أقلام حرة

درء الفساد بظلم المواطنين !

 بحملة تواقيع لاستجواب وزراء آخرين على خلفية اخفاق وزاراتهم في عملها او لتهم بالفساد المالي، وقد وجد السيد رئيس الوزراء المالكي ان هناك من يستغل الدور الرقابي لمجلس النواب لاقالة عدد لايستهان به من اعضاء حكومته من الوزراء بهدف اضعافه والدعوة لسحب الثقة من الحكومة وبالتالي اسقاطه الامر الذي اضطره الى التهديد بفتح ملفات الفساد في وزارات الكتل السياسية الاخرى المشاركة في الحكومة على اساس انهم يستهدفون وزراء حزبه بالدرجة الاولى وكأن مايجري هو تصفيات سياسية، بمعنى ان في الموضوع مؤامرة وان ظهرت للملأ على انها ثورة ضد الفساد والفاسدين .

 

لقد كشفت قضية الفساد في وزارة التجارة هدرا كبيرا في المال العام عن طريق الحصة التموينية التي شهدت تعثرا واضحا فضلا عن غياب العديد من مفرداتها عن سلة غذاء المواطن بسبب القطط السمان في الوزارة المذكورة، ومن المؤكد ان الاخوة في الامانة العامة لمجلس الوزراء وجدوا ان قيمة المبالغ المهدورة بالمليارات من الدنانير وربما من الدولارات لابد من تعويضها بفكرة شيطانية خبيثة مفادها حجب الحصة التموينية عن ذوي الدخل المحدود بوصفهم الحلقة الاضعف بين موظفي الدولة وتحديدا اولئك الذين يتقاضون راتبا شهريا يزيد عن مليون ونصف المليون دينار وليس دولارا، فاصحاب الاوراق الخضر غير مشمولين بمثل هذه الافكار التي تجد طريقها في الأخير لتكون سيفا على رقاب المستضعفين من ابناء الشعب يسمونها هم قرارات ولكنها احكام جائرة .

 

ولنناقش صاحب هذا المقترح الخبيث بواقعية كونه يعيش في برج عاج يسمى (المنطقة الخضراء) لكونها الموقع الاكثر تداولا وتعاملا بالدولار الورقة الخضراء التي احرقت العراق والعراقيين، فنسأل ماذا يفعل الموظف الذي يتقاضى راتبا مابين مليون ونصف ومليوني دينار على سبيل المثال؟ سيذهب جزء منه لايجار داره، اذ ان غالبية موظفي الدولة يسكنون بالايجار او بدور حكومية، بمعنى ان غالبيتهم لايملكون دورا، ثم يدفع جزءا منه لصاحب المولدة الاهلية وجزءا منه لتغطية مصاريف اولاده طلبة المدارس وجزءا منه لتغطية مصاريف الغذاء لسد النقص الحاصل في الحصة التموينية التي لم تصله كسائر المواطنين كاملة منذ سقوط النظام وحتى يومنا هذا، اما نفقات الاطباء والادوية واجور النقل و..و ..، كل هذه التفاصيل وغيرها لاتشغل بال صاحب المقترح الذي اشرنا اليه، لكونه يتمتع بامتيازات ذوي المناصب الرفيعة في المنطقة الخضراء ولايهمه ان صوب قذيفته هذه فاصابت عائلة عراقية مصدر رزقها الوحيد هو الراتب الشهري .

 

ان توفير التخصيصات وتحسين مفردات البطاقة التموينية لايتم بهذه الطريقة الظالمة على حساب الحاق الاذى بعائلات عراقية أخرى، لان اجراء ظالما كهذا سوف لايستعيد الاموال المسروقة وليست المهدورة فيها، ومن غير المعقول ان يكون درء الفساد بارتكاب الظلم والاذى بشريحة تجد راتبها الشهري الى حد ما في  طوق النجاة من الفقر، الا اذا اراد مجلس الوزراء عبر هذا المقترح الشيطاني زيادة عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر ولم لا ؟ فكل شيء جائز في عراق الاحتلال الامريكي الذي يفكر فيه المسؤول بمصلحته اولا وأخيرا .

 

انني هنا  باسم العشرات من الموظفين الذين طالهم هذا المقترح الجائر اناشد معالي وزير المالية الاستاذ باقر الزبيدي الذي عهدناه سدا منيعا امام من يحاول الحاق الاذي بأبناء الشعب العراقي، لعله يحبط هذه المؤامرة التي تستهدف اصحاب الدخل المحدود، ففيها تتساوى (الكرعة وام الشعر) كما يقول المثل العراقي، فميزانية العراق لاتزال بخير وعند معالي وزير المالية الخبر اليقين .

 

* صحفي وكاتب عراقي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1089  الخميس 25/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم