أقلام حرة

ثقافة السلام والمدنية هي ثقافة العصر

والضغينة ورفض الاخر وعدم التعايش والاعتداء وانعدام العدالة الاجتماعية والحرية في ظل عدم توفر متطلبات حياة الناس الخدمية الضرورية، وكل هذا بسبب الثقافات اللاعقلانية الضيقة الافق والنابعة من الانانية وعبادة الذات والافكار الخرافية والايديولوجيات المنحازة  الفئوية والاثنية والافكار والنظريات المرحلية غير الانسانية، ولم تمت بمستقبل البشرية ومصالحها بشيء، واكثرها نابعة من مصالح مجموعات وتيارات وفئات هنا  هناك .

 

بدون شك ان الحرية تمنح لاي كان التصرف وفق ما يرتضيه وفي حدود مصالحه لحد عدم اعتراضه مع حرية الاخر او عدم تقاطعه معها باي شكل كان، والاهم احترام الاخر وحريته ورايه ومواقفه رغم اختلافه معه .

 

لو نظرنا الى التاريخ ومراحله وما وصلنا اليه، نحس بالفروقات والاختلافات الشاسعة في طبيعة المراحل وما تميزت بها من قبل ومما كان من الثورية والعنفوانية وحرارة وقوة في التحكم وبيان الراي وفرضه وخشونة المواقف والتعصب والانحياز وكل حسب الثقافة والوضع والمرحلة ومدى التفكير بانعدام العقلانية والتروي والهدوء في طرح الافكار والاعمال فيها، اما اليوم وما يتميز به العصر من التقدم والتطور وسيطرة العقلانية والتفكير السليم على الافعال والاعمال، نشاهد ثقافة السلم والتعايش السلمي والامان وطرح الافكار بطرق مدنية واحترام الاخر، بعيدا عن القمع والغاء الاخر، هذه هي الصفات المدنية التي تفرض نفسها على ما يتميز به العصر وعلى خطاب النخبة المثقفة التي يمكن ان يفسر واقع الحياة المدنية بشكلها ومضمونها المطلوب للجميع .

 

و مع سيادة الثقافة السلمية وعصر الهدوء والتمدن تزداد فرص ضمان حقوق الانسان والمدنية المطلوبة والاهداف والشعارات التقدمية التي تحملها النخبة والطليعة من الاكاديميين والمثقفين البارزين الذين لهم تاثيراتهم الجوهرية الحقيقية على التغيرات التي تحصل في طبيعة المرحلة وما تتصف بها من حين لاخر وكيفية الانتقال الى الافضل بكامل المواصفات المرادة من قبل المفكر العقلاني وبمنطق مدني عصري مقنع .

 

و هكذا عندما نمر بتغييرات مستمرة وانتقال المراحل المتعاقبة واحدة تلو الاخرى، نحس بابتعاد فرص الاحتكاكات والحروب والتعدي ونقترب من الهدوء والسلام ومنه تنبثق النظم الديموقراطية العصرية وتتجسد الافكار وتتحقق الاماني الانسانية بروح العصر والغاء التطرف والتشدد ويسود الاعتدال في التفكير والخطاب وطرح الافكار والنظريات المدنية العصرية وتطبيق اليات الحكم التقدمية والاستناد على النظام الديموقراطي المعاصر في كافة بقاع العالم .و من هنا تنتج اسس التربية والتعليم من اجل السلام والوئام والتواضع وقبول الاخر واحترامه، وهذا ما تحتاجه المناطق التي تمر بمرحلة انتقالية فيكون الانتقال من التشدد الى الاعتدال ومن الدكتاتورية الى الديموقراطية،ومن الحروب والدمار الى السلم والبناء،من الاتغلاق والانسداد الى الانفتاح والشفافية . انها المرحلة التي تتطلب الثقافة العصرية التقدمية التي تفرض نفسها على الجميع رغم اختلاف طول وقصر مدتها من موقع لاخر او من منطقة لاخرى، والعالم بحاجة اليها اكثر من اي شيء اخر، ومن هنا يمكن ان يبحث المجتمع عن العدل والمساواة وزوال الفروقات الطبقية والتوجه نحو العدالة الاجتماعية والحرية الكاملة، وبه يفرض السلم نفسه على الواقع ويشرح صدر الفرد ويبدع في عمله ويعمل على المحافظة على استتباب الامن وانتشار الروح وثقافة المدنية والحضارة التقدمية ونبذ التخلف والعناصر المعيقة للعصرنة والتمدن، والمنطلق الوحيد يبدا من مصدر رئيسي هام وهو الثقافة المدنية السلمية في ظل نظام تقدمي ديموقراطي حر ودولة المؤسسات .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1104  الجمعة  10/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم