أقلام حرة

أعْتَرِف بإسرائيل على أنَّها "دولة يهودية صهيونية فاشية"!

 (نحو خُمْس السكَّان) إنَّما هُمْ، وبحسب التسمية الإسرائيلية لهم، "عرب إسرائيل"، الذين، لجهة "حقِّهم القومي والتاريخي" في الأرض، أو في إقليم الدولة، التي يعيشون فيها، أو فيه، لا يختلفون، من حيث المبدأ والجوهر والأساس والنوع، عن "عرب السويد" مثلاً.

العربي، أو العربي المسلم، في السويد يُمْكِنه أن يقسم بـ (..؟) أن يكون موالياً مخلصاً لـ "الدولة السويدية"، إذا ما قرَّر برلمانها أن يؤدِّي كل مواطِن سويدي راشِد هذا القسم، وأنْ يتَّخِذ من تأديته "عامِل فَرْزٍ"، يَفْرِز به "المواطِن" من "غير المواطِن". وغني عن البيان أنَّ "المواطِن" هو وحده مَنْ يحقُّ له التمتُّع بـ "حقوق المواطَنة". وغني عن البيان أيضاً أنَّ "حقوق الإنسان" تَفْقِد معناها إذا ما سُلِبَ إنسان ما حقه في أن يكون "مواطِناً"، وفي أن يتمتَّع، بالتالي، بـ "حقوق المواطِن" كاملةً، فأين هو هذا الإنسان الذي يتمتَّع بـ "حقوق الإنسان" كاملةً؛ ولكن من غير أن يكون "مواطِناً"، يتمتَّع بـ "حقوق المواطَنة"؟!

أمَّا لو قرَّرت دولة السويد أنَّها "دولة مسيحية"، وتدين بـ "ديانة سياسية ما"، كالصهيونية، وأنَّها، مع ذلك، دولة ديمقراطية، فإنَّ "عرب السويد" لا يمكنهم، عندئذٍ، إلاَّ بـ "الإكراه"، وبغيره من الوسائل والأساليب المنافية للديمقراطية، معنى ومبنى، أن يُؤدُّوا ذلك القسم.

سيشقُّ عليهم ذلك مع أنَّهم لا ينظرون إلى السويد، دولةً وشعباً، كما يَنْظُر "عرب إسرائيل" إلى إسرائيل، دولةً وشعباً.

و"قسم الولاء"، الذي يراد لـ "عرب إسرائيل" أن يُؤدُّوه يشبه اعتناق المرء لديانة ما، فإشهار الإيمان لا يكفي إذا لم يُمارِس المرء هذا الإيمان على مرأى ومسمع من الناس جميعاً.. في الصلاة مثلاً.

وعلى كل عربي من "عرب إسرائيل" أقسم بالولاء والإخلاص لدولة إسرائيل بصفة كونها "دولة يهودية صهيونية ديمقراطية" أن يُظْهِر ويؤكِّد "إيمانه" هذا بالخدمة في الجيش الإسرائيلي مثلاً، أي بمشاركته في قتل أبناء جلدته، فإذا أبى فإنَّه يكون قد حَكَمَ على نفسه بالتحوُّل الفوري إلى "لا مواطِن"، لا يحقُّ له، بالتالي، أن يتمتَّع بأي شيء من "حقوق المواطِن" في "الدولة اليهودية الصهيونية الديمقراطية"، فـ "وثيقة المواطَنة" لن يحصل عليها. ولكم أن تتصوَّروا معنى عدم حصوله على هذه "الوثيقة"، أو عدم حَمْلِه لـ "بطاقة الهوية" عندما يُلْزِم القانون مواطني إسرائيل جميعاً حَمْل بطاقات الهوية الخاصة بهم في كل الأوقات.

ولا بدَّ لوزير الداخلية "اليهودي الصهيوني الديمقراطي" من أن يجرِّده من "الجنسية الإسرائيلية" إذا لم يُتَرْجِم ولاءه لدولة إسرائيل، بأوصافها تلك، بالخدمة في الجيش الإسرائيلي مثلاً.

عندئذٍ، ما هو "الحل" لمشكلة هذا "الإنسان" الذي ما زال يعيش في دولة إسرائيل؛ ولكن مجرَّداً من "المواطَنة" و"حقوقها"، ومن "وثيقة المواطَنة"، ومن "الجنسية الإسرائيلية"؟!

ربَّما تستقبله السويد مثلاً، أو "الدولة الفلسطينية" إذا ما قامت، أو ربَّما تتولَّى أمره الأمم المتحدة، فتمنحه ما منحت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من "وثائق السفر" و"الحقوق"!

أشقاؤه في الضفة الغربية وقطاع غزة عليهم، إذا ما أرادوا "دولةً"، تمنحها إسرائيل لهم منحةً، وتستوفي كل الشروط الإسرائيلية لقيامها، أن يعترفوا بإسرائيل على أنَّها "دولة يهودية تخصُّ الشعب اليهودي فحسب".

هو مَعْفيٌّ من هذا "الاعتراف"؛ ولكنَّه مُلْزَمٌ بالأسوأ منه، وهو أن يقسم بالولاء والإخلاص لدولة إسرائيل بصفة كونها "دولة يهودية صهيونية ديمقراطية"، وأن يحتفل بـ "عيد استقلالها"، وأن يخدم في جيشها، وأن..!

هو مُلْزَمٌ أن يقسم أمام العالم أجمع، وأمام التاريخ، أن ليس له من حقٍّ قومي وتاريخي حيث يعيش، وأنَّه كان يكذب على نفسه، وعلى العالم، وعلى التاريخ، عندما زَعَمَ أنَّ له حقَّاً كهذا في فلسطين، أي في "أرض إسرائيل"!

إنَّها دولةٌ، فيها من "اليهودية" و"الصهيونية" ما يجعل "ديمقراطيتها"، على صعيد العلاقة مع خُمْس سكَّانها، أي مع من تسميهم "عرب إسرائيل"، كظلٍّ فَقَدَ جسمه، فإسرائيل لن تعرف شيئاً من معنى الولاء والإخلاص للديمقراطية قبل أن تعترِف هي بنفسها على أنَّها "دولة ثنائية القومية"؛ فهذا إنَّما هو أضعف الإيمان الديمقراطي!

 

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1059  الثلاثاء 26/05/2009)

في المثقف اليوم