أقلام حرة

من مكرمة الى هدية

 مكرمة وزيادة نصف كيلو سكر او رز او زيت طعام على الحصة التموينية مكرمة وهكذا بقية الامور الاخرى من زيادة الرواتب او توفير فرصة عمل او توظيف مجموعة من العمال او اعطاء المنح والمكافآت الى بعض الادباء والشعراء الذين يمجدون افعال واقوال (القائد الضرورة). على شكل مكرمة ثقافية.

 

وبعد التغيير السياسي في التاسع من نيسان حلم معظم الناس بالرخاء والراحة ونيل حقوقهم بالتعيين والعمل والعيش الرغيد ومجانية التعليم والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي بشكل انسيابي حسب قانون او دستور وهذا ما تضمنه دستور العراق الاخير من ان البلد وخيراته ملك الجميع حيث يأخذ كل فرد حصته وحقه في ما يقدمه من عمل وواجب.

كما الزم الدستور الحكومة بتقديم وتوفير الخدمات العامة من الماء الصالح للشرب وتبليط الشوارع والكهرباء والخدمات الصحية والامورالاخرى وهذا ما موجود في كل الدول والبلدان الا في العراق فقد تحولت المكرمة الى هدية وهذا نراه في الكثير من الاعمال الموجودة الان فهذه هدية المسؤول فلان الفلاني الى اهالي المنطقة الفلانية مع العلم ان هذا المسؤول لم يصرف درهما من ماله الخاص وحتى لو كان ذلك، فمن اين اتى بهذا المال؟! ، وهذا المركزالصحي هدية ال.... الفلاني الى اهالي المنطقة كذا وتلك هدية محافظ او رئيس مجلس بلدي او... وهكذا تتوالى المكارم عفوا الهدايا بمناسبة وغير مناسبة .

لكن ان ياتي الدور على مؤسسة حكومية تنفق المال العام اي مال الشعب وتصفه بانه هدية فتلكم هي المصيبة. فعلى سبيل المثال تم توزيع مولدات كهربائية على بعض الاحياء السكنية في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد وهي خطوة جيدة تستحق الثناء، لكن الغريب في الامر تكاد لا تخلو مولدة منها الا وعلقت عليها لافتة مدون عليها (هدية محافظة بغداد الى اهالي الحي الكذا) مع تسعير الامبير بسبعة الاف دينار وتحديد اوقات التشغيل الرسمي. والمعلوم للجميع ان الهدية توهب من غير مقابل فاذا كانت المولدة هدية كما تزعم محافظة بغداد فلماذا يسعر الامبير بمبلغ مالي حتى لو كان زهيداً من وجهة نظر محافظة بغداد والمسؤولين عليها.

هذا الامر جعل المواطنين يتذمرون من الحال الذي لم يختلف عن احوال وممارسات سابقة للنظام المباد وهم يتذكرون المكارم التي كانت السلطة تمن بها عليهم ، اذ ان الحال اخذ بالتكرار مرة اخرى وللاسف الشديد ، لكن امراة مسنة كانت تقف بجوار احدى المولدات املا بايصال السلك من المولدة الى البيت لتنعم بهدية المحافظة وهي تردد (اطعمه من لحم ثوره).

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1111  الجمعة 17/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم