أقلام حرة

علامات المسئول الفاسد!

قُدم للقضاء وهو في وظيفته، حتى اختلط الحابل بالنابل، وأخذنا نشك بجميع المسئولين، كبارهم وصغارهم، ونتهمهم بالفساد المالي والإداري، فمن هو المتهم، ومن هو البريء، وكيف لنا أن نعرف المسئول الفاسد من غير الفاسد، ؟".

هل المسئول الذي يتحدث عن النزاهة والشفافية هو المسئول الصالح، والمسئول الذي لا يتحدث عن النزاهة هو المسئول الفاسد؟ هل المسئول الذي يتحدث في وسائل الإعلام ليل نهار، ويتهم المسئولين الآخرين هو المسئول الصالح، والمسئول الذي لا يتحدث لوسائل الإعلام هو المسئول الفاسد؟

 

هل المسئول الذي يتردد على الجوامع والحسينيات هو المسئول الصالح، والمسئول الذي لا يصلي هو المسئول الفاسد؟ هل المسئول المسلم هو المسئول الصالح والمسئول غير المسلم هو المسئول الفاسد؟ هل من يطلق لحيته هو المسئول الصالح، ومن يحلق حليته هو المسئول الفاسد؟

 

هل المسئول الشيعي هو المسئول الصالح، والمسئول غير الشيعي هو المسئول الفاسد؟ هل المسئول السني هو المسئول الصالح والمسئول غير السني هو المسئول الفاسد؟ هل المسئول الكردي هو المسئول الصالح  والمسئول غير الكردي هو المسئول الفاسد؟ هل المسئول التركماني هو المسئول الصالح، وغير التركماني هو المسئول الفاسد؟.

 

هل المسئول الذي ينتمي إلى حزب "إسلامي" هو المسئول الصالح،  والمسئول الذي لا ينتمي إلى حزب "إسلامي" هو المسئول الفاسد؟ هل المسئول الذي ينتمي إلى حزب "علماني" هو المسئول الصالح والمسئول الذي لا ينتمي إلى العلمانية هو المسئول الفاسد؟ هل المسئول "المستقل" هو المسئول الصالح، والمسئول "غير المستقل" هو المسئول الفاسد؟

 

هل كل من في الحكومة اليوم هو مسئول فاسد، وكل من يتهم الحكومة ويعارضها سليما هو الإنسان الصالح؟ هل المسئول الذي كان يعيش في الخارج هو المسئول الصالح، والمسئول الذي كان يعيش في العراق قبل 2003 هو المسئول الفاسد، أم أن المسئول الذي كان يعيش في الخارج قبل 2003 هو المسئول الفاسد، والمسئول الذي كان يعيش في الداخل هو المسئول الصالح؟.

 

فقلت له: الحديث عن الفساد والمفسدين في دوائر الدولة العراقية أصبح حديثا متواترا، وهو محل اعتراف كبار المسئولين العراقيين والمؤسسات الدولية الحكومية وغير الحكومية المعنية بالشأن العراقي، فهو يتعدى نطاق الأفراد والجماعات البسيطة، إلى دوائر البلديات والمديريات، وإلى وحدات الشرطة والجيش، وإلى المؤسسات الوطنية والإقليمية والعالمية، ليبلغ ذروته داخل أروقة الوزارات العراقية على أيدي كبار الموظفين البارعين في عمليات السطو والنهب والاختلاس واستغلال الوظيفة، وإلى مؤسسات المجتمع "المدني" والمنظمات والأحزاب والشخصيات السياسية.

ولكن متى كانت المسائل تقاس بهذه الطريقة، ومتى كان التعميم مجديا ومفيدا؟  قضية الفساد في العراق ليست كذلك؛ فهي لا ترتبط بطول أو قصر هذا المسئول أو ذاك، ولا بكون المسئول من هذه المحافظة أو تلك، ولا بكونه شيعي أو سني، ولا بكونه عربي أو كردي، ولا بكونه مسلم أو غير مسلم، ولا بكونه من هذا الحزب أو ذاك، ولا بكونه مستقل أو غير مستقل، كما انه ليس بالضرورة أن يكون كل مسئول في الدولة فاسد، وليس بالضرورة أن يكون كل مسئول غير فاسد، فهناك المسئول الفاسد وهناك من يتمتع بأعلى درجات الصالح، فالتعميم إذن ليس صحيحا!.

 

فقال لي: أليس للصالح والفاسد علامات؟ فقلت: بلا. فقال: إذن ما هي علامات المسئول الفاسد، لكي نعرفها، فنقول هذا المسئول صالح، وذاك المسئول فاسد؟

 

فقلت له: إذا رأيت مسئولا يكذب فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يتحدث بوجهين أو أكثر فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يرتشي فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يختلس فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يتلاعب بالمال العام لمصلحة المقربين منه فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يدافع عن مسئول فاسد فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يهدي هدايا للمسئولين فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يرسل للحج مسئولين كانوا قد ذهبوا للحج مرارا فهو مسئول فاسد.

 

وإذا رأيت مسئولا يهمل طلبات المواطنين دون أن يرد عليهم بالإيجاب أو السلب فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يعامل المواطنين المراجعين بخشونة وقسوة فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يميز بين المواطنين في تعامله فينجز معاملة هذا المراجع ويؤخر معاملة ذلك المراجع فهو مسئول فاسد، وإذا رأيت مسئولا يعطل تطبيق القوانين ونفاذها فهو مسئول فاسد. وإذا رأيت مسئولا يضع يده في يد أعداء البلد فهو مسئول فاسد.

 

جميل عودة

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1087  الثلاثاء 23/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم