أقلام حرة

كيف يتناول الاعلام العربي القضية الكوردية / عماد علي

هناك اسباب وعوامل موضوعية كثيرة لابد من ذكرها بحياد دون اي تميز، من اجل عدم التعدي والغدر بمن يعمل بشكل موضوعي وحيادي، كي نبين السياسة الاعلامية المتبعة من قبل الدول العربية بشكل رسمي والاعلام الحر الذي انتشر في الاونة الاخيرة ومنذ توسع فضاء الحرية عند انتشار الفضائيات خاصة، وكانت الصحافة والاعلام منحازة دائما للسلطة وتعمل بدوافع نابعة من النظرة السلطوية التوسعية ومنفذة لاوامر الحكومات ولم تابه بما يهم الاخر ولم تهتم بخصوصيات من يعيش في كنف هذه الامة لقرون عدة ولم تاخذالسمات الانسانية والحقوق العامة وراي ومصالح الاخر بنظر الاعتبار، وكانت طوال هذه السنين عروبية قحة وتحاول الغاء الاخر، وهذا ما يثبت مدى النظرة الاستعلائية، وهي النقص والعقدة التي تشكلت في فكر وعقلية هذه السلطات وليس الشعوب العربية بعد انبثاق دولة اسرائيل وسيطرتها الكاملة على المنطقة وبشكل لا يقبل اي نقاش.

بعد وصول اشعاعات العولمة وتاثيراتها وافرازاتها العديدة، السلبية كانت ام الايجابية الى المنطقة، ليس بوسع احد ان يقاوم ما تفرضه من الضغوط والتداعيات، ويضطر الجميع على التعامل معها، ومن اهم ايجابياتها توفير الحرية والشفافية على كافة المسارات ومنها الاعلام بشكل خاص، ولم تتمكن السلطات رغم محاولاتهم المنقطعة النظير من منع توغلها في شؤوون الدول وتعاملت معها بعدة طرق وباختلاف شكل وطبيعة الحكومات وممارساتهم ومدى ديموقراطيتهم في التوجه والتطبيق.

بعد سقوط الدكتاتورية في العراق، شهدت المنطقة تغييرا كبيرا وبدات حقبة جديدة وتوسعت الافق لحرية الصحافة والاعلام، لم يكن بمقدور اية جهة ان تميل او تنحرف من مسار المستجدات او تتجاوز التحولات الجذريةالتي حدثت اخيرا، مما ساعدت على اقتراب مكونات المنطقة من بعضها كما في العالم وازدادت الاحتكاكات ولا يمكن لاحد ان ينعزل بعيدا او يتقوقع ويبعد بنفسه عن تداعيات وابعاد المرحلة الجديدة، وهذا ما فرض عليهم التعامل بشكل او اخر مع الوافد وان حاولوا التحايل في بعض الاوقات الا انها كانت قصيرة الامد، ولم يستمروا في ابعاد نفسهم لمدة حتى رضخوا او اقتنعوا بالحقائق الواضحة وليس هناك اي مفر من متطلبات المرحلة الجديدة.

ان حسبنا بدقة ما كان يتمتع به الاعلام العربي من عدم وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع مجموعة من المفاهيم التي فرضت نفسها كحقوق الانسان والديموقراطية وحرية التعبير والراي وحقوق القوميات والاقليات، فاليوم ليس بمقدوره ان يهمل هذا الجانب وان حاول بكل جهده ان يجتنب الخوض فيما يفرضه الواقع الجديد. اننا نلاحظ نسبة معينة من المحاولات لتخفيف النظرة الدونية الى ما يعمله الاخر، ولم نجد عدم التركيز في او اهمال ما يخص الاخر والابتعاد عن الحسابات المطلوبة كما كان من قبل، ولابد لهم ان يتدخلوا في ايجاد الحلول لكافة المسائل والقضايا، وان كانت خدمة بعض الاجندات السياسية تفرض العكس او بالاحرى تضع العقيات امام المسارات الجديدة.

يجب ان نتاكد بان طبيعة المرحلة تفرض واقعا وظروفا لا يمكن لاحد ان يوصد الابواب بوجه المتغيرات الاساسية بشكل كامل ولكن ربما يتمكن من وضع عراقيل امام شروعها بشكل مطلق. لذا القضية الاساسية والمصيرية لشعب تعداده اكثر من اربعين مليون وهو منخرط ومتداخل مع شعوب المنطقة لا يمكن تجاهلها من قبل الاعلام العربي ان ارادوا مساعدة الحكومات في الوصول الى الحلول وتحقيق ما هو الهدف الاساسي للسلطات والاعلام ايضا، ويجب ان تواكب القضية الكوردية القضايا المصيرية الاخرى من الفلسطينية وجنوب سودان والصحراء الغربية وغيرها عند طرحها على المنابر المتعددة لدول المنطقة، وهذا جوهر الموضوع الذي يؤدي الى ايجاد الحلول وهو ما يوجه المنطقة والعالم الى الامان والاستقرار الدائم.

لهذا، يجب ان تلقى الصرخات التي تنطلق من هذه الشعوب المغدورة منذ عقود اذنا صاغية وان تتفهم المتمسكين بالكراسي والمتحكمين بالسلطة واصحاب النفوذ  ان القضايا الساخنة تمس الجميع اينما كانت وفي مقدمتها ما يخص حقوق الانسان والشؤون السياسية والتاريخية التي تمكنت الجهات المختلفة ومن ورائها الاعلام ان تكتم الاصوات وتصد المتطلبات والحقوق التي طالبت بها المقموعين لفترة طويلة، وفي ظل الظروف الموضوعية والذاتية للجميع دون استثناء لا يمكن اي كان في هذه المرحلة بالذات ان يؤدي الدور ذاته الذي استمر فيه طوال عقود وبنفس الطريقة والاسلوب والعالم باكمله في تغيير مستمر، وكما عليك حقوق لك منها ايضا.

ان حاول البعض من الاعلام العربي الليبرالي اليوم ان يتداول وفي اوقات محددة وبصورة خجولة صلب الموضوع والقضايا ومنها الكوردية في المنطقة بشكل حيادي، وان حاولت السلطات ذات الصلة من فرض التوجه والراي الواحد على مناهج القنوات الاعلامية في هذا الشان، فان المفاهيم الجديدة التي تفرض نفسها وهي تقطع الحدود وتكسر القيود وتلقي صدرا رحبا في جيمع انحاء العالم، لن تدع هذه المحاولات ان تصل الى اهدافها وان تعيد العمل بما عمله السلف، لان في ظل هذه الظروف فان الحقيقة الناصعة تبان بشكل جلي اليوم او غدا، فلم يبق الا التعامل الحضاري التقدمي العقلاني بكافة القضايا ومنها الكوردية لانها التاريخ والجغرافية لهما معطياتها.     

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1552 الخميس 21/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم