أقلام حرة

المتعلمون وجرمهم بحق الامة في ثلاث صور / سلام جمعه المالكي

 ومن للشعوب كي يوجهها الوجهة الايجابية البناءة سوى العلماء وذوي الالباب؟ واذن فان فسد العالم فهل يجوز لوم المشتغلين بالسياسة ونهّازي الفرص؟

اود قبل طرح الفكرة استعراض ثلاثة صور بسيط شكلها عميق معانيها:

الصورة الاولى: بعد انقشاع غبرة الحرب عام 2003 والناس لمّا تلملم جراحاتها ولمّا تستفق من هول المفاجأة، وصار الاتفاق على الاستمرار بالدراسة في جامعات العراق، وجدت ان قد أزف وقت ممارسة الفعل الوطني بعيدا عما تعود عليه العرب من الهوسات والردح. دعوت طلبتي وكانو خليطا من فئات مظلومة احست بانزياح جبل الظلم، واخرى متوجسة مما قد يصيبها من انتقام بجريرة انتمائها لطيف مسك زمام الحكم الظالم لحقب طويلة رغم عدم اشتراكهم فيها، وثالثة كانت منتمية للنخاع لمؤسسات الحكم السابق حزبيا ووظيفيا مليئة بالحقد على كل جديد، كل اولئك دعوتهم لممارسة بناء مؤسستهم التعليمية من خلال المبادرة بشراء شيء صغير لصفهم الدراسي دون انتظار ان ينال ذلك الموضوع اهتمام السادة والسيدات "المسعولين"...و قد كانت المشاركة رائعة من قبل الجميع عندما لمسوا صدق النوايا.

الصورة الثانية: بعد سنوات من احداث 2003، وبعد ان تم تعديل رواتب الموظفين عامة والاساتذة الجامعيين على وجه الخصوص، قامت احدى الزميلات المخلصات والمتحمسات لممارسة الافعال بدل لّي الشفايف، بدعوة اساتذة قسمها الدراسي (ناف عددهم على اربعين) لجمع مبلغ بسيط لشراء برّاد ماء لاستخدامهم الخاص بدلا عن مياه الحنفية الحارة (ناهيكم عن نوعيتها) ممارسة لوطنية ومواطنة حقيقية وهم حملة مشعل العلم (او يفترض كونهم) مع عرض كتابة اسماءهم بلوحة شرف بغرض نشر الفعل الايجابي، لكن وللمفاجأة تنصل معظمهم بحجة انها مسئولية الدولة وسّن كثيرون السنتهم حدادا على فساد المفسدين وو وو....و كأن ليس واجبهم ضرب الامثولة الحسنة ولو لانفسهم.

الصورة الثالثة: في المدارس الحكومية في الولايات المتحدة الامريكية، معقل الفكر الرأسمالي الذي كرّست وسائل "التثقيف" القومية العروبية جلّ جهدها للنيل منه وتصويره على انه فكر لا قلب له يسحق في طريقه كل المبادئ الانسانية في التلاحم والتعاضد والشعور بالملكية العامة، يحدث في تلك المدارس ان المناسبات الاحتفالية العامة غالبا ما تمول من تبرعات اناس عاديين او من المدرسين انفسهم، (دون ان تحسب المدرسات والمدرسين حساب "غده الجهال" بعد الاحتفالية مما يمكن "لفلفته" من الاكل والمشروبات) دون ادنى ضغط  او مكافأة في حالتي الاشتراك او عدمها، فترى الاهالي والهيئة التدريسية فرحين مسرورين بمساهماتهم البسيطة سواء منها المادية او اللوجستية او التنظيمية.

و الان، ما الذي يمكن استنتاجه؟ أنا اعتقد ان لو توفر لجماهير الامة العراقية قادة فكر حقيقيين ذوي نوايا بناء غير مشوبة برغبة الهدم بدوافع الحقد او الحسد او الطمع، مسخّرين اقلامهم للتوعية ونشر الفكر الايجابي، لسارت تلك الجموع بالاتجاه الصحيح ولو طالت مسافاته. أما والحال ما هو عليه ايامنا هذي، حيث ينبري المتعلمون (و شتّان ما بين المتعلمين والمثقفين) لبري سهامهم (اقلامهم) مسمومة في المواقع الالكترونية وسواها، للنيل من هذا او ذاك حسب موقعه الرسمي، وهي وان طالت رموز الحكم اليوم فأنها (جازما) ستنحو باتجاه الشخوص القادمة لانها سهام جبلت على التذمر و القدح وبالتالي فانما هي معاول هدم لاخر نفس، فالى أين سيتجه شراع العراق؟ ماذا لو تعلمت تلك الفئة درس الصورة الثالثة، في ان الفعل انما يبدأ من القاعدة (غير قاعدة الطالبانيين) صعودا كيما تعم روح المساهمة الجماعية؟ وأن الوطن فعل وممارسة قبل ان يكون بئرا نغرف منه غرفة ونبول فيها (أجلّكم الله)، فمن لم يزرع شتلة في ارضه كيف له قطف الثمرات؟

اتقوا الله يا متعلمين فيما تكتبون، واعلموا ان الموت ملاقيكم في كل سكنة من سكناتكم وحينها ستجدون ما زرعتم من حقد وتحاسد وتباغض ماثلا امامكم، فان لم تعوا امثولة الاخرة فاتركوا لابناءكم على الاقل، سيرة يتفاخرون بها في وطن سليم صحيح.

 

أ.م.د. سلام جمعه المالكي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1570 الأثنين 08 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم