أقلام حرة

الإمام موسى ألكاظم .. مدرسة ألصبر ومنهج ألأخلاق

الجمعة كان الموعد، كان الأمل المشع، لسجين أرعب حاكمه فقط بخشوعه وصبره، فما كان من الحاكم إلا أن يرديه قتيلاً بطريقة السم، ليكون الوداع ؛ مقولة أريد لها ان تحترف معنى الحياة، لتصنع جسرالشهادة .

 

 بينما الجسر بقي شاهداً على ذلك الموعد، بقي الإمام منبراً، لتلك الخاتمة من الدنيا، وسبباً ليفد الوافدون إلى مقامه، الذي تجسد ساطعاً يضيء وحشة الأرواح المكفهرة، لعله يطهرها من عبث الفاسقين .

 

هنا ومع كل عام إذ يتجدد اللقاء، يبقى الحلم، ذلك السعي المطلق إلى عالم الطهر .

 موسى بن جعفرعليه السلام ؛ هذا القدر المتكامل من السمو، هذا الكاظم الغيظ في أقسى أنواع المواقف، هذا الملاك الذي يصبح الحلم فيه إسطورة، إختص بها فقط أولئك المنتجبون، هذا الشاهد الحقيقي لمعنى الإسلام وروعته، المرشد إلى طريق الهدى ومدرسة الصبر وألأخلاق، تلك المدرسة التي ما زالت ماثلة تكشف زيف السلاطين، لتشهد معنى الدين واصالته .

 

بكل جبروته يقف هادئاً مستكيناً ذلك الشيخ الوقور، ليعلّم الأجيال معنى الكرامة، وليقطع أوهام المتسلطين بسيف حلمه الرصين، سجيناً أمضى تاريخ حياته، قوياً مهيباً، شامخاً يتطلع إلى الفرج القادم عبر اسوار الكرامة، جندياً في الذاكرة، ليعلم  الجميع معنى الحكمة والفضيلة في دستور الإسلام، ليردعلى اعداء الحياة وأعداء الإنسانية، ليعلمهم ثورة المعنى ومعنى الثورة وفقا لقانون الصبر،  ليدعو إلى ربه بخشوع، وليبارك القلوب المتجهة لزيارته وفق مقاسات المقامات المباركة للأطهار والصالحين، الصابرالمحتسب لقوم جهلوه، فأمضوا به الى زنزانة موحشة، ليعلُّمهم معنى العصمة، تلك الصفة التي اختصها الله بالإئمة  كما الأنبياء، لتنبض وفقاً  لمقاييس الآخرة .

 

هنا ينهض السجين حين موته، ليستكمل شوط إمامته بعد أن أمضى الشوط الأول من رسالته في سجن إمبراطور،أباح لنفسه أن يقيد أنوار الفضيلة في أقسى ظلمة عرفتها سجون الطغاة، حتى أن الزنزانة أبَت ان تمسك بها اكراما منها لنورالإمامة  وروعته الساطعة، لتعلن إحتجاجها وتطلق صرخاتها بوجه ذلك الطاغوت، بينما الطاغوت استكبر،ليقطع ذلك البريق ظناً منه انه سينتصر،  هنا السماء اعلنت عن ولادة كوكب جميل، كوكب يختلف تماماً عن بقية الكواكب، ولهذا تقرر لهذا الكوكب الساطع ان يحيا في دائرة الأرض . 

 

عندئذٍ ونظراً الى ذلك، صار على الناس وفي كل عام أن يحتفلوا بتلك الشهادة، ويعبروا عن ذلك ألإيمان المطلق بالخير والمحبة رداً على سيوف الحكام المتسلطين .

 

*سورة السجدة .  

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1112  السبت 18/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم