أقلام حرة

ثقافة الناخب وفرص نجاح المرشح في انتخاباتنا

 من الركائز والعوامل الحاسمة ومنها الثقافة العامة للشعب ومستوى ثقافة الناخب وفكره ونظرته الى الحياة وما فيها، اضافة الى عقيدته وايديولوجيته وايمانه في الشرق الاوسط بالذات، وتدخل الميول والامنيات والالمامات والظروف الاقتصادية الخاصة به كمؤثرات (و ان كانت بعضها ثانوية) على كيفية اختيار المرشح والمراد من الصفات التي يجب ان يتميز بها من جميع النواحي .

 

ومن التجارب المتواضعة الي مرً بها العراق ومن ضمنها الانتخابات البرلمانية الفدرالية ومجالس المحافظات وما جرى في اقليم كوردستان خلال هذه المدة، يزودنا بمعلومات واقعية التي تتوفر تحت الايدي لنتمكن من تقييم العملية الانتخابية بمجملها، من الظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد والروابط الاجتماعية ودورها على تفكير الناخب ودور الحالة الاقتصادية وما تفرضها على عقليته وتصنيفه الطبقي، اضافة الى العقائد والايديولوجيات وما تركها التاريخ من كافة الجوانب، على اخلاقيات وسمات المواطن وتفكيره ودوره في الامور العامة وارادته في العمل .

 

لو القينا نظرة فاحصة على القوائم والمرشحين المتنافسن ومن ورائهم من الاحزاب والتكتلات والتيارات،و القانون الذي نعتمد لانتخابات البرلمان الكوردستاني، لم نر انتخابا مباشرا مفتوحا وفرديا كي يعتمد الناخب على تقييمه لمن يمكن ان يخدمه، كل ما يهتم به هو ايمانه ونظرته لجهة سياسية دون اخرى او علاقاته وانتمائاته السياسية والعشائرية والقبلية والاجتماعية بشكل عام، وليس اختيار الصالح الافضل الذي يمكن ان يخدم اكثر من غيره وباحسن وجه كما هو المطلوب من جوهر العملية . ولذلك تكون الثقافة السياسية العامة للفرد هي النقطة الهامة المعتمدة والعامل الحاسم الاوحد للاختيار وليس الخدمات وما يهم المواطن ومعيشته بشكل خاص لحد اليوم . ولذلك، لا يمكن ان نقيس مدى نجاح مرشح ما على صدقيته وشعبيته وقدرته ومعرفة الناخبين به بقدر تاريخه الثوري ونضاله وفكره السياسي وانتمائاته الحزبية وموقعه الاجتماعي وسلطته . وبه لا يمكن التعويل كثيرا على ثقافة الناخب وهي الاهم في محتوى العملية الانتخابية الطبيعية وفي جو من السلم والامان بعيدا عن الضغوطات المتنوعة التي تمارس باشكال مختلفة، وفي اكثر الاحيان تؤدي الى سلب الارادة وعدم امتلاك ما يتطلبه الناخب في توفيرما يمكن اعتباره من الخدمات العامة وهو حق من الحقوق الشرعية للمواطن ان اراد ممارسته . ولذلك لا يمكن التعويل على مستوى ثقافة الناخب كشرط ضروري اول عدا النخبة القليلة التي تفرض ارادتها بنفسها وهي ليست بعامل حسم في العملية . اي فرصة نجاح اي مرشح لا يمكن تخمينها استنادا على تقييم وضع وظروف وعقلية الناخب في هذه المرحلة بحد ذاتها، نظرا لما تجري عليه العملية من قانون الانتخابات ودور الاحزاب والوضع السياسي ونسبة المثقفين ومدى تاثير الراي العام ودور الصحافة والاعلام على العملية في ظل الحرية النسبية المتوفرة منذ عقدين، اي يمكن ان نعلن بان المعادلة النسبية بين ثقافة الفرد والناخب ومستوى المرشح وفرصة نجاحه لا يمكن التعويل عليها علميا لمعرفة النتائج ولا تنتج الاحتمال الاقرب الصحيح مهما كنا دقيقين في تقديرنا . وهذا يبين قوة العوامل الاخرى التي تحدد فرص نجاح مرشح ولم تات الثقافة الا في الصفوف الاخيرة من العوامل المؤثرة في هذه المرحلة من العملية الانتخابية وكما هو ظاهر على ارض الواقع . العامل الاول لحد هذه اللحظة هو المصالح الاقتصادية الشخصية البحتة فقط ومدى الاستفادة من قائمة دون اخرى بغض النظر عما فيها من المرشحين ومستواهم وتاريخهم وقدرتهم وامكانياتهم وخبرتهم لخدمة الشعب، ونظرتهم لمختلف النواحي التي تمس معيشة المواطن، او ما يمتلكون من التجارب العملية وما يتصفون به من النشاط والاخلاص، بل التصويت والترشيح يكون لصاحب القائمة من الاحزاب والكيانات والشخصيات العامة . اي فرص الفوز لا تعتمد على القواعد العلمية الاساسية، وبالتالي نجاح المرشح عند انتخابه في عمله غير مضمون ولا يمكن انتظار الكثير منه.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1106  الاحد  12/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم