أقلام حرة

النتائج الاولية للانتخابات تشير الى تغيير الخارطة السياسية في اقليم كوردستان

 استنتجت ما اعتمدت على ما لمسته من الارضية والمتغيرات، وهكذا تحققت ما استنتجته بشكل واضح وما ذكرته من قبل وملخصه  هو بقاء السلطة وبشكل مغاير ونسبي كما هي عليه مع التغيير الملحوظ والمناسب والواقعي في المقدار وما تتطلبه المستجدات الحقيقية على ارض الواقع وما تفرضه الامال والامنيات ونوايا الاجيال الجديدة التي نشات في العقدين الاخيرين، وما افرزته مسيرة الحكم في هذه الفترة من الحكم من قبل السلطة ومن الوقائع والاحداث وخلط في التركيبة السياسية العامة، والتي فرضت تحركات قوية في الساحة مسببة تهيجا وخلطا للاوراق وتحركا واضحا للبُركة الساكنة السائدة منذ فترة طويلة على حالها، وهذا هو سنة التغيير والحياة والتطور الطبيعي في كافة المجالات ان اعتمدنا علميا على ما يجب ان نسير عليه .

 

ان ما توضحت لحد الساعة من النتائج،  تدلنا على التقدم الملحوظ في مسيرة العملية السياسية ومبادئها، والتي تسير بشكل سلمي وامن في ظل الوضع الثقافي الاجتماعي الاقتصادي الموجود منذ مدة، وما جرت من الانتخابات السلسة والمنافسات المدنية الحضارية من جميع الجهات تدلنا على ان العملية الديموقراطية المنشودة قد وضعت الحجر الاساس للعملية السياسية الطويلة الامد واتخذت طريقها وسكتها الصحيحة وخطت خطوتها الاولى بنجاح باهر، وهذا ما يفرح النفس مقارنة بتاريخ كوردستان المليء بالمآسي والالام، والمتخلفة عن البقاع الاخرى في كثير من النواحي من جراء الظروف غير الطبيعية التي مرت بها، وما يتصف به شعبه من السمات الاجتماعية المتاثرة بترسبات تاريخه وما يتضمنه من الحوادث والحروب الدموية التي فرضت عليه والفوضى والاحتلال والغدر الدائم من قبل العديد من الجهات العالمية والاقليمية طوال هذه المراحل المسبقة .

 

هذه هي التجربة الحقيقية الثالثة لتطبيق اهم اليات العملية الديموقراطية المتشعبة الاطراف والتي تحتاج لمساند واعمدة وركائز قوية وعصرية لضمان نجاحها، وهي الانتخابات وما يرتبط بها ومضامينها في هذا الاقليم وكتجربة اولى في هذه المنطقة لاقليم حر بشكل عام .

 

 ان ما اتسمت به السلطة في الفترة السابقة ومنذ انتفاضة اذار عام 1991و ما جرى من التغييرات وما شابت التجربة من الحوادث المثيرة والمؤسفة والتي اثرت سلبيا على واقع الاقليم، تلمسنا بشكل واضح وصريح بان السلطة الحقيقية بيد الاحزاب الثورية الرئيسية والتي ناضلت وكافحت بشكل مسلح ونقلت صفاتها ومميزاتها الثورية الوطنية قلبا وقالبا من اطار الحركة التحررية الكوردستانية الى واقع وارضية جديدة عليها وهي المدن وما تتطلبها السلطة المدنية ومحتواها وما تفرضها على الملمين بها، وحدثت تناقضات واحتكاكات وحروب، والمسيطر والحاكم الاوحد المستمد قوته من الشعب على انه المكافح من اجل اهدافه وشعاراته الثورية هو الحزب وكما  ترجمت كذلك تلك الصفات الى السلطة التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية، ومن وراء الستار ومن خلال التدخلات الدائمة دون اي رادع يُذكر على الرغم من تطرق العديد من الجهات لهذا الموضوع من قريب، وخاصة الاعلام المستقل الحر نسبيا والحديث المنشا . اي التفاف الحزب حول السلطات الموجودة مما اعاق من عملها من اجل المصالح الايديولوجية والتنظيمية الحزبية والشخصية، وكان لسيطرة الاحزاب المتنفذة المطلقة دور سلبي وان كان غير مباشر في تسيير السلطة وادامة امور الحكم، وهي مكبلة اليدين والاحزاب مطلقة وحرة غير مكترثة بالاراء والمواقف لعدم وجود معارضة حقيقية مخلصة نابعة من ارض الواقع وذات ثقل واضح غير خاضع لشروط السلطة، وهي الواجبة الوجود ومكملة للسلطة والحكومة الديموقراطية الحقيقية الحرة .

 

 اليوم، وبعد القاء النظرة على النتائج البدائية لانتخابات برلمان كوردستان الجديد، تستوضح لدينا عدة امور واوضاع ومن ضمنها الخارطة السياسية الجديدة المقبلة والتي ظهرت اطرها من خلال هذه النتائج، وهي ولادة العنصر المهم واحد اهم ركائز واعمدة ومسند للعملية الديموقراطية وهو انبثاق قوى معارضة فعالة ولها كلمتها وثقلها وقاعدتها الجماهيرية والتي يمكنها الاعتماد على نفسها في كافة امورها الفكرية والادارية والمالية والثقافية والاعلامية، وتعيد نصاب عمل البرلمان الى وضعه الطبيعي لاداء واجباته الرئيسية الضرورية وتفعيله بعيدا عن سيطرة الاحزاب، ومن خلال المهمتين الرئيسيتين الخاصتين به وهما اقرار القوانين والقرارات استنادا على مصالح الشعب بعيدا عن الاهداف الحزبية والشخصية الضيقة، ومن ثم مراقبة السلطة التنفيذية والتشدد والاصرار على محاربة الفساد والاهتماد بالنزاهة واستقلالية السلطات الثلاث وتثبيت مبدا القانون فوق الجميع، كاهم اركان النظام الديموقراطي الحر الجديد . والنتائج تبشرنا بذلك في هذه الخطوة المتقدمة التي خطاها الشعب، الا ان التجارب المستقبلية المقبلة ستزيد من صقل العملية وتكثف من الخبرات وما يطمح اليه الشعب وهو سيطرة المؤسساتية واتباع العلمانية والتمدن والحداثة في العملية السياسية في كوردستان . ولتكن التجربة التي اختبرناها يحٌتذى بها في المنطقة، وهذا ما يتم بالمستوى الثقافي المطلوب والوعي العام والتغييرات الاجتماعية الاقتصادية المنشودة بعد الاصلاحات المفروضة في البنية الاساسية لاقليم كوردستان .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1121  الاثنين 27/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم