أقلام حرة

ذكاء (قرود) العولمة / حميد الحريزي

استطاع هذا النساج إن يستغل نزعة الغرور هذه ليعرض للإمبراطور عن قدرته على نسج رداء من خيوط الذهب الخالص لا كان ولا يكون مثله ولم يرتديه أو يحلم بمثله لآمن الغابرين ولا القادمين من ملوك وسلاطين الزمان حيث يتميز هذا الرداء بميزة فريدة فلا يمكن أن يراه إلا الأذكياء.

فاستجاب الإمبراطور لكل طلبات النساج من خيوط الذهب والخدم والجواري فاعتزل له من القصر جناح وبدء بالنسج كأمهر نساج يعمل ليل نهار.

في يوم مشهود اصطف الوزراء وقادة الجيش والأمراء ليشهدوا إمبراطورهم بردائه المعجزة حيث اطل على الميدان وسط الحرس والخدم والجواري والغلمان وقد امسك وزير الميمنة ووزير الميسرة بطرفي الرداء المزعوم فسار الإمبراطور مزهوا مفاخر الملوك والسلاطين من الروم والفرس وفي الهند والصين متميزا عليهم أجمعين .فدوت هتافات الانبهار والإعجاب من الحاشية والوزراء والحجاب حتى انكشف الستر وبان زيف رداء التبر فجاء كلام الصدق على لسان طفل صغير ساخرا وفاضحا عري وقبح جسد الإمبراطور الحقير وكان ما كان وفاز الشعب بالصدق والفطنة وكسب الرهان ومرغ بالمهانة وجه السلطان.

إنما نروي هذه الرواية لنكون على بينة من ما يدعي (قرود) العولمة من بطانة وزبانية وتبع الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة وهم يهللون ويكبرون ويمجدون مذهولين أمام الديمقراطية الأمريكية رداء الرأسمالية المتوحشة البشع والمنسوج بخيوط خيالهم المريض هذا الرداء الذي لا يمكن أن يراه إلا ذكي وفطن ومتحضر ومتطور وهي أوصاف لا تنطبق إلا عليهم (قرود العولمة)، ومن لا يراه فهو لابد أن يكون من فصيل المتخلفين والجهلاء وغير المتطورين من بقايا اليساريين والقوميين والوطنيين الأحرار...و...وممن حال غباؤهم دون مشاهدة رداء الإمبراطور بوش!!!!

فهاهم الأذكياء يسيرون خلف الإمبراطور إلا ألإمبراطور الأمريكي رافعين أطراف ديمقراطيته الذهبية محمولين على ظهور البوارج والطائرات والدبابات ومئات الآلاف من الجنود والحشود وسط انفجارات القنابل ونيران الحرائق وتناثر أشلاء الموتى ينثرها جنود الزفة الديمقراطية الأمريكية كما تنثر الحلوى فوق رؤوس العرائس.

بعد كل هذا الوصف فما أغبى من لا يرى ولا يستمتع بجمال وكمال ومهابة وبريق رداء الديمقراطية الأمريكية المعجزة وإمبراطورها العظيم بوش العظيم؟؟؟؟!!!

إلا يرون كيف عمر وحرر هيروشيما وفيتنام وجمهوريات الموز وكوريا وشيلي والعراق وأفغانستان والصومال وافريقا الأدغال،  وهاهو يسعى ليجعل من العراق ثلاث دول بدل دولة واحدة فالعراقيين يستحقون أكثر من دولة ديمقراطية !!! (وإذا أعطيت فأكرم)!!!

وكل دولة لاما نع أن تتشظى إلى دويلات تمشيا مع عدد الشيوخ والمراجع والو لاءات والعصابات والمافيات وهذا ينسجم مع الديمقراطية المشهودة ودول الرفاه الموعودة وقدوتنا في ذلك دولة الإمارات(صلوات)؟؟؟!!!

وينثر عليهم دولارات البترول بالعدل والإنصاف كما وزعت كلابهم السود الرصاص على العراقيين العزل،  بالعدل في ساحة النسور،  متحملة شركاته بدافع إنساني طبعا ولوجه الديمقراطية... مصاريف استخراجه وتسويقه بدلا عنهم فما اسعد العراقيين بهذه الديمقراطية المعجزة.!!!

فليرقص (قرود) العولمة في العراق وغيره فأنهم خير من يرى ويصف ويبتهج برداء إمبراطورة العصر أمريكا المال والاستغلال والوحشية والاحتلال!!!!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1579 الاربعاء 17 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم