أقلام حرة

كيف كان دور المثقفين في الانتخابات البرلمانية الكوردستانية

والترويجات وما تغيرت من الخارطة السياسية،ما يمكننا ان نقف عند دور المثقف وما اهتم به وبرز نتيجة افعاله في تلك الفترة وفي هذه المرحلة التي مرت والتي كانت اكثر اختلافا من الانتخابات السابقة، بحيث كان لهم الدور المحدد في التاثير على الراي العام وتوجيه الناخب نحو جهة ما دون اخرى، هذا ما كان يميز مثقفي هذه الدورة عن سابقاتها . وما المستقاة خلال تلك الفترة هو وقوف العديد من المثقفين البارزين الى جانب طرف من التوجهين المسيطرين، اما المعارضة او السلطة، دون الاحتفاظ على حياديتهم المفيدة اكثر والتي تصقل من افكارهم وتزيد من تاثيراتهم ودورهم ومصداقيتهم بعيدا عن المصالح التي هي تدخل في صلب السياسة وما فيها، وهذا امر سلبي للوضع العام في كوردستان وللثقافة بشكل خاص، بحيث يمكننا ان نشير الى ان الانتقاد واجب لاصلاح الامور وفرض التغيير بشرط ان تكون نابعة من الطرف الموثوق المحايد، ويجب ان يكون الهدف والجوهر المعني والنظرة منها هو التطور وضمان الحرية وتامين العدالة الاجتماعية وتقديم الخدمات ورفع مستوى حياة المجتمع بكل مجالاتها .

 

ان المثقف المنتمي لحزب ما ويؤمن بفكره وعقيدته وواجباته الايديولوجية، لا غبار عليه على ما يعبٍر عنه وما هي وجهة نظره من خلال رؤية تنظيمه وهو معلوم للجميع ووفق ما يعتمد من الدلائل والمنطق يمكنه ان يحلل ويفسر ويقنع الناس، اما الذي يعتبر نفسه مستقلا محايدا مثقفا بعيدا عن الانتمائات والتحزب المصلحية سوى كان وطنيا او ديموقراطيا يساريا كان ام يمينيا في اعتقاداته لا يهمه سوى مصالح الشعب ومستقبل اجياله وهو الذي يعبر عما يجول في خاطره ويعلن على انه على بعد ومسافة واحدة من جميع الاطراف، وعلى حين غرة وفي وقت حساس، ان التوى وعرج ومال الى طرف، وحاول ان يجرف ما يقع امامه ويحاول ان تسير المياه لجهة ما وراء ما يفتح الطريق بمعوله، لا يمكن ان يعيد مصداقيته واعتبارات حياديته كما كان مهما ادعى وانكر بعد فوات الاوان .

 

و ما يؤسف له ان الفترة السابقة من الوضع العام في اقليم كوردستان شهد انفطار وانقسام العديد من الشرائح والطبقات والمجموعات، ولكن الاكثر سلبية من الجميع، هو ما جرى للمثقفين استنادا على المناطقية والتوجهات الضيقة، وان كان من دون قصد او تخطيط، وكما شاهدنا تقسيمهم على التوجهين والمنطقتين، بحيث لم نسمع من كان في الساحة المعترضة على اساليب السلطة (اعني الاسماء البارزين) وهو لم يدعم الجهة المسيطرة على ساحته والتي يساكنه في محافظته، والعكس صحيح ايضا، اي حتى المثقفين توزعوا على اطراف السلطة والمعارضة، وللاسف انقسموا جغرافيا ايضا وهذا ما يترك اثره السلبي الطويل الامد على الواقع الثقافي السياسي في كوردستان، ولم تبق فسحة لبقاء التاثيرات والتوجهات المحايدة المُصلحة والمعدٍلة للمثقفين، وهذا ما يحز في النفس في الوقت الذي نعيش عصر الحرية والعصرنة والافكار العالمية والحرية والديموقراطية وضمان حقوق الانسان والافكار الانسانية قبل اي فكر اخر ، ودنيا المعلوماتية والتقدم التكنولوجي، ولم ابالغ ان قلت لازال حتى مثقفينا يحصرون بانفسهم في الاطر الايديولوجية الضيقة والعتمدين على المصالح الشخصية والتي من المفروض ان يكونوا اكبر منها، ومن المحزن ان يعتمدوا على عقلهم الباطن ومستندين على لاشعورهم وما تفرزه من المناطقية الضيقة والبعيدة عن مصالح الوطن والامن القومي، والعاطفة اجبرتهم على ان لا يبتعدوا عما يجبرهم في الانتماء الى المدينة او المنطقة قبل كوردستان وما فيها . ومن الامور التي كشفت الجوهر الحقيقي للمثقفين الحقيقيين عمليا وليس كما يدعي اي منهم هو اتخاذ كل مجموعة مثقفة متاريس حزبية او جهوية او مناطقية او فكرية انية، وهم اختاروها من تلقاء انفسهم وبتاثيرات قربهم المناطقي او العاطفي او الاجتماعي او الايديولوجي وعاطفتهم وحنانهم الى موقع ومسكن الطفولة والتي من الواجب ان يكونوا اكبر من كل تلك التوجهات وترسباتها . وما هو المؤسف في ذلك انهم دعموا جهة دون اخرى متمنين في استلامها للسلطة ولاي غرض كان، وانهم بذاتهم وبكل عقليتهم وارادتهم وما يملكون كانوا يعلمون انهم يحاربون لجهة ومن خندقها، ومن المؤسف هذه الجهات لم يكن لديهم هدف من تورط المثقفين سوى مساعدتهم لتوجيه الراي العام وكسب الاصوات في سبيل استلام السلطة فقط او البقاء عليها وهم متسلطون، كما كانت في المقابل يُعتبرون كآلة لترويج السلع المطروحة ايام الحملات الانتخابية، وهذه هي المصيبة الكبرى والخطا الذي وقع فيه المثقفون، ويمكن اعتباره الكبوة او الانتكاسة الثقافية، لانها تحتاج لمرحلة وفترة اخرى كي تبرز مجموعة مستقلة ومحايدة من المثقفين، ولا يهمهم سوى تقويم الوضع والتحليل العلمي الصحيح والانتقادات من اجل الاصلاح والتغيير في المجتمع، يجب ان يكون هذا نابع من رحم المجتمع وليس ضمن الصراع للاحزاب ولاهداف ايديولوجية قحة فقط كما نرى اليوم . سوى كانوا على علم ام لا فان استلمت المعارضة السلطة او بقيت السلطة على حالها كما كان، فان المثقفين يُهمشون بعد فترة الترويج واعلان النتائج الانتخابية مباشرة دون اي تاخير، وهم اضروا بانفسهم قبل غيرهم، وبه يتضرر الشعب جميعا كتحصيل حاصل لذلك، وبعد ذلك يمكن ان يبدا كبت اصوات المثقفين الباقين من المخلصين للثقافة والادب، وهذا جزء من اخطائهم بانفسهم، سوى كان بعلمهم او دون قصد، وكافراز لمواقفهم وارائهم .

 

 

 

 

في المثقف اليوم