أقلام حرة

عندما قال المالكي نصف الحقيقة

الامين العام ديمستورا نفسه الذي دعا مجلس النواب العراقي الى سن قانون حماية الصحفيين الذي بقي في اروقة المجلس منذ مدة طويلة وكان امنية من امنيات الشهيد شهاب التميمي نقيب الصحفيين السابق، ويعلم السيد المالكي بأن العراق البلد الوحيد الذي قدم العديد من شهداء الصحافة ومنهم عدد من زميلاتنا الاعلاميات امثال الشهيدات اطوار بهجت وسحر الحيدري ولمى البكري وخمائل محسن وغيرهن (لامجال لذكر الرقم هنا فهو في تصاعد مستمر) لطمس الحقيقة وحجبها عن العالم وقد شاركت قوات الاحتلال الامريكي في جرائم اغتيال الصحفيين ايضا لاخفاء جرائمها عن الرأي العام العالمي، فضلا عن الاعتقالات والاهانات والضرب الذي تعرض له الكثير من الزملاء على ايدي عناصر حماية هذا الوزير او سواه من السياسيين تعبيرا عن احترامهم للرأي والرأي الآخر، اما قضية الدعاوى المقامة على وسائل الاعلام من قبل هذا الوزير وغيره من السياسيين والبرلمانيين ايضا فهي كثيرة ومنها الدعوى التي اقامها المالكي نفسه على (موقع كتابات الالكتروني) بذريعة الاساءة لشخصه، وهي ذات التهمة التي سجن بسببها الزميل منتظر الزيدي .

ولانلوم معالي بعض الوزراء الذين وجدوا خير وسيلة لدعم الاعلام العراقي في تكميم افواه الصحفيين، وقد تصل الامور الى كتم انفاسهم بكاتم الصوت، فقد اقاموا الدعاوى على هذه الصحيفة وتلك الفضائية، ولانلوم البرلماني الذي مكنته الحصانة البرلمانية فعل مايشاء ومنها اقامة الدعوى على الصحيفة التي قامت بفضح جرائمه، وهذه الممارسات الديمقراطية لاصحاب الدعاوى من الوزراء والسياسيين ترسخ توجها خطيرا لخنق الحريات ضاربين الدستور الذي كفلها عرض الحائط، مع قناعة هؤلاء ان الحكومة تعمدت في عدم سن قانون يحمي الصحفيين حتى الآن ليبقى زمام الامور بأيديهم، وتناسوا ان لاديمقراطية من دون حرية الاعلام .

ان الافتخار بالتجربة الديمقراطية واحترام حرية الصحافة لايعني تكميم الافواه وقطع الطريق على وسائل الاعلام العراقية في فضحها للفساد والمفسدين على قاعدة الاختلاف في الرأي لايعطي الحق في اقامة الدعوى القضائية، اذ ان احترام حرية التعبير تعني من حق المتضرر ان يدحض رأي الطرف المقابل بالبينة وفي ذات الوسيلة الاعلامية، اما اللجوء الى القضاء بذريعة التشهير او القذف او الاساءة الشخصية فهي تهمة لاتؤسس للحرية الصحفية ولاللدولة الديمقراطية المزعومة، الا اذا كان القصد من وراء ذلك تخويف وسائل الاعلام وتدجينها وجعلها مطية للمسؤول ووسيلة لتلميع صورته لااكثر كما كان يفعل رئيس النظام السابق .

ان التوجه هذا خطير للغاية لانه يكشف عن نظرية يعمل عليها الجميع في الحكومة والبرلمان وهي (من لم يكن معي فهو ضدي)، وهي النظرية التي عمل عليها نظام البعث طيلة سنوات حكمه، وأخيرا نحن نتفق مع السيد رئيس الوزراء بأن العراق الجديد لايحاسب الصحفيين، ولكنه البلد الذي يقتل فيه الصحفيون لطمس الحقائق واخفاء جرائم الفاسدين كما يجري في الواقع .

 

* صحفي وكاتب عراقي

 

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1060  الاربعاء 27/05/2009)

في المثقف اليوم