أقلام حرة

عيد حب الماني/ نبيل قرياقوس

سكن بغداد وتزوج فيها من عراقية وانجب منا ثلاثة ابناء وبنتين .

ابو وسن كان قد اوفد الى المانيا في السبعينيات بدورة تدريب فنية عندما كان موظفا فنيا على ملاك السياحة العراقية، وكان تعرف خلال فترة ايفاده على شابة المانية، وتبادلا الحب طيلة عام كامل هو مدة الدورة .

فقد ابو وسن زوجته اثر وفاتها صريعة مرض عضال عام 1998، الامر الذي زاد في تعاسة ابي وسن الذي كان يعيش حياة حصار قاسية كبقية العراقيين الذي دفعوا غاليا اجور لعبة بين دكتاتور واطراف دولية لم يحسبا لبشر العراق حسابا سوى اعتبار انهم ليسوا بشرا .

ابو وسن، في محنته تلك اتجه باحاسيسه وانظاره الى حبيبته الاولى، الحبيبة الالمانية، وليقامر بمراسلتها على عنوانها المثبت لديه قبل حوالي عشرين عاما، وشاءت الصدف ان تجيبه حبيبته بانها هي الاخرى فقدت نصفها الاخر، باعثة اياه صورتها الجديدة، كاشفة له بصراحة منظر جمالها الجديد بعد عقدي زمن .

اجابها ابو وسن بانه ما زال يحبها، وانه مستعد للاقتران بها كزوجة شرط ان تنتشله من العراق .

ما هي الا اشهر واذا برسالة عاجلة من الحبيبة الالمانية تطالب حبيبها العراقي بالسفر الى ليبيا لمقابلة السفير الالماني هناك لغرض منحه وثيقة الدخول الى المانيا .

وصل ابو وسن سماء المانيا واستقبل على ارضها في المطار استقبالا لا يحصل الا في الافلام الهندية، فقد كان في استقباله كادر بهي كبير من قناة تلفاز المانية مختصة ببث الحوادث النادرة بثا مباشرا، رتبت القناة لقاءا مع ابي وسن وهوعلى مدرجات النزول من الطائرة للتعرف على المزيد من روابط الحب بينه وبين حبيبته الالمانية، الامر الذي اثار استغراب ابي وسن بينما تصور نفسه في لحظات اخرى انه اصبح شخصا مهما يستحق كل ذلك الاهتمام .

فريق اخر من نفس القناة التلفازية كان يرافق الحبيبة الالمانية في بيتها ليصور ردود أفعالها وهي تتفاجأ بظهور حبيبها العراقي على شاشة التلفاز، حيث اخفي على الحبيبة موعد وصول ابي وسن الى المانيا، برنامج القناة كان تحت عنوان (حب يتجدد بعد عشرين عاما) .

القناة اقامت حفل زفاف الحبيبين على حسابها الخاص لتنقله نقلا مباشرا ايضا، بعد ان عمدت الى تدريب ابا وسن على (اتيكات) الرقص والاحتفال.

عاش ابو وسن (الاجنبي) في المانيا ولم يحتار في ايجاد بيت يأويه، او في ثقافة يريد تعلمها او في معيشة يقتات منها او في علاج طبي يحتاج اليه، اختار ابو وسن حبيبته وتزوجها دون ان يجد واياها أحدا يسألهما عن دينهما وملتهما، فلم يعد اعتناق الدين سوى امرا شخصيا لا اكراه فيه على الزوج او الزوجة، لاي سبب كان، في عالم فتحت امام الانسان كل سبل التعرف والاطلاع .

انها قصة حب عراقية المانية رائعة حدثت في المانيا، ترى متى سيعيش العراقيون قصص حب في بغداد، قصصا لا تعيقها هموم السكن والصحة والمعيشة، قصصا لا يفسدها اكراه انسان على رأي او دين او معتقد ؟

يليق بالالمان الاحتفال بعيد الحب كل يوم ..

يحق للالمان ان يفخروا انهم بشر ..

يحلم العراقي بيوم يعامل فيه مثل البشر .

  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1557 الثلاثاء 26/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم