أقلام حرة

كن ضحية أو جلادا لتنعم بحياتك

ولن أتذكر شهداء الثورة الجزائرية ولا جرائم الاستدمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري.

 

كل هذه الأحداث والفترات القاسية، خلفت لنا إرثا ثقيلا جدا، فئة ظهرت بعد الاستقلال تسمى بـ "ذوي الحقوق" الذين استحوذوا على كل الحقوق، وهي تضم أرامل وأولاد الشهداء، والمجاهدين الحقيقيين والمزيفين وأولادهم وأقاربهم، وفئة أخرى جديدة بعد انقضاء عشرية الإرهاب اسمها "ضحايا المأساة الوطنية"، وهي تضم أفراد وعائلات الإرهاب وضحاياه أيضا من عائلات الشرطة والدرك الوطني والجيش، وعائلات أخرى كثيرة كانت ضحية آلة الموت التي لم تتوقف لحد الآن، ولكن خفت حدتها فقط.

 

في الجزائر، أشياء كثيرة ليس للمواطن الحق فيها، أو على الأقل ليست له أولوية الحصول عليها إذا لم يكن ينتمي إلى فئة ذوي الحقوق، مثل السكن والوظيفة والترقية، والإعفاء من الخدمة العسكرية، والعقارات، وسيارات الأجرة، والمحلات التجارية.

 

مثلا، إذا كان اثنان من حاملي الشهادات الجامعية تقدما إلى مسابقة التوظيف بقطاع التعليم مثلا، أكيد أن المرشح الذي يحوي ملفه وثيقة تثبت أنه ينتمي لفئة ذوي الحقوق سوف يكون الأوفر حظا لنيل منصب العمل، بما معناه أن المرشح الثاني لا معنى لتعبه ودراسته وتفوقه ونيله أعلى المراتب في سنوات دراسته أمام تلك الوثيقة.

 

و بصفة عامة، أي منصب توظيف يكون شاغرا، تكون أولوية التوظيف فيه لفئة ذوي الحقوق، وبعدها يأتي عامة الشعب، وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. ونفس الأمر ينطبق على كل القطاعات الأخرى.

 

و أصبحنا نرى بوادر تحول فئة ضحايا المأساة الوطنية إلى نفس وضعية فئة ذوي الحقوق اليوم، وكأنه يجب أن تكون إرهابيا سابقا أو ضحية إرهاب لكي تكون لك بعض الحقوق والصلاحيات.

 

يجب أن تكون ضحية أو جلادا، وإلا فلا حجة لديك لنيل حقوقك، ويجب أن تنتظر في الطابور الطويل جدا لنيل أغلبية ضروريات الحياة المدنية العادية.

 

*جمال الدين بوزيان

ناشط اجتماعي جزائري

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1104  الجمعة  10/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم