أقلام حرة

التيار الديمقراطي ينهض من جديد ... !/ بشار قفطان

وكنا لانفرق في هوية الانتماء لتلك الإذاعات المعبرة بطبيعة الحال عن وجهات نظر وأراء ومبادئ القائمين عليها .. وكان جميع خطاباتها شبه موحد من حيث الهدف، هو بناء عراق ما بعد الدكتاتورية، واختلطت في أذهاننا تلك الأهداف وخصوصا بناء نظام ديمقراطي، وصارت القناعة لمعظم أبناء الشعب بعد زوال النظام أمام تلك القوى إلا وحدتها على برنامج مشترك للنهوض بالبلاد، وبأبناءالشعب، وتعويضهم عن عقود الاضطهاد والقهر التي كان ثمنها غاليا على الجميع .

ان معظم تلك القوى والأحزاب والحركات قد شكلت لجان للعمل والتنسيق المشترك فيما بينها خصوصا في سوريا والمملكة المتحدة وبعض البلدان الاوربيه، ومنها من ساهم في حمل السلاح ومقارعة النظام في كردستان، ومناطق أخرى من الأراضي العراقية،

وكانت تلك بارقة أمل في سرعة اتفاقها على برنامج وطني مشترك، والتخلص من عقدة الفرقة، و نبذ الخلافات والصراعات فيما بينها، مستفيدين من دروس وعبر تسلط النظام الدكتاتوري الشمولي ونجاحه بالانفراد وتصفية رموز تلك الأحزاب والحركات نتيجة فرقتها .

في مطلع نيسان 2003 تم إزاحة النظام بتحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها، وبعمليات عسكرية كلفت شعبنا الخسائر البشرية والاقتصادية . وقد عارضت تلك المهمة بعض قوى التيار الديمقراطي عندما رفعت شعارا واقعيا

 (لا .. للحرب .. ولا للدكتاتورية)،

وكان أمل جماهير الشعب تتطلع إلى عقد مؤتمر موسع لكل قوى المعارضة للنظام الدكتاتوري بعد رحيله للخروج بالبلد من أزمته المعقدة، من التي تركها النظام السابق،

 وما أفرزته الحرب، والعمليات العسكرية التي أسقطت النظام .. لكن حلاوة كرسي السلطة والانفراد بها جعلت التشرذم والانقسام هو الحل الأمثل والطاغي في أوساط عديدة من القوى الوطنية والديمقراطية والذي تعددت منابره وتشكيلاته على الساحة العراقية وكل صار يغني على ليلاه،التيار الديمقراطي ذو القاعدة العريضة التي كانت تملا الساحة العراقية برموز أحزابها الوطنية حتى سبعينات القرن الماضي كان حضوره ضعيفا، كما ذكرنا في مكان سابق بسب الانفراد به والضربات الموجعة التي وجهت الى قياداته وقواعده من قبل أجهزة النظام السابق، جعلت من الصعب بقائه متماسكا، وقوة تأثير النفوذ الديني، و نقص الوعي  وتضليل البسطاء على أن الديمقراطية تعني الفساد وحلحلة المجتمع، والعلمانية هي الكفر بعينه أضافتْ تعقيدا أخر إلى نهوضه واستعادة عافيته السريعة .

 

 في وسط تلك الأجواء بقى التيار ينهض بأعبائه بشكل بطيء حيث تمكن من القيام ببعض الفعاليات الجماهيرية وان كانت محدودة فأنها كانت لها مدلولاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث أكدت على وجوده واستيعابه لمرحلة ما بعد انهيار النظام الدكتاتوري وطبيعة القوة التي أسقطته من جهة، ومن الجهة الأخرى القوى التي استثمرت طريقة إسقاطه. تلك الفعاليات استطاعت من التفاف قوى جديدة من حوله وهي بلا شك ستعيد له عافيته ونفوذه من جديد، كل من يؤمن ببناء نظام ديمقراطي في البلد عِبر بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية والاستمرار بمشاركة الشرائح الكادحة في تفعيل دورها وتبني مطالبها عبر القيام ببعض الفعاليات الجماهيرية والاعتصامات والتظاهرات وتقديم المذكرات التي تطالب بالمبادرة من اجل تنفيذ الوعود التي قطعتها على نفسها القوى والكتل التي استطاعت الوصول الى قبة البرلمان . وسرعة بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية، وإصدار القوانين والتشريعات المرحلة من البرلمان السابق .

وبالرغم من عدم التئام جميع قوى التيار الديمقراطي في قائمة موحدة لخوض الانتخابات الأخيرة الذي ألفى بنتائجه السلبية من عدم حصوله على استحقاقه في الانتخابات التي جرت مطلع اذار 2010 . جعل بعض أطرافه يكثفون من اللقاءات والتشاور من اجل النهوض بأعبائهم، في مواجهة انحسار تأثيرهم على الواقع السياسي والتجربة التي يمر بها البلد

 

ان اللقاءات المستمرة والمشاورات بين بعض قوى التيار وانعكاس تلك اللقاءات وتنسيق العمل فيما بينها في معظم المحافظات العراقية يعتبر مؤشر على الطريق الصحيح في وحدة قواه ضمن برنامج وطني تلتزم قواعد التيار بتنفيذه في تلك المحافظات . وهناك نقلة نوعية يمكن الإشارة إليها وهو عقد المؤتمرات لقوى التيار في اغلب المحافظات التي شهدت التنسيق بين القوى المتواجدة على الساحة السياسية في تلك المدن . ان عقد المؤتمرات تكتسب أهمية خاصة، ولكن الأهم من ذلك هو التطبيق الخلاق لتلك التوصيات والقرارات التي خرج او يخرج منها المؤتمرون. ان من الوسائل المهمة لتنشيط عمل التيار هو الإعلام الوطني الحر من خلال النشرات الدورية، التي تعني بالأنشطة المتنوعة لقوى التيار في تبني مشاكل الجماهير وإيصالها الى الجهات المسؤوله، والقيام بفعاليات نوعية من اجل توفير الخدمات واستقرار الأمن . وتشغيل العاطلين عن العمل والاهتمام بالإنتاج المحلي من الصناعة الوطنية ودعمها، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية في مختلف الميادين كالصناعة والزراعة . وهناك العديد من الاستحقاقات التي تنتظر دور التيار الوطني في تبنيها، البطاقة التموينية ومصيرها، المتقاعدون الى اين تسير اوضاعهم الاجتماعية، الارامل والايتام، المراة والواقع الذي تعيشه وخاصة المرأة الريفية، وهذا يتطلب قيام شبكة من الاتصالات والمعلومات التي تضطلع بها اللجان التي تنبثق عن تلك المؤتمرات .

تعزيز العلاقات الكفاحية بين القاعدة الجماهيرية لقوى التنسيق وإبقاء الباب مفتوح أمام الحركات والأحزاب التي تتفق مع برنامج التيار الديمقراطي وتطوير فاعليته،

الاستمرار في عقد الاجتماعات الدورية لأعضاء التيار، وأخيرا وليس أخرا تعزيز علاقات التعاون وتلك الفعاليات في الاقضية والنواحي والقرى والأرياف. والنهوض بالتوعية خصوصا بين الفلاحين والمرأة اللذان يشكلان قاعدة واسعة من ابناء شعبنا .

هذه بعض النقاط التي يمكن إن تعزز دور التيار الديمقراطي في اعادة دوره الفاعل على الساحة العراقية وتعزيز بناء الدولة المدنية المنشودة .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1577 الاثنين 15 /11 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم