أقلام حرة

الناس وبين من الناس والى الناس .. فلاح العزاوي مثلا يحتذى به

دورا بارزا ومهما، ليس في تحضره وتمدنه أو اكتسابه دروسا وعبرا من الآم وتضحيات الشعوب، وإنما وسيلة للتخدير والابتعاد عن الهموم والمعاناة، ففي الوقت اليسير الذي يتوفر فيه التيار الكهربائي، ينشغل اغلب العراقيين من لا علاقة لهم بالشأن السياسي ومن المتعبين في البحث عن قوت يومهم في متابعة المدبلجات التركية، وروتانا بمختلف قنواتها أو مع (أوبرا وتايرا) في القناتين الأمريكيتين اللتين لا يتاح للأمريكي في أمريكا مشاهدتهما مجانا، وقد وهبتهما أمريكا للعراقيين مجانا، للابتعاد عن الهموم والمشاكل والآلام، ولتكن محطات استراحة عابرة في حياة أرهقتها متاعب اليوم الدامي، كل هذا ووزارة الثقافة لا يعنيها ماذا يريد العراقي في فضائيتها الرسمية، في الوقت التي تكون، فيه بأمس الحاجة إليه، فقط لو كان المعنيون في هذا الشأن يدركون ماهي حقوق وواجبات العراقي تجاه هذه الوزارة وفضائيتها .

أصبح العراقي بعد مخاض عسير من احتلال قاس، امتدت ظلاله إلى أكثر من ست سنوات عجاف، بذلت فيها الحكومة الحالية جهودا مضنية من اجل فرض السيطرة الأمنية ولو بشكل غير مكتمل نهائيا، ولكنها جهود مشكورة ومخلصة حيث حدت نسبيا من حمامات الدم العراقي البريء والفقير التي جرت ساخنة ولفترة طويلة جدا .

ولا نعلم ماذا يخبئه لنا الزمن القادم بعد أن خرجت قوات الاحتلال وإلا غير رجعة من المدن والقصبات إلى القواعد خارجها، ونحن على أبواب انتخابات برلمانية جديدة، يعني ذلك على أبواب حصص وامتيازات ووزارات تعمل لأحزابها، وتوفير الحمايات لأشخاص لم يقدموا للناس بمقدار تلك الحمايات والأهمية، وكل تلك الأموال المصروفة والتي ستصرف قريبا معول على استيفائها في نتائج الانتخابات القادمة (والله اليستر من تاليها).

وهنا أقول من هو المسؤول عن الناس في ظل غياب المسؤولية المتفرعة في البحث عن الاستقرار وأمور أخرى .

رئيس الوزراء العراقي همه الأمن والأمان .. وهذا مشروع إنساني كبير يحتاجه العراق بكل ثقل العمل المكثف، وعلينا جميعا مساندته ومؤازرته في هذا المجال فالدم العراقي الشريف نزف من قلوب الفقراء مايكفي لتطهير عالم بأكمله .

الوزير الفلاني همه حماية نفسه، وتأمين مستقبله ومستقبل عائلته في الخارج، المدير العام في الوزارة الفلانية له أقارب وأصدقاء ومقربون معني بتوفير الوظائف لهم، وحتى ابسط موظف صغير في الدولة العراقية ينظر الآن إلى خزائنها بعين الريبة فعليه أن يقتطع حصته من(كعكة) المحاصصة التي أصبحت توزع بالمجان .

والقنوات الفضائية العراقية الرسمية وغير الرسمية مشغولة للتطبيل لهذا وذاك وبث سياسة أحزابها التي تشرف على تمويلها .

الأعلام أيها السيدات والسادة هو عون المسؤول وذراعه اليمنى في بناء البلد، وحتى لو كان كلامه قاسيا عليه، فأنه سيكون دليله في صدق الانتماء إلى المبادئ التي ناضل من اجلها، والتضحيات الجسام التي بذلها في العمل السري والتشرد في الغربة من اجل الوصول إلى الحقيقة التي يبحث عتها في ذاته المنتمية، وليس في الذات البراقة الخادعة .

أليس جميع المسؤولين الآن هم من معارضة النظام السابق، ومن أحزاب لها تاريخ نضالي مشرف وكبير في مقارعة الظلم ومحاربة الاستعمار، كما هو مدون في شعاراتهم وأدبياتهم .. ونضالهم هو نضال من اجل الإنسان العراقي الضعيف وضد الظلم والتعسف والاستعباد؟

ما الذي حصل إذن؟

كل المناضلين من اجل حرية الإنسان والمطالبة بحقوقه أصبحوا طبقات مترفعة محمية بأسوار عاجية لا هم لهم سوى التفكير بمصالحهم لا غير .

من يحمي الذي يبحث في القمامة من اجل قوت عائلته، وهذه ليست خرافة وإنما هي حقيقة ملموسة في اغلب المدن العراقية؟

من يحمي خريج الكلية الذي أهدر عمره في الحصول على الشهادة، ليبيع الطماطة وما ماثلها في سوق الخضار، بعد ست سنوات متواليات على تسلمه لتلك الشهادة؟

من يوفر الكهرباء والماء والدواء والخدمات الأخرى للفقراء الذين لا حول ولا قوة لهم .أليسوا هم المناضلون المضحون من اجل تلك الشرائح التي عاهدوا النفس واقسموا قسم الولاء لله وللمبادئ على التضحية في سبيلها وإسعادها، ليعطيهم التاريخ حقوقهم في الجهاد والنضال، وينصفهم وقت توزيع المكانات؟

الناس وأقصد الفقراء منهم من لم يجد له معينا في دوامة العراق القاسية، لا ينضرون بعيون الارتياح سوى إلى الذي يصرخ من اجل عيونهم الملتاعة وصدورهم التي ضاق بها الحيف، وهذا ما لم أجده في الأعلام العراقي المرئي أو المسموع عدا بعض القنوات العراقية التي لمست بها وجعا عراقيا أصيلا مما دفعني إلى مشاهدة ومتابعة برامجها التي أقصد ومنها قناة (الديار) وبرنامجي ( بين الناس ) و(لقاء الجمعة) للمعد والمقدم فلاح العزاوي .

أنا لا يعنيني توجه هذه القناة أو تلك رسمية أو غير رسمية، وإنما يعنيني صوت الناس فيها، لو كان لكل قناة عراقية فضائية صوتا للناس يشابه صوت الأستاذ فلاح العزاوي، لأصبح الفقراء في العراق قوة لا يستهان بها .

هذا الرجل الشجاع يتابع ويتتبع صوت الإنسان العراقي المتعب أينما كان (في القرية، في الناحية، في البادية، في المناطق الساخنة وغير الساخنة) يتحدث بوجع قلب وحرقة، ينقل هموم الناس ويتحدث إليهم وكأنه واحد منهم، يشعر في حجم المأساة في قلبه وضميره، يعاتب المسؤولين ويطالبهم بالإيفاء والالتزام بعهودهم التي قطعوها إلى الفقراء عندما أدلوا بأصواتهم إليهم وأوصلوهم إلى ما هم عليه الآن.

أقول ذلك وليشهد الله إنني لا اعرف الأستاذ فلاح العزازوي، ولم التقية أو اسمع صوته أو أرى صورته سوى في التلفاز، وأتمنى أن أكون صديقا له وأتشرف بصداقته، لأنه عراقي أصيل يمتلك من الشهامة والشجاعة ما يمكنه من قول الحق في الدفاع عن حقوق العراقيين من الفقراء والمشردين والمهجرين والمظلومين، وأتمنى على جميع الأدباء والفنانين والمسؤولين والمتنفذين الذين يحبون العراق وناس العراق وفقراء العراق أن يكونوا أصدقاء أوفياء لهذا الرجل الطيب .

وليكن ناس العراق وفقراء العراق ومستقبل العراق هو هدفنا جميعا، وان تحذو جميع القنوات العراقية الفضائية ما تحذوه فناتي (الديار والبغدادية) لتقديم برامج مشابهة، لبرنامجي (بين الناس و هموم الناس) وإذا كانت هنالك برامج مشابهة تفدم من على شاشات عراقية فضائية أخرى لم أتابعها لضيق الوقت .. أرجو الاتصال وإخباري ليكون لها من وقتي متسعا للمشاهدة والمتابعة والكتابة عنها، لأن ناس العراق وفقراء العراق هم أحوج منا اليوم إلى الالتفاف حولهم وإيصال أصواتهم إلى أصحاب القرار بقوة وحزم، وليكن العراق وناس العراق وفقراء العراق هو همنا الأول ايتها السيدات أيها السادة في الدولة العراقية والأعلام العراقي يؤازرها صوت كل من أحب العراق وناس العراق وهواء مع التقدير .

 

[email protected]

 

 ............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1112  السبت 18/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم