكل من هم في مواقع متقدمة في الدولة ينعمون برواتبهم ويتذوقون لقمة هنيئة بعد جهد جهيد يبذل خلال شهر بكل صعوباته ومعوقاته ومخاطره، كي نكون منصفين امام الله أولا وامام التاريخ الذي لايرحم أحدا ثانيا ! لكل الجهات ذات العلاقة أقول عندما يكون لدينا تجار من أمثال المرحوم جعفر أبو التمن، احجبوا البطاقة التموينية، عند ذلك سوف لايضار المواطن في لقمة عيشه، اكرر من أمثال المرحوم جعفر ابو التمن وأمثاله والذين من الصعب ان نجدهم في هذا الوقت الذي دخل فيه الى ميدان التجارة اشخاص بعيدين كل البعد عن المفاهيم التجارية واصولها وتعليماتها التي وردتنا عبر العصور والتي تمثلت بالتجارة في النظام الاسلامي وغيرها من الانظمة التجارية المتحضرة، لقد كان جعفر ابو التمن رحمه الله مثالا يحتذى به في ميدان التجارة، كان تاجرا بالمعنى الاخلاقي والانساني للكلمة، كان همه الاول رضا الله وليس الربح الوفير وكان افراد عائلته الكريمة يباركون له ذلك ويسعد به كثيرا، ألأمر ألآن مختلف لأن أغلب التجار حاليا يفكرون بالقصر الفاره والسيارة الفخمة، بحيث لايضع التاجر في حساباته الضرر الذي يلحق المواطن، ومع ألأسف الشديد يجد من يحثه على ذلك أي ان زوجة التاجر اذا مر ذكر الفقير أمامها فتقول (يطبة مرض هاي مشكلته) هذا اذا كان التاجر من وسط البلاد واذا كان من الجنوب فأن زوجته تقول عن الفقير (يطكة عرج فوك عرج) واذا كان من غرب وشمال البلاد فستقول بكل برود (عجل يابه أحنا مخلفينو ومندري) وهكذا يكون رأي معظم تجارنا وعائلاتهم أي الاستمتاع بمعاناة الفقير، على الجهات ذات العلاقة مراجعة القرار المذكور وتشخيص سلبياته بكل دقة وإيقاف تنفيذه كي لاتدع ضعاف النفوس من استغلاله بشكل يرهق كاهل المواطن أكثر مما هو عليه ألآن، يعني يكفي المواطن ماينفقه من راتبه من أجل الحصول على الطاقة الكهربائية من أصحاب المولدات ألأهلية الذين يصعب معرفة مدخولاتهم الشهرية خصوصا بعد توفر الوقود بالشكل الرسمي مع بقاء اسعارهم ثابتة كالطود الشامخ (اللهم لاحسد)، ولاندري هل سيتم شمولهم بحجب البطاقة التموينية مستقبلا أم لا؟ على الجهات ذات العلاقة أن تعلم ان العراقيين يسيرون في مركب واحد ولايفرحون عند حجب البطاقة التموينية عن أي شريحة من شرائح المجتمع وبما ان المدير العام والقاضي والوزير وعضو البرلمان ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية هم من ابناء العراق فلا يوجد عراقي يرضى ان تحجب عنهم البطاقة التموينية وهنيئا لهم رواتبهم التي يتقاضوها ومهما بلغت من أرقام، على الجهات ذات العلاقة ان تدرس كافة قراراتها وان تتخذها بمسؤولية وموضوعية مطلقة وقد تكون هناك أمور أهم من حجب البطاقة التموينية وتفيد المواطن بشكل مباشر يتوجب على الجهات المعنية الشروع باقرارها، وعلى العاملين في دوائر التخطيط والمتابعة ان يكونوا بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن لايكونوا مثل بعض رجال المرور الذين يغضون النظر عن مخالفات جسيمة تحدث امام انظارهم لكنهم يهرولون من أجل ايقاف سيارة اجرة نسى سائقها المسكين وضع حزام الامان، أو أنه خالف نظام الفردي والزوجي لأمر طارىء أو غير ذلك من أجل فرض الغرامة المقررة، نتمنى أن تراجع الجهات المعنية القرار المذكور، والله ولي التوفيق .

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1546 الجمعة 15/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم