أقلام حرة

أول الغيث قطر....... / جواد وادي

الفوضى السياسية والأمنية وما يحيط بهما من خدمات وفرص عمل وتفكك في الوضع العراقي برمته، فجاءت المبادرة الحلوة وانفكت الجبسة واستبشر الناس خيرا واغتباطا وخرج المهضومون عسى ولعل  أبواب الفرج قد بانت حتى وإن  كانت نصف مفتوحة لتشكل انتقالة باتجاه فك اشتباكات المشاكل العويصة.

كل العراقيين يريدون السلام والأمن والخير والطمأنينة والرفاه وعليه فهم يريدون من كل الكتل والأحزاب والأفراد والمتناطحين أن ينقوا الأجواء ويفتحوا قلوبهم وصدورهم وحتى أكبادهم بعضهم صوب البعض الأخر لتعود بالخير والنفع العميم على جميع العراقيين آمين يا رب العالمين.

ويبقى الرأس وما فيه والقلب وما يضمر والنوايا وما تختزن والتربية وما تقود صاحبها خصوصا إذا كانت هذه التربية حقنة تلقيح هائلة المفعول قد تلازم صاحبها حتى  قيره تيمنا بالقول المأثور: لا يغير ما في الأبدان إلا الأكفان.

وعليه وبناء على ما تقدم يمكننا القول أن من ينطبق عليهم هذا التوصيف وهذه البلية هم البعثيون ودون أن نظلم أحدا، علما إنهم هم من يظلمون أنفسهم، نحيل القارئ للتاريخ ليتبين هو بنفسه أن ما ذهبنا إليه هو الصحيح والقرائن بإمكانها أن تملا خزائن  دولة كورسيكا والهندوراس بعد ان أثقلت خزائن الشقيقة قطر.

كنت أنا ابن الرابعة عشر حين رأيت بأم عيني كيف كان الحرس القومي يعيث فسادا وفتكا وقتلا واغتصابا بحياة وأعراض الناس وخصوصا العراقيات، ولا زال خدي الهشيش يرتجف كلما تذكرت تلك المرحلة وذلك (الراشدي) الكف المخيف من لدن معلمي احد أعضاء هذا الحرس الجيفة وكان اسمه وصفي، إذ ما أن علم بان آخي معتقل في نقرة السلمان عالجني بصفعة مدوية أقعدتني في الفراش أكثر من عشرة أيام  دون ان تتحرك فيه ذرة من ضمير أو مشاعر إنسانية لصفع طفل لا ذنب له سوى انه حمله مسؤولية انتماء أخيه للحزب الشيوعي وبتلك الطريقة المتوحشة، وهذا مثل بسيط من مئات الآلاف من أفعال تلك الشرذمة والحشرات القذرة.

وقبلها يعرف القاصي والداني ماذا فعل البعثيون بالحركة الوطنية وبالحكم الوطني في العراق وكم كالوا المؤامرات تلو الأخرى فقط لبث الفوضى وخلق حالة من الإرباك والهلع وسط الناس لإشباع نوازع الحقد في نفوسهم، لنصل إلى ما بعد عام 1968 وما ارتكبوه من خراب وكوارث حتى زحفت الإبادة إليهم وعلى أيدي رفاق الأمس لنصل بقطارنا لمحطات الحكم البعثي إلى سقوط الصنم وما رافقته من أحداث ودروس وعبر ولكن هل ارتدع البعثيون وهل استفادوا مما حصل وهل قرءوا المشهد السياسي بعقلانية التوازن النفسي والجسدي والذهني. لا ..مطلقا... بل استشرت حالاتهم المرضية وعادوا أكثر عدوانية ورغبة بالفتك بالآخر ونشر الخراب وهو ذات الديدن ونفس السلوكات التي عانى منها الجميع ولعلهم هم أنفسهم من قاسى من ذات الأفعال البربرية ولكنهم يفعلونها بطيب خاطر وراحة ضمير إن بقوا يحتكمون على ضمائر.

نصل الى محطتنا اليوم لنوجه البوصلة صوب بقايا هذه المخلوقات ونطرح ذات السؤال المكرور. عل استفاد البعثيون من التطورات والهزات والزلازل التي وقعت ليراجعوا انفسهم وملفاتهم وينفتحوا على انفسهم والاخر ممن يغليرهم الراي والموقف؟

نتمنى صادقين ذلك وكم يسعدنا ان نرى يوما بعثيا يخرج علينا عبر وسائل الاعلام ويقرا علينا بيانا يدين فيه كل ما مر من تجاوزات ويعترف بالاخطاء ويطلب السماح من الضحايا وذويهم ويفتح منلفذ جديدة من العلاقات الانسانية مع كل العراقيين بشتى مللهم وانتماءاتهم.

نسال العلي القدير ان يحقق رغباتنا هذه ونشهد اليوم الذي يتحقق فيه هذا الامل.

انما كلما خطونا خطوة واحدة نحو افق جديد من الانفتاح يدفعنا الاخرون من ذات العينات عشرة ياردات بالتمام والكمال بسبب تصريحاتهم وعنادهم وانغلاق كحوفة ادمغتهم.

ونحن نعيش على امل واهي نتذكر ما قاله وفعله وصرح به نفر من البعثيين كونهم يتفاخرون بانتمائهم للحزب الفاشي رغم كل ما حصل.

بهذا هل نحن نظلمهم آم هم من يظلمون أنفسهم؟ ورغم أننا أتخمنا هذا الموضوع إيلاما وحزنا لما جرى فلا بأس من التذكير المستمر لان ما حدث في العراق من مظالم حالة قد لا تكون قد حدثت وتحدث في تاريخ البشرية.

طيب..... ونحن نشاهد احتفالية التنصيب جاءت كلمة السيد رئيس البرلمان أسامة النجيفي غائمة ومغبرة ولا لون لها ولا بوصلة، فهو لم يتطرق إلى الإرهاب ولم يدينه ولم يتناول ولو من باب الإنصاف كلمة نقد واحدة للنظام البائد الفاسد ونستشف منه عنجهية واعتداد مغالي في النفس رغم أنني لا اعرف الرجل ولا ماضيه ولا يمكن أن أوجه له اتهام ولا كلمة تأنيب إنما ما نويت قوله هو مجرد ملاحظات يمكن لأي مراقب بقراءة الناس سايكولوجيا مع تجربة أربعة عقود في هذا المضمار، أن يلاحظ هذه الإمارات على السيد النجيفي وهو يفتتح الجلسة البرلمانية بعد أن أصبح رئيس ممثلي الأمة.

أليس من حقنا نحن ضحايا القمع البعثي الفاشي أن نحترس ونأخذ حذرنا لئلا نستيقظ يوما ويفاجئونا السيّافون البعثيون بجز رقابنا التي ما عادت كرقاب البشر من شدة الهلع بأنها معرضة للحصاد البعثي في أية لحظة.

نأمل أن لا يكون خوفنا واقع حال بحيث يكون هذا التقارب مجرد أول الغيث ومن ثم تأتي المفاجئات ويسقط غيث الموت ثانية مدرارا حيث لا ينفع اللطم ونندب حظنا عندها لنقول (لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي).

اللهم بيض القلوب ونقي النوايا

الحذر مطلوب وواجب لان المرء العاقل لا يلدغ من جحر للمرة العاشرة.

خاتمة القول وبقلب مفتوح ونية صادقة أدعو الكل إلى التصالح والتراضي والمحبة ونسيان ما جرى مع محاسبة القتلة والمجرمين لان الاحتراب لا طائل من ورائه ولا يقود لأية نتيجة ومن شانه أن يبقي البلد ومواطنيه تحت رحمة الموت والخراب والكوارث والكل خاسر لان الرابح هو من ينزل من برجه العاجي ويعيش وسط المسحوقين ويشعر بمعاناتهم ويترك السلطة في المقام العاشر لان الكرسي زائل والسلطة مغادرة والبشر راحلون هذا الخطاب لذوي الرجاحة والعقل أما المخبولون فلهم حكاية أخرى. والهداية الهداية لأجل العراق وأمنه ورخاء شعبه يا أصحاب الريادة والسيادة أكرمكم الله بسلوك طريق الصواب وكفاكم حقدا وغلا ورغبة في تغييب أحدكم للآخر.

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1578 الثلاثاء 16 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم