أقلام حرة

انتبه .. هنا بغداد..!!

كما لها عادات وتقاليد تزيد من روعتها وبهاءها، فبغداد التي أراها اليوم ليست كما الأمس فقد جفاها الورد وذبلت حدائقها وتيبست أنهارها وأجتاحها الغبار من كل حدب وصوب وشوارعها شوهت بعلامات غريبة ومريبة فشارع المتنبي غابوا عنه رواده وممرات شارع أبو نؤاس ماعادت كما هي وحدائق هذا الشارع (شارع العشق والهوى) تأتي إليها الأحبة خلسة وفي أوقات مقتضبة خشية من رصد عيون السراق والمارقين والجهلة، فحينما أتجول في بغدادي تجول بي الذاكرة إلى نكهة الماضي وعبير السنين الخوالي إلى إلف ليلة وليلة وحكاية شهرزاد مع شهريار وقصص ابن زريق والبلاط العباسي وأربط ذاك الزمان بزمان بغداد الحالي فأجد أن النكهة أصبحت باهتة ونافرة بفعل رائحة المزابل واختناق الشوارع والتجاوز عليها من قبل الأحزاب والمؤسسات الرسمية والغير رسمية حينما قطعوا أوصال بغداد بالكونكريت والأسلاك الشائكة ،،

والأنكى من كل ذلك كثرة الارتال العسكرية المكلفة بحماية الشخصيات المهة والمهة جدا ففي كل دقيقة بل في كل ثانية يمر عليك رتلا عسكريا مدججا بالسلاح والملامح الهوليودية فتفز حبيبتك التي كانت غافية على وسادة ساعديك ومطمئنة بغفوتها على شدو حنينك وشوقك لها ،،، فأنت أين ما تحل يصادفك رتلا وأين ما تستقر يفزعك زعيق الرجال المكممين فماذا اعد وماذا أحصي ومن أين أبدأ من عدد مستشاري رئيس الوزراء أم مستشاري رئيس الجمهورية ونوابه

 أم أعضاء البرلمان البالغ عدد 275 عضوا أم من الوزراء ومستشاريهم أم من قائد عمليات بغداد أم من الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد وووالخ.... فبغداد كلها ارتال ... أين ماتحل تطاردك الهمرات والزعيق وصوت الصافرات ..وأنت جالس في مقهى تسمع (الويط واط) وأنت جالس في حديقة تسمع ذلك وأنت تسير في شارع يرعبك الويط واط وحتى وأنت في بيتك لاتسلم من إزعاج الصفير والزئير والويط واط .... فبغداد اليوم لايمكن أن تكون هي بغداد التي تغنى بها الشعراء والمطربين وزارها الرحالة والعاشقين.... بغداد الرشيد.... بغداد الرصافة والجسر... بغداد المحبين وسر المجاهدين .. تئن اليوم من تراكم النفايات والتجاوز على حدودها وغياب الأحزمة الخضراء عنها مثلما غابت عنها حدائقها بفعل عبث (الهجمة الحوا سمية) عليها، على جمالها وعفتها وزينتها فالفرات الذي يضفي عليها الرونق والكبرياء والزهو والخيلاء ماعاد هذا النهر كما كان فهو (لم يعد لنا ذات البهجة أيام كان الفرات يغسل الرمش بعسل الضوء ويمنحنا من بهجة الطير رفرفة ومن ناي صباح المنجل سيمفونيات القمح أناشيد الملح وحنان الله) كما يصفه الكاتب المبدع (نعيم عبد مهلهل) .... فمتى تعود بغداد إلى زمان عرسها ونحتفي جميعا بزفتها وهي مخضبة بحناء فرحتنا..؟ ومتى تصار حملة شاملة لرفع الحواجز الكونكريتية عن جسدها المنهك..؟ ومتى تنخفض أعداد أرتال حماية المسئولين حتى نعيش في مدينتنا دون زعيق ودون تهديد بالقتل ...؟؟ لأنك أن لم تبتعد مئة متر عن الرتل القادم أو الذاهب فأنت مهدد بالقتل لامحالة ...؟ متى نتخلص من الويط واط ونطمئن على أرواحنا من (ولد الملحة) الذين يخرجون بمصفحاتهم وخرفانهم (معنترين) وكأنهم يطلبون بثأر يبغونه عاجلا أم أجلا منا نحن المساكين..؟ لأن هذه الظاهرة أن أستمرت للدورة الأنتخابية القادمة فأنا أعدكم لا مستثمر ولا زائر سيقدم إلى بغداد لأن هذا المستثمر او الزائر سيعود إلى بلده ويقول وجدت بغداد عبارة عن ثكنة عسكريه لا اكثر لأنه لم يلمس سوى الويط واط فهذه هي بغداد ومن يريد أن يستدل على بغداد فالويط .... واط يدلك عليها هنا بغداد.....!!!

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1111  الجمعة 17/07/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم