أقلام حرة

رحيل سياسي مخضرم / برهان الخطيب

 دوره وفائدته لوطننا وأهالينا المعذبين بعدم الاستقرار منذ تأسيس دولتنا الأولى.

 اليوم نحن على أعتاب مرحلة جديدة من تطور العراق السياسي، تتسم بتبلور الفكرة الوطنية باعتبارها محورا وأولوية لجميع الأحزاب العراقية، بغض النظر عن توجهاتها العامة، واختلاف تفسيراتها لهذه الفكرة، وهو اختلاف صحي وضروري، لتشذيب بعضها بعضا، معها انتقل وينتقل العمل السياسي من السرية إلى العلنية، وفي هذا كسب للجميع، فهو يضعها على صعيد واحد مطلوب لتفاهم بينها، وبالتالي لحل مشاكل الوطن والمواطن، وفي هذا الحال يصبح ذلك التقليد أكثر وزنا وواقعية وقيمة. لقد خسرنا الكثير من التجربة العراقية في متاهات العمل الحزبي السري وأتمنى أن تصبح هذه الصيغة للعمل مع زوال الاحتلال ومخلفاته من الماضي تماما، هكذا يتضح دور الأشخاص في الحركة السياسية جليا وتضاف مساهماتهم الوطنية حجرا على حجر في بناء صرح الدولة العراقية الجديدة.

الآن لن نكون منصفين إذا غُمط حق أو أُهمل دور أي عراقي دخل المعترك السياسي، سواء أبلى أو لم يبل فيه، للنقيض دور في نماء الأصل، كما ونكون مبالغين إذا ضخمنا ذلك الدور، المعاناة التي عاشها ويعيشها العراقيون هي من عمل الساسة العراقيين أولا، وأطماع أجنبي في العراق ثانيا.  أبو رائد، فيصل كاظم الربيعي، كما عرفته منذ الخمسينات، المخضرم الذي قطّع دروب السياسة، ولم تقطّعه، رحل عنا يوم الجمعة الفائت بصمت في السويد، بعد معاناة مع مرض السرطان، وعملية جراحية كادت تخلصه تماما من براثنه لولا القدر. بدأ الرجل وطنيا أمميا في الخمسينات، ثم صار وطنيا قوميا في الستينات، وأخيرا وطنيا ليبراليا، هكذا شاء، وهكذا شاءت الظروف، وربما لو فعل هو أو غيره العكس، أي اقترب من الأممية والقومية والليبرالية إلى الوطنية، في هذه المرحلة الحرجة خاصة،  لتسارع نضج  العملية السياسية وتأميمها لصالح الشعب العراقي، كما يفعل عقلاء في روية، وكان في ذلك نفع كبير للوطن والأهالي والساسة أنفسهم. إنما لهي غبطة وكرم يمنحها لنا الراحل حين تساعدنا حياته، بتلخيص أهم منعطفاتها، ولا تخلو حياة من منعطف، وتصبح درسا للنابهين الباقين على قيد الحياة، لمواصلة الدرب الشاق وبلوغ الاستقلال الكامل والاستقرار، درب رفعة الفرد والأهالي والوطن والمنطقة، حيث لا يمكن الفصل بين هذه المكونات سوى عند متزمت.

أبو رائد وداعا.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1547 السبت 16/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم