أقلام حرة

الخطوات المطلوبة لما بعد الانتخابات البرلمانية في اقليم كوردستان

سمعنا وقرانا ما يتمناه كل مواطن كوردستاني من البرامج والادعاءات والوعود والاوصاف والاليات التي يمكن ان يطبقوها لتحقيق الاهداف والشعارات التي رفعوها، مع شيء معقول من الانتقاد للاخر وبيان سلبيات ونقاط ضعف وما موجود في بنية المكونات السياسية كافة، وصل في بعض منها حد التحرش والخدش والقذف والقدح،و اتباع اساليب غير مرضية في حالات قلية نسبة الى حجم العملية، والاهم ان هذه المرحلة مرت بسلام واجريت عملية التصويت دون اي خرق امني، وهذا من دواعي سرور الجميع وهو اولى الامنيات للمخلصين.

 

و النتائج البدائية تُظهر لدينا تغييرات واضحة في تركيبة البرلمان الجديد، الا ان السلطة المقبلة وحسب التوقعات والنتائج والانطباعات والتحليلات السياسية العلمية ستقتصر على الحزبين وهم مصرين على اداء عمل السلطة في هذه المرحلة لوحدهم لاسبابهم الذاتية المقنعة الى حد معقول،و سينتكفون على تشكيل الحكومة من القوتين المسيطرتين على الساحة السياسية الكوردستانية منذ عقدين، ولكن بفارق ملحوظ هو وجود معارضة فعالة ومن الممكن ان تعيد بعض الامكانيات وتوفير الوسائل الضرورية لتحقيق واجبات السلطة التشريعية بشيء من الجدية المطلوبة .

 

المرحلة المقبلة تفرض العديد من المواقف والافعال وطرق لتنفيذ الوعود والبرامج التي طرحت على الساحة والذي قطعته الاطراف كافة على نفسها. لو همشنا الوعود والفقرات الحزبية والشخصية والتي يمكن ان تهم فئة او مجموعة دون اخرى، واكدنا على ما يهم ابناء الشعب كافة وبكل فئاتهم ومكوناتهم، لابد للاطراف ان تنفذ ما يقدم التجربة الفريدة في تاريخ كوردستان ولتسهيل المهمة من اجل الانتقال الى المرحلة الاخرى في الحياة العامة لاقليم كوردستان من جميع النواحي والتي تؤثر بشكل واخر على العراق والمنطقة بشكل عام . السلطة الجديدة عليها حصة الاسد من تلك الواجبات التي من المفروض ادائها وبشكل تقدمي عصري .

 

من الناحية السياسية، فان السلطة والحكومة التي تنبثق، يجب ان تثبت للجماهير انها محل الثقة والامكانية والقوة وهي في مستوى تامين الضرورات وما تتطلبها المرحلة . وقبل اي شيء، على الاحزاب المتنفذة التي كانت مسيطرة على زمام الامور طيل الفترة السابقة ان تبين لمؤيديها قبل الشعب بكامله بانها تجري الاصلاح والتغيير في تركيبتها الداخلية وهيكليتها وبرنامجا ومؤسساتها وافعالها والية عملها، وعليها ان تقطع تدخلاتها الحزبية في شؤون الحكومة والمؤسسات الرسمية،وتطبيق الية فصل السلطات الثلاثة بحذافيرها التي يقع على عاتقها بالذات .و عليها تامين الضرورات الانية الملحة من تقديم الخدمات ومتطلبات العصر لمكونات الشعب كاولى الاولويات، وفي مقدمتها،و من المتطلبات الاساسية السياسية هو تغيير النظام الانتخابي ليكون اكثر ديموقراطية ومناسبا من اجل ادلاء بالراي المباشر للمرشح المناسب في الانتخابات المقبلة وليس من خلال القوائم الحزبية التي تخلط فيها الحابل بالنابل . ويجب ان يكون القانون حرا مستقلا ومستندا على دستور ديموقراطي لتعميق وتجسيد الحرية والحقوق المدنية العامة للانسان، ويقرٍبنا من المساواة ورفع مستوى الثقافة العامة والسياسية والاجتماعية وتثبيتها وترسيخ المباديء العلمانية المدنية في المرحلة المقبلة،والاهم ان يكون القانون فوق الجميع وفي مقدمتهم القوى المتنفذة .

 

من المهام الهامة ومن الاولويات التي تفرض نفسها،ابعاد ما يخص الشعب من الناحية الامنية والعسكرية والمخابراتية وكيفية المحافظة على الامن القومي والاقتصادي والعدالة والاهداف الاجتماعية عن الحزب واقتصارها بيد الحكومة فقط، وتوحيد الجيش والقوى الامنية الداخلية وادارته من قبل الوزارات المعنية المختصة بعيدا عن تدخلات الاحزاب في شؤونهم والمحافظة على استقلاليتهم، وانهاء ضغوطات الاحزاب المتسلطة وجعل الحكومة المصدر الوحيد للسلطة، لاجبار الجميع على تطبيق القانون واداء النشاط الحزبي ضمن الاطار القانوني المحدد له .

 

هنا يمكن التعويل على فصل الحكومة عن الحزب والاقتراب من ماسستها ويمكن تسهيل امور المواطنين من خلالها، وعندئذ يمكن الاعتماد على الاختصاص والخبرة والتجربة والنزاهة وما ضي واخلاقية الشخص المراد تكليفه في اداء واجب حكومي وسياسي،و اي منصب او موقع حكومي كان، بعيدا عن التزكيات الحزبية التي اعتمدت عليهاالسلطة في المرحلة السابقة، وحينئذ يمكن تطبيق وضع الشخصية المناسبة في المكان الملائم .

 

اما من الناحية الاقتصادية، وهي مرتبطة بشكل وثيق بالعمل السياسي ومن واجبات الحكومة الاهتمام المباشر بكيفية تطبيق التساوي في توزيع الثروات واتباع الشفافية من الناحية الادارية والمالية وتوضيح الخطط والبرامج الاستراتيجية البعيدة المدى للمواطن على الملأ، وتنفيذ المشاريع تحت مراقبة ممثلي الشعب وليس الاحزاب، وتقييم المنجزات من قبل اللجان النزيهة المستقلة المخلصة والمختصة في كل مجال، ولدينا منهم الكثير،. لتتمكن الحكومة من ان تكون موضع ثقة الشعب باكمله . واهم الواجبات وفي مقدمة المهمات التي تفرض نفسها وتتطلب الاصرار عليها وهي محاربة الفساد ومحاولة استئصاله بكل الوسائل المتاحة .

 

وهناك امور في النواحي الاخرى والتي من الواجب الاهتمام الاكثر بها وهي مسالة العمال والكادحين والبطالة والشباب والمراة ومعاناتهم وكيفية ضمان حياتهم وتحقيق اهدافهم وتشغيلهم، ليكونوا عنصرا فعالا ومشاركا متقدما في بناء الوطن، والاهم معالجة مشاكلهم وتسهيل تحقيق امانيهم بال امكانيات المتوفرة، وبالتنظيم العلمي الصحيح . والاهتمام الكبير بالاطفال وما يخصهم، وهو في مقدمة الواجبات الاستراتيجية الرئيسية لضمان المستقبل للمجتمع .

 

هناك ايضا من الواجبات الاجتماعية العامة والهامة والتي على الحكومة العمل عليها ورفع مستوى الوضع الاجتماعي العام واتباع الطرق الضرورية لتقدم المجتمع وما موجود فيه من الصفات والعادات والتقاليد والثقافات، وفي المقابل ازالة المعوقات التي تفرض علينا ايجاد الطرق والوسائل الضرورية لانهائها او تخفيف من وطاتها وتاثيراتها السلبية على حياة المجتمع، وبه يمكن دفع المجتمع نحو الامام .

 

اما اهم النواحي التي يجب ان تكون في مقدمة واولوية الخطط وبرامج الحكومة التي تسيرمنذ عقدين بشكل عفوي ودون خطط واستراتيجيات، بل بجهود حزبية او فردية فقط، واعتمادا على النتاجات القليلة هنا وهناك بالذات وهي الالمامات بالناحية الثقافية التي لولاها من الصعب تحقيق الاهداف السياسية الاقتصادية والاجتماعية باكمل وجه.

 

لو ظهرت واستوضحت نتائج اداء تلك الواجبات العامة التي تخص الحكومة والسلطة المقبلة،ستكون موضع ثقة الشعب وتفيد نفسها للمراحل الانتخابية المقبلة وسيتقدم المجتمع خطوة اخرى الى الامام، وهذا هو هدف المخلصين لهذا الشعب المظلوم، ولكن ما يُبقي المجتمع حيا فاعلا ومنتجا هو اعتماد الحكومة على الحوار المتعدد الجوانب مع كافة الاطراف والاتجاهات الموجودة على الساحة، والاهم ابتعادها عن لغة التهميش والغاء الاخر، وتجسيد ايمان الشعب بالسلطة العادلة اذا ترسخت . وعلى الحكومة استخدام الوسائل العصرية وان كان الاطراف الموجودة ضعيفة البنية والثقل والامكانية، وكل ذلك من اجل الشعب ومستقبله .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1122  الثلاثاء 28/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم