أقلام حرة

الارهاب .. التراب .. والاحزاب .. اكثر ما يهدد مستقبل العراق

 بالعراق وكذلك الاتفاقية الامنية الاخيرة بعد كل ذلك سارت العملية السياسية في العراق الى الامام رغم كل ما صاحبها من اخطاء. وها هم الامريكيون قد التزموا ما عليهم من مواثيق حتى هذه اللحظة .. فمن تسليم السيادة في 30/6/ 2004 الى الحكومة الانتقالية بقيادة اياد علاوي مرورا بما بسعيهم لاسقاط الديون العراقية والدور الكبير للدبلوماسي المحنك جيمس بيكر اضافة الى دورهم الكبير في تأهيل القوات الامنية العراقية وصولا الى موعد انسحابهم من المدن العراقية 30/6/ 2009 .. ونتمنى ان تسير الامور بسلاسلة فيما يخص الفقرات الاخرى التي تضمنتها الاتفاقية مع الجانب الامريكي خصوصا فيما يتعلق باخراج العراق من الفصل السابع.

 

اذن الامريكيون في طريقهم للخروج في الاعوام القادمة وان بقوا فسوف يقتصر بقائهم على قواعد هنا وهناك وفق ضوابط  واتفاقيات تنظم بقائهم كما هو الحال مع الكثير من بلدان العالم الاول والثالث، وبالتالي فالوجود الامريكي لا يشكل خطرا على مستقبل العراق وانما الخطر الحقيقي الذي ينبغي تسليط الضوء عليه هو الحطر القادم من محور الشر الذي يشير اليه العنوان اعلاه.. فهذا الثلاثي المرح كان ولا زال وربما سوف يبقى في العراق وهو ما يثير قلق كل من يريد لهذا البلد ان يستريح.

 

الارهاب الذي لا زال يهدد امن المواطن ويعبث بارواح الابرياء عبر الات تلتهم البشر، ورغم ان الحكومة العراقية تقدمت اشواط كثيرة في الحد منه وهذا ما يحسب لها الا ان جيوب الارهاب لازالت تستغل المناطق الرخوة في الجسد العراقي وخصوصا المدن التي لازالت تعاني نتيجة الخلافات السياسية حول مصيرها فهناك يتشابك الامني بالسياسي وتتعقد الاوراق كثيرا جدا مما ينعكس سلبا على مصير الابرياء.

 

التراب والغبار الذي لازال يلاحق العراق ويهدد خصوبته بتصحر لا يبقي ولا يذر.. عواصف رملية غير مسبوقة تعطل الحياة اليومية وتحاصر المواطن العراقي حتى في بيته فتفرض عليه حضرا للتجوال وكانها ارهاب من نوع آخر.

 

اغلقت المطارات واختفت المارة من الشوارع فحل الظلام الدامس، وانعدمت الرؤيا.. فيما لا تحرك الاجهزة المعنية ساكنا تجاه ذلك الوحش الكاسر الذي اخذ يتردد كثيرا هذه الايام على المدن العراقية من شمال العراق الى جنوبه، وهذه الظاهرة اخذت تستفحل بشكل كبير دون بارقة امل في حل ولو بعيد الامد.

 

ثالث محور الشر هي الاحزاب التي اصبح الكثير منها عبئا على العراق والعراقيين فهي ظليعة في الفساد الاداري ومحتلة لمعضم مرافق الدولة فيما تفرض ارادتها في توضيف هذه المجموعة او تلك!

 

والادهى من ذلك انها تريد العودة مرة اخرى للقائمة المغلقة التي يصبح الفائز فيها ليس من يستحق بل من يتصدر اسمه بداية القائمة وهذه ردّة على ما حصل من تطور ايجابي في الانتخابات الاخيرة لمجالس المحافظات من جعل القائمة مفتوحة مما اعطى للمواطن العراقي حرية الانتخاب لمن يراه اصلح عبر اختيار رقم القائمة ثم رقم المرشح.

هناك حالة من الضبابية العاتمة نشاهدها عند القوى والتيارات السياسية العاملة في العراق بحيث لا ترى هناك تحديد مدروس لاولويات المرحلة ولعل ذلك نابع عن عدم وجود رؤية واضحة عند اغلب القوى السياسية في العراق لطبيعة المساحة المشتركة وعدم وجود برنامج سياسي مدروس، اضف لذلك ان الوضع العراقي بشكل عام يعاني ضعفا فاحشا في ادارة العمل المؤسساتي والجماعي ولذلك فان جميع التحالفات لا تقف على ارضية صلبة مما يعني ان اغلبها مهددة بالانهيار وهذا ما حصل مع معضم التكتلات السياسية التي تظهر بين اليوم والاخر تحت مسميات مختلفة .

 

كما ان العديد من هذه الاحزاب والتكتلات اختزلت في  شخصيات معينة بحيث تحولت تلك الشخصيات الى دكتاتوريات صغيرة تؤسس لثقافة الدكتاتورية في داخل الحزب الواحد وبالتالي فهي غير مرشحة على اغلب الظن لانتاج واقع ديمقراطي يرقى لطموح هذه الفرصة التاريخية التي يمر بها العراق. 

 

ان معضم تلك الاحزاب دخلت العملية السياسية بمفاهيم وآليات واساليب ضبابية غير واضحة وبعيدة جدا عن الحراك السياسي المنضّج، بحيث لم تقدم الانجاز السياسي للمساحات الجماهيرية الواسعة التي تقف ورائها وهو ما يجعل موقفها ضعيفا في المواسم الانتخابية القادمة.

 

اذن هذا الثالوث الخطير هو التحدي القادم لحاضر ومستقبل العراق فان حاول العراقيون الخروج بحلول متوازنه تحد من استفحال هذه الظواهر يكون العراق قد تجاوز الخطر والا فان مصير البلد سوف يبقى مفتوحا على جميع الخيارات.

 

جمال الخرسان

كاتب عراقي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1099  الاحد 05/07/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم