أقلام حرة

كل شيء يحتضر حتى المقام العراقي

والقطاع النفطي صار انخفاض الإنتاج فيه سببا في خفض الموازنة العامة للدولة، والأمن الغذائي للمواطن العراقي مهدد بسبب تعثر تجهيز وزارة التجارة بالحصة التموينية التي هي الأخرى مرشحة للإلغاء بشروط صندوق النقد الدولي والأمر ذاته يخص المحروقات، وقطاع الكهرباء يعاني من مشاكل كثيرة منها الظروف الطبيعية ومنها ماهو غير طبيعي يتعلق بالتخصيصات المالية، والقطاع المصرفي لايمكن أن يتطور في ظل الفساد الإداري والمالي في رأيي الخبير الاقتصادي ووزير التخطيط الأسبق الدكتور مهدي الحافظ، وبيئة الاستثمار غير صالحة في الوقت الحاضر لأسباب أولها الجانب الأمني الذي لايشجع المستثمرين في دخول الساحة العراقية والمغامرة بأموالهم، والأسواق العراقية غارقة بالمنتجات الرديئة التي تنافس المنتج المحلي بالسعر وليس في النوعية، والغش التجاري يسودها .

 

هذه صورة مختصرة للواقع العراقي بعد ست سنوات من الاحتلال الأمريكي الذي كان ولا يزال سببا في انعدام الأمن والأمان على الرغم من المعاهدات الدولية التي تلقي بمسؤولية هذا الجانب عليه، ولكن ضحايا الانفلات الأمني بالملايين، فإحصائية وزارة التخطيط والمنظمات النسوية تؤكد وجود أكثر من مليونين ونصف مليون أرملة، أما الأيتام فهم في تصاعد مستمر، وقد كانت آخر إحصائية تشير إلى وجود خمسة ملايين يتيم، أما العاطلون عن العمل فهم بآلالاف وربما بالملايين، وأطفال الشوارع أو كما يطلق عليهم (المشردون) صاروا شريحة لايستهان بها تفتح الباب على مصراعيه للجريمة والإدمان على المخدرات، وبقية الوزارات هي الأخرى حالها لايسر صديقا، فمنها من تعاني من قلة التخصيصات وفي مقدمتها وزارة البيئة التي وقفت عاجزة أمام المخاطر البيئية التي تحيق بالعراق وشعبه وأولها الإشعاع النووي المنبعث من الآليات العسكرية المحطمة التي تركت في العراء وبعضها داخل الأحياء السكنية، أما السلاح النووي الذي استخدمته قوات الاحتلال الأمريكي في حرب إبادة الشعب العراقي فقد كان ضحاياه ولا يزالون بآلالاف  في المحافظات الجنوبية وفي مقدمتها البصرة، أما الضحايا في الفلوجة وأماكن أخرى فهم كثيرون، ووزارة الموارد المائية صارت بلا موارد بعد انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وتحكم دول الجوار في الحصة المائية وبناء السدود عليهما، ومؤخرا قيل أن تركيا أطلقت كمية من مياه الفرات ولكنها في جميع الأحوال لاتسد الحاجة البشرية والحيوانية والزراعية، أما من جهة الشرق فقد قامت الجارة إيران الإسلامية بتغيير مسار الكثير من الممرات المائية باتجاهها الأمر الذي أدى إلى موت الكثير من الأشجار والحيوانات فضلا عن تدمير العشرات من البساتين وتدهور الزراعة في المحافظات القريبة من حدودها .

 

كل شيء صار يحتضر، وجميع قطاعات الدولة تعاني الانهيار الشامل، وليس أمامنا سوى الاستمرار في الاقتراض من صندوق النقد الدولي لسد العجز وجعل القرار الاقتصادي رهنا بيد هذا الصندوق وأصحابه، واغرب مايحتضر في العراق هو (المقام العراقي) الذي ماعاد يجد من يسأل عنه كما يقول مسؤول بيت المقام العراقي، وهو أمر طبيعي لدى الأخوة ذوي الجنسيتين في الحكومة العراقية، فهم لايسألون أصلا عن الإنسان العراقي، فكيف تطالبهم بالسؤال عما يتعلق بحياته؟

 

وعزاؤنا في مابشر به السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بقرب انفراج الأزمة المالية بعد ارتفاع إنتاج النفط العراقي الذي كان انخفاضه سببا في تردي الموازنة العامة بشهادة السيد وزير المالية .

 

وسيحتضر كل شيء في العراق مادام يعاني الاهمال وموارد البلد مرهونة بتقلبات اسعار النفط في الاسواق العالمية، ولايكترث احد للاصوات المطالبة بايجاد البدائل للنهوض بالاقتصاد العراقي واهم هذه البدائل السياحة الدينية والآثارية بل وحتى العلاجية .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1101  الثلاثاء 07/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم