أقلام حرة

أمام المشرعين .. نعم لقانون يحمي المغفلين وغير المغفلين / نبيل قرياقوس

طالما كنت اسمع هذه المقولة، أحس بان هناك ما يدفعني للاعتراض عليها، هذه المقولة التي يتداولها الناس وكأنها حكمة ! وها قد جاءت اللحظة المناسبة ولأقول :

1. القانون في مجتمع ما، يفترض به أن يحمي الجميع، والحماية يقصد بها السماح لأي إنسان أن يأخذ ما له وان يدفع ما عليه، لذا فان استثناء أي إنسان من حماية القانون، مغفلا كان أم محتالا، ذكيا أم غبيا يعد أمرا مريبا .

2. اغلب الظن ان هذه المقولة تطلق حينما تكون الدولة طرفا في قضية ما مع مواطن كأن يحمل غرامات أو تبعات مالية أو حتى عقوبة سجن بسبب وضع او عمل ارتكبه مع عدم علمه بوجود أنظمة او تشريعات تفرض تلك العقوبات، وربما العكس فقد تكون القضية هي خسارة المواطن لحقوق له على الدولة مادية كانت او اعتبارية لعدم علمه بوجودها او عدم درايته بوقت او كيفية حصوله عليها، وفي كلتا الحالتين يكون المواطن مغبونا! بتشريعات لا يفسر وضعها الا بكونها مقرة من قبل مشرعين منحازين لأجهزة الدولة على حساب المواطن كي يضمنوا ان يكون طرف الدولة هو الرابح دائما، وهذا منطق لا يتماشى ومبدأ العدالة الذي لا انحياز فيه لأي طرف .

3. (الغفلة) وتبعاتها تصلح منطقيا في حالات معروفة من المنافسة والصراعات بين طرفين او أكثر، كأن تكون في الألعاب الرياضية او المنافسات الاجتماعية والسياسية او الحروب حيث لابد من وجود طرف رابح وطرف خاسر، وهذا هو الشيء الغير مطلوب في (القانون) الذي يسن لينظم واجبات وحقوق الجميع دون رابح وخاسر فالكل لا يدفع ولا يأخذ أكثر من حقه .

4. اذا كان هناك من يظن إن هذه المقولة قيلت لحالات تحصل بين المواطنين، فأنظمة الدولة وقوانينها يجب أن تكون بحبكة ودقة تنصف أي مواطن يقع في شرك المحتالين .

5.إنها دعوة لكل مشرعينا الأكفاء للاستفادة من النظم العالمية المتطورة لإعادة تشريع نظم وقوانين في بلدنا، بمنطق وشجاعة تظمن وجوب معرفة المواطن المسبقة لأي تبعات عليه (شخصيا) قبل وقوع الحدث وإلا فهو معفا من أي منها، وكذا قوانين تضمن وجوب أجبار مؤسسات الدولة على ملاحقة المواطن ودعوته شخصيا لتخييره بأخذ حقه وتسهيل مهمته وإلا فالدولة تتحمل عقوبات وتبعات يجب تحديدها بوضوح .

نحن بانتظار أقلام القانونيين لنستنير بحلولهم، مثلما نحن سنرصد اهتمام الدوائر المختصة في وزارة العدل وكذا الدوائر القانونية في جميع وزارات ومرافق الدولة في العراق وجميع الدول العربية، فما نطرحه هو اكبر بكثير عما يسمى بـ (مقولة)، ما نطرحه هو المدخل القانوني لبدء الإصلاح الإداري ومكافحة احد أوجه إرهاب الفساد الوظيفي .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1573 الخميس 11 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم