أقلام حرة

تجسيد اليسارية الحقيقية بحاجة الى الديموقراطة الراسخة

الا انه نابع من المصدر الجوهري الرئيسي الخاص بكافة انواعهو اشكاله وهو في خدمة الانسانية ومضمونه حامل لرفع هموم الطبقة الكادحة والفقراء والمظلومين بالخصوص، اي المنبع والاصل والجوهر واحد غير متعدد على الرغم من تعدد المظاهر وسعة المساحة والاطار  واضح وعالي .

 

و كما هو المعلوم ان اليسارية تعتمد بشكل اساس على مجموعة من المباديء الرئيسية المرتبطة بالمادية كفلسفة وعلم وكاهم توجه وسلك لطريق العلمانية وما مرتبط بها من الاهداف والمضامين، والهدف هو التنمية والتطور الطبيعي للحياة ومنها التدرج والتقدم البايولوجي للاحياء ومن ضمنها الانسان كاهم نوع وكفرع وصنف راقي متطور للاصل المشترك للجميع .

 

اما من الناحية الايديولوجية والفكرية التي تتحمل الكثير للبحث فيها وما قيل عنها لحد اليوم، والالية المتبعة لتطبيق الفكر اليساري وهو ينبثق من المنبع الوافر وتتفرع منه الاجزاء او ما يمكن ان نسميها بالمفاهيم ومسميات وحسب ما يهتم هذا الفكر بالقواعد العديدة المرتبطة به، وتكون الافاق واضحة ومستنيرة فيما يخص باليسارية وارتباطاتها بالانسانية كفكر وفلسفة وخصائص مهما كثرت العوائق والعقبات، اي انها التي تهتم بالانسانية قبل اي شيء اخر وتعمل لخدمتها ومن اجل العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحرية لها، والانسانية هي التي تحتاج الى اليسارية اكثر من غيرها في العديد من المجالات او يمكن ان نقول المجالات قاطبة، ولا يمكن لاي فكر او فلسفة اخرى ان تحل محلها بخصوص ما تهم بانسان بحد ذاته كعقل  وكيان منفرد وما يهمه من الناحية الانسانية البحتة دون غيره، والمناهج الاخرى تكون ناقصة المضمون والجوهر والتطبيق ان لم تستفد من الفكر والفلسفة اليسارية العلمية في تسيير امور الحياة مهما استنكر المعادون . وبخلاف ذلك ان الافكار والنظريات المطروحة تكون متعرجة ومنحرفة وملتوية لو لم تضع في الحسبان ونظر الاعتبار المباديء الاساسية لليسارية والاعمدة التي تعتمدها في تعاقب المراحل الواجب تسلسلها لتطور الانسانية ومعيشة البشر من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلاقات العامة حسب الزمان والمكان المراد ترسيخها وتوازنها مع مستوى متطلبات الانسان وما فيه من الوعي العام، ومن ثم تقييم المرحلة التاريخية وكيفية الانتقال الى الاخرى ولمس التغييرات بعد ضمان دعائم العصر الجديد ومتطلباته وما يجري على ارض الواقع .

 

المعلوم، ان اليسارية بكافة مسمياتها وملحقاتها وتوابعها وما ترتبط بها من المفاهيم الثانوية وابعادها، تحتاج الى اليات ومفاهيم اخرى ذات علاقة مرتبطة بها على اسس جدلية علمية وفي مقدمة ما يمكن ان توازيها في التقدم وتكون مرافقة لها هي الديموقراطية الحقيقية وضمان تطورها وعدم تراجعها مهما كانت العوائق وان تراجع الوضع العام للمجتمع، من اجل التطور الطبيعي دون القفزعلى المراحل المتعاقبة من تطور المجتمع بما فيه تطور الانسان بشكل خاص . ويمكن ان نلمس الاختلافات من واقع لاخر ومن ظروف لاخرى ومن مرحلة تاريخية لاخرى ومن شعب وما يتصف به من السمات لاخر، وحسب الحاجات والضرورات والخصوصيات، وما يحتاج الى خطابات وشعارات متنوعة لضمان التجسيد الصحيح لليسارية وعدم افراز السلبيات والتقليل من تاثير ما تحدث من مضاعفات على الوضع المتغير طبيعيا . ومن الخصوصيات التي يمكن مراعاتها هو ارتباط اي مجتمع بما يلائم وضعه وكما يهم مسيرة حياته ومعيشته واحتياجاته واولوياته، وهنا يمكن لليسارية ان تضمن ما تتطلبه اية مرحلة وفق ما تتميز بها بعيدا عن التعصب والانانية او اي صفة مضرة من نفي لاخر او الغائه، واحترام التعددية والاراء المختلفة والمواقف المتعددة تجاه الاحداث والمواضيع، وهذه هي اهم المباديء الديموقراطية بذاتها ايضا والعوامل المشتركة بين اليسارية والديموقراطية تفرض تلازمهما وكيفية تجسيدهما كفكر والية وفلسفة وايديولوجيا ان تطلب الامر . اي ضمان حقوق الشعوب بما فيها من القوميات والفئات والشرائح والطبقات المختلفة يعتمد على كيفية ربط اليسارية الحقيقية الواقعية بالديموقراطية ودعم المباديء الاساسية لليسارية وما تتطلبه الديموقراطية من العوامل والاعمدة والدعائم وتراكبهما بمعادلات علمية دقيقة ذات علاقة جدلية وروابط تقدمية متينة مع البعض، لا يمكن لاحداهما رفض الاخرى من عملية التفاعل الساخن وفي وسط طبيعي مساعد . وبه يمكن ان نتاكد بان اليسارية في ظروف واوضاع متجسدة الديموقراطية فيها (مهما كانت العوائق وكيفما سميناها) ستضمن الحقوق المتنوعة المختلفة الاشكال للمكونات والطبقات والفئات والشرائح العديدة المختلفة التي تكوٍن الشعوب لو طبقت بحذافيرها وكما هي،و في جو تقدمي وواقع ضامن للحرية والعدالة الاجتماعية والتعايش السلمي في ظل احترام الاخر وعدم الغائه او نفي ارائه او افكاره واعتقاداته . وهنا يمكن ان نقول ان مصدر اليسارية ودواعمها واعمدتها ومسانداتها نابعة من مواقع ومدارس وتوجهات ومصادر مشتركة، وفي اكثر الاحيان يمكن ان تكون واحدة موحدة مهما كانت ملحقاتها ومرتبطاتها وتسمياتها متنوعة .

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1117  الخميس 23/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم