أقلام حرة

الاستقلالية في التعامل مع الاحداث تضمن النجاح للعملية السياسية في العراق / عماد علي

والتي كان من الممكن ان يتم ماجرى خلال فترة قصيرة لو اجتمعت القوى الخيرة على ما يهم الشعب العراقي فقط، الا ان المصالح والطموحات الكبيرة والمزيد من المتطلبات وعدم تقييم الذات وما هي عليه كل جهة، كانت دائما العائق الاكبر داخليا وثقلت الخطوات يوما بعد اخر، ولكن لم نتاكد لحد اليوم انها نضجت تماما ام تشير بداية نهاية هذه العملية الماراثونية الى مستقبل غير مؤمٌن ايضا مما يبعث التشاؤم كما هو العادة في الصراع السياسي العراقي، وهذا ما توضحه لنا المناورات الشرعية وغير الشرعية التي جرت لوصول الى الاهداف المرسومة من قبل جهات معينة مما تبعث الحزن العميق للخيرين، والتي تراكمت هي الاخرى على المسببات والعوامل السابقة الاخرى لترسيخ انعدام الثقة بشكل كبير بين الجهات والتي تبقى اثارها محبطة في المستقبل القريب.

من اهم واكبر العوامل المسببة لتلك الافعال هو الحسابات الكثيرة والرهان على الدعائم الخارجية وكأن الجهات الخارجية تتعامل مع القضية والجهات بشكل مجرد بعيدا عن حساباتها ومصالحها، وهذا ما يؤكد مدى سذاجة الاطراف الداخلية وللاسف الكبرى منها ايضا المرتبطة بالاوامر الخارجية، وهذا ما يثير اشمئزاز الشعب العراقي وفي مقدمتهم الطبقة الفقيرة المعدومة التي هي المتضررة قبل الاخرين من هذا القلق الدائم من عدم الاستقرار، وهذا ما يؤدي ايضا الى تجسيد انعدام الاستقلالية في التفكير والتعامل والمواقف والقرارات الحساسة تجاه المسائل والطواريء التي تحدث خلال مسيرة العملية السياسية.

لقد مضت فترة عصيبة، ولكن من المفرح انها مرت الى حد ما بسلام وضمن نطاق واطار العملية الديموقراطية رغم ما شابتها من الانفجارات الدموية التي استخدمت كاداة للضغوطات التي مورست بين الجهات وكتكتيكات جديدة في هذا المضمار ايضا، وهذا ما تدلنا على مدى ضييق الطريق امام تنفيذ المخططات الخارجية والتي من الممكن غلقها نهائيا لو تكاتف الجميع لسد الثغرات الصغيرة التي يمكن ردمها بسهولة مستقبلا.

 ان ما افرزته الصراعات مابعد الانتخابات في النهاية يؤكد للجميع بان الاعتماد على القوة الذاتية دون التعويل على الاحد مهما كان موقعه وقوته خارجيا ومقرونا بالاستقلالية في التعامل مع الاخرين بحرية واستنادا على الثقة بالنفس، انه سيثمر في النهاية جيدا كما نرى خلال متابعة ما يجري على الساحة السياسية وبعيون متفحصة دقيقةو حيادية، ويعتبر ما يجري درسا مهما لكافة القوى من اجل ضمان التاييد الشعبي وتوسيع الجماهيرية لها ان كانت تريد الاعتماد على النفس اكثر من انتظار ما تقدم عليه الايدي الخارجية الساندة لها في توفير ما تطمح اليه من الداخل .

اننا على اليقين، انه وبالاعتماد على قوى اخرى يمكن تامين المستلزمات المادية لادامة الذات والتنافس نوعاما والصراع مع الاخرين حسب هوى العرابين واصحاب المصالح التي يعتمدون عليه، الا ان الكلمة الاخيرة لنسبة التاييد والدعم الداخلي مع الحسابات الدقيقة هي الحاسمة في تصفية الصراعات السياسية الكبرى.

ان اولى الدروس واكبرها في نهاية المطاف لهذه العملية السياسية العراقية التي طالت مدتها وخرجت عن النطاق المعقول لها ونزفت امكانيات الشعب، هو الالتفات الى الفرد العراقي وتامين مستلزماته من اجل ضمان يوم الحساب وهو الانتخابات العامة على الاقل ان لم يهتموا بالشعب من اجل الشعب، وعليهم عدم الافراط بهذه القوة المضمونة والضامنة الحقيقية الاصيلة لكل الاطراف من اجل ضمان النجاح، وهذا ما يفرض الاستقلالية في التوجه والسياسة للجهات واعادة الحسابات بشكل ادق، وهذه من فضائل الديموقراطية التي لا تتوقف عند حد معين بل تتكرر ما يمكن ان يعيد التوازن الى الامور.

و بهذا، يمكن ان نستهل مرحلة جديدة بسمات ومضامين نافعة مستندة على العبر والدروس السابقة، وحينئذ يمكن اعادة الامور بشكل افضل الى نصابها وتنظيم العملية الديموقراطية وتسيير العملية السياسية والاستناد على ما يطرحه ويفرضه الداخل العراقي فقط، وهذا ما يمكن ان يكون مبشرا لمستقبل زاهر ان لم نعد خطوات مرة اخرة بفعل النرجسية والتركة الثقافية التاريخية من حب الذات وما يمكن الاعتماد عليها من السمات في الشخصية العراقية وما تفرضه معطيات الوضع الاجتماعي والسمات الاخلاقية التي يتمتع بها المجتمع العراقي .

الاستقلالية في التاسيس والقرار والمواقف لاية جهة كانت هي الداعم الرئيسي الهام لنجاحها، مع وجود شيء من الواقعية في النظرة الى الامور وفي ظل نظام قوي مؤسساتي مرتكز على الاعمدة الهامة من اعلاء القانون والحرية في التعبير والسلوك والديموقراطية في الاعتقاد والايمان والنظرة الى الاخر مع التفاهم والتوافق بين الجهات، لنرى ما يخبئه لنا الزمن وما تفرزه الايام الاتية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1578 الثلاثاء 16 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم