أقلام حرة

هل أتاكم خبر التقشف الملكي؟

عن مظاهر البذخ التي اعتادت عليها طيلة سنوات وجودها على العرش، فقللت سيدة بريطانيا الأولى الملكة إليزابيث من سفراتها الترويحية وألغت إجازاتها ومثلها فعلها الأمير وليم وزوجته التي ظهرت للناس في أكثر من مناسبة بثوب واحد، وأطرف مافي هذا التقشف أن الملكة استخدمت المصابيح الاقتصادية في إنارة القصر لتوفر الطاقة الكهربائية لشعبها الذي يدفع الضرائب للحصول على جميع الخدمات، وفي العراق لم تظهر الأزمة المالية لاعلى أعضاء مجلس النواب ولاعلى أعضاء الحكومة ولااعضاء الرئاسات الثلاث، فالإجازات مفتوحة للاستجمام ومقترح زيادة مخصصات النواب يلقى استجابة منقطعة النظير داخل البرلمان ولم لا؟ فالمقترح من داخل البرلمان، وأصحاب المعالي من ذوي الجنسيتين يتمتعون بالإجازات الدورية وغير الدورية لزيارة العائلة ومتابعة أعمالهم الخاصة في تلك البلدان، حتى إنني علمت من مصدر موثوق أن احد الوزراء يتمتع بإجازة ثابتة تصل إلى عشرين يوما يقضيها بين أفراد عائلته المقيمين أصلا في دولة أجنبية، وهذا يعني أن بقية أيام الشهر يقضيها بين توقيع البريد والتحدث إلى وسائل الإعلام عن الانجازات التي تحققت في الخيال بدليل أن الحكومة لكي تتجاوز الأزمة المالية توجهت إلى ذوي الدخل المحدود مستكثرة عليهم الراتب الذي يتجاوز المليون ونصف المليون دينار لحجب حصتهم التموينية المتعثرة أصلا من دون أن تقدم لهم أية خدمات تذكر، فلا كهرباء ولاماء ولا مستشفيات متطورة ولا خدمات بلدية ولا .. ولا، بل هم يتدهورون، ووقفت عاجزة أمام العواصف الترابية التي تضرب العراق من شماله إلى جنوبه تاركة الشعب في مهبها مكتفية بتسويفات لاتنتهي وهي تعلم جيدا أنها لن تنفذ شيئا منها في ظل انخفاض مبيعات النفط العراقي الذي بقي المورد الوحيد للاقتصاد العراقي في ظل الفساد السياسي .

 

فهل تقشف الوزير لدينا؟ ولماذا لايكون عضو مجلس النواب مثلا يحتذى به في نكران الذات بصفته ممثلا للشعب؟

 

إن الأزمة المالية لم تؤثر في المحاصصة الطائفية والحزبية في العراق فجميع السياسيين ممن هم اليوم في السلطة يعيشون بترف لامثيل له، بينما عشرات العائلات تبحث عن لقمتها بين النفايات التي توسعت فشملت الأحياء السكنية وما عادت شكاوى المواطنين تجدي نفعا لدى أمانة بغداد، وأعداد العاطلين المسجلين لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تجاوزوا المليون أما غير المسجلين فقد يتجاوز عددهم أكثر مما ذكر، والذين يعيشون تحت خط الفقر هم اليوم بحدود 60% من نفوس هذا الشعب المنكوب حسب إحصائية وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، والأرامل تجاوز عددهن المليونين والأيتام تجاوز عددهم الثلاثة ملايين في بلد يطفو على بحيرة من الثروات وليس النفط فقط،ولم يتقشف الإرهابيون في أعمالهم الإجرامية لان التمويل العربي والأجنبي سخي للغاية ولم تؤثر فيه الأزمة المالية إنما كان تأثيرها اشد على أبناء الشعب العراقي قبل أن تحصل في ظل النهب المستمر لثرواته وخيراته .

 

وأخشى ماأخشاه أن تطالب الحكومة من شعبنا الجريح أن يتقشف أكثر مما هو عليه في ظل توجهها للاقتراض من صندوق النقد الدولي، مع أنها أبقت الفعاليات الثقافية والفنية تعمل بنظام التمويل الذاتي لأنها رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1106  الاحد  12/07/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم