أقلام حرة

30/6 بين ثورة العشرين ..والانسحاب الأمريكي

ان هذا الشعب الجبار صاحب الحضارات والأمجاد لم يستكين للضيم مهما فعل الطغاة وتجبروا لابد أن يأتي اليوم الذي يشعر بأنه قد حقق أهدافه وتعامل مع من احتل أرضه بطريقة تمكنه من ان يكون هو السيد والمدافع والبطل الذي لابد أن ينتصر في النهاية .

 

لو رجعنا إلى التاريخ قليلا وتصفحنا بدايات تأسيس الدولة العراقية والملاحم التي سطرها العراقيين في ثورة العشرين إبان الاحتلال البريطاني للعراق بعد الحرب العالمية الأولى عندما أراد كسر شوكة العراقيين الإبطال واستخدامه مختلف صنوف الأسلحة في حينها لكن قوة العراقيين وباسهم والكرامة العالية التي يتمتعون بها جعلت منهم أشداء ليواجهوا اكبر ترسانة عسكرية في حينها بأسلحة بدائية وغير مؤثرة لكن فعلها المعنوي قد حقق أهدافها ليرغم المحلتين بالتوقف عن غزوهم والاعتراف بهزيمتهم مما جعل في حينها الهوسة الشعبية التي سادت أجواء المعركة (الطوب أحسن لو مكواري) تنتصر على المدفع الذي كان سلاحا متطورا حينها لتدلل على العزيمة والتي جعلت من ذلك التاريخ مناسبة يعتز بها العراقيين وتبقى شامخة في تقويمهم وتذكرهم بما صنع الأجداد بقوى محتلة أرادت أن  تظهر تفوقها وتجعل من هذا البلد محتلا وغير قادر على إدارة شئونه إلا من خلال قوى خارجية تملي عليه ما تريد فكانت تلك الثورة بداية لتاريخ حافل بالتضحية سطرت من خلاله القوى الوطنية العراقية أروع صفحات النضال لتخط بدماء شهدائها تاريخ العراق السياسي الحديث

 

ما أشبة اليوم بالبارحة حين يتكرر ميعاد خروج القوات الأجنبية وانسحابها من المدن وهذه المرة القوات الأمريكية وليس البريطانية ليكون يوم 30/6/2009 ليعود ثانية للواجهة بعد ما يقارب من أكثر من ثمانية عقود لتكون القوات الأمريكية قد أكملت انسحابها من المدن العراقية وحلت محلها القوات العراقية لنرى المواطن العراقي قد أحسن بان حركته ألان أكثر حرية وأمانه مصانة  من قبل قوات بالإمكان التفاهم معها والاقتراب منها لتقوية الروح  المعنوية لديها  والتخلص نهانيا من النظرات المريبة التي تصدر من الجندي الأجنبي لتحس بان شوارعنا ليست ساحات حرب وإنما مناطق آمنة يتجول فيها أبنائنا وإخواننا العسكريون ليقوموا بأداء واجبهم كأي موظف مكلف بخدمة عامة غير  مفروضة  عليه وإنما قد تطوع للعمل بها ضمن الدولة العراقية وله ما لأية موظف وعليه واجبات كما على باقي الموظفين عكس ما كان يحدث بالنسبة للقوات الأجنبية التي تعتبر بأنها في مهمة قتالية وان كل ما موجود في الشارع هو هدف معادي لعدم وجود الثقة المتبادلة بين الطرفين كما تلعب اللغة الدور الأساسي بتأجيج الموقف لعدم وجود تفاهم او رابط يتم من خلاله الاتصال مما يجعل التقرب من تلك القوات مسالة محرمة وتعرض مرتكبها للموت وهذا ما يحدث باستمرار ليذهب كثير من الأبرياء ضحية  لهذا العنف الغير مبرر  مما يجعل المواطنين يكنون لهم الحقد نتيجة هذه الأعمال التي يعتبروها  إساءة لمشاعرهم وجرح لكرامتهم مما يجعلهم يحجمون عن التعامل معهم والنظر لهم كقوات معتدية بالرغم بان ما قامت به من  إسقاط نظام الطاغية الذي أذاقنا العذاب القتل والتشريد .

 

إن هذا اليوم الذي نتمنى له أن يكون عراقيا بامتياز وذلك لشعورنا بان القوات الأجنبية قد تقلص دورها وان القوات العراقية قد  أخذت تفرض سيطرتها في الشارع وتكون لها اليد الطولي في التعامل مع الأحداث ومواجهة الأخطار التي تهدد البلد طالما أن بعض العناصر التي يغيظها هذا التغيير لازالت تعيش بأوهام الماضي وتحاول  إعادة عقارب الساعة إلى الوراء محاولة استغلال أية ثغرة أمنية لغرض إيذاء الشعب العراقي .

 

إن تجربة السنوات الستة التي مرت وجعلت من القوات الأجنبية تطوف الشوارع لتحاول فرض الأمن والنظام التي تدهور كثيرا بعد التغيير الذي حدث في 9/4/2003لازالت عالقة في الأذهان نتيجة لكثير من الإشكالات التي حدثت بين المواطنين وتلك القوات كذلك التحريض التي كان يمارس من قبل أطراف معينة من اجل التعرض لها وخلق حالات من التوتر الذي أدت الى حصول كثير من الأحداث المؤسفة التي راح ضحيتها الأبرياء

 

لذا فان هذا الانسحاب جاء بداية النهاية لتلك القوات بعد أن يتم رحيلها نهائيا من  ارض العراق لنكون قد ودعنا آخر جندي أجنبي عن أرضنا لكننا نتمنى أن نرى هذا التواجد الذي يساعد على بناء الوطن وبناه التحتية ونحلم أن نرى الأستاذ الجامعي الأجنبي  يقف في جامعتنا ليلقي محاضرته عن آخر التطورات العلمية... و الدكتور يقوم بإجراء العمليات في المستشفيات  ويهيئ الكادر العراقي ...وان نرى خبير الكهرباء وهو يضع حد لما وصلت إليه المنظومة الكهربائية.... و العمارات السكنية قد ارتفقت بطوابقها المتعددة في أرجاء البلد لتقضي على أزمة السكن لنشعر بان الأمان قد عاد وهذه الخبرات والكفاءات قد انتشرت بأرض العراق لتبني وتعمر ليس لتقتل أو تدمر .

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1097  الجمعة 03/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم