أقلام حرة

كان الخلل في التطبيق والتفسير والتاويل وليس النظرية بكاملها

من اجل استذكار النصوص التي اعتبرناها من المقدسات وواجبة الحضور والحفظ في كل لحظة كما كنا عليه في المراحل السابقة، وحتى في المناقشات الثانوية وتبادل الاراء حول اي موضوع كان ومهما كان مضمونه سياسيا او اجتماعيا او اقتصاديا ام ثقافيا، في المرحلة التي فرضت الظروف الموضوعية العالمية مثل هذه الحالة واصبحت ظاهرة استغرقت فترة طويلة،و خاصة بين المثقفين، ناهيك عن المنتمين للاحزاب البسارية، وكذلك المفكرين والكتاب والادباء والشعراء، وفي مقدمتهم القيادات السياسية . وان اختصرنا وحددنا الخلل في هذا الجانب فقط دون تطرق الى العوامل الاخرى لعدم الاستطالة، واستندنا على هذا السبب كعامل هام في احداث الخلل وظهور شروخات واسعة حتى بين اليساريين انفسهم، يمكن ان نحصل على ما نؤمن به وهو الخل هو في التطبيق والالية وليس النظرية بنفسهل كليا.

 

العامل الحاسم في عدم اتفاق العديد من الاطراف والجهات والتيارات حول قضية او صيغة او مفهوم او حتى جملة او عبارة في النصوص التي تحدث عنها الفلاسفة والجهابذة الكبار، هو الاستناد على المعنى الحرفي  لها وما تعنيه وما يسيل من ترجمتها واليات تطبيقها والعوامل المساعدة في تنفيذ اهدافها العامة .

 

ولو استحضرنا النظريات وتوقفنا عند الفلسفة اليسارية وما تتضمنه والظروف التي انبثقت منها والواقع المراد لتطبيقها، فان الخلافات ستفرض نفسها، هذا ليس في هذا الفكر والفلسفة والنظريات في هذه الجهة بالذات او تلك، ولا يمكن حصرها فيما تعنيه اليسارية فقط وانما في جميع الافكار والاراء والنظريات والفلسفات قاطبة . عليه يجب الخوض في العمق، وعلى المتتبعين قرائتها نصا ومضمونا وفق ما استنتجتها في حينه وما دفعها الى ان تفرز الخلافات والخلل، في وقتها كانت ام بعد فترة، وحصول المستجدات التي تجر معها الوقائع والارضية المختلفة لما سبقها لاي موضوع كان . ومن هنا يمكننا ان نقول بكل صراحة لا يوجد نص وان اعتبر مقدسا ومنزَلا ومعتبرا ان يتلائم مع كل زمان ومكان ويمكن تطبيقه بحذافيره وبشكل مطلق دون قراءة الوضع والظروف والمرحلة الجديدة لمتغيرات الزمن . وباعتقادي المتواضع لا يمكن الاستناد فكريا وفلسفيا على ثوابت غير قابلة للتغيير مهما جمعت من حولها هالات وتفسيرات من قبل المريدين والمؤيدين، او بالاحرى المتطرفين في الالتزام بالنصوص والنظريات وفلسفات وكانها منبثقة او متدفقة من العدم . وهذا ما يفند جوهر النظرية اليسارية بذاتها ان اعتمدنا العكس، وما يؤمن به اليسارية هو ان المصنوع والمُنشا والمتولد في ظرف ووقت وواقع وحالة معينة معلومة لا يمكن ان يكرر نفسه في اية حالة كانت وحتى وان حصل التغيير في الزمان والمكان فقط، فان كانت النظريات العلمية القحة تتحمل الخطا والصواب والتغيير في النص والمضمون والهدف، فكيف بافكار وفلسفات قابلة التاويل والتفسير والشرح، ومن المحتمل ان تبرز منها الفروع وان تكون عاصية عنها، وغير حاملة لنفي ذاتها كما تؤكد النظرية الماركسية بنفسها .

 

و ان كانت الثمار الفكرية والكتابات والنصوص من عقول وافكار واعتقادات العلماء وهم ضمن الفصيلة الانسانية وما يعتقده العلماء في نظريات علم التطور الحياتي ويتحملون ما يحمله الانسان ويتصفون به، ويطبق عليهم ما يمكن ان يميز الناس وخصائصه، لابد ان نضع احتمال اهتمام عدم الدقة او انعدام فرص الاستمرارية والتواصل لنتاجاتهم الفكرية والفلسفية في مقدمة الجميع، وخاصة والاهم هنا ما يفرض علينا ذكره انها نتاج عقولهم وظروفهم واعتقاداتهم وفق ما يهمهم وما هم فيه من البيئة والمستوى العام للمجتمع والعلم والمعرفة والثقافة التي يتمتعون بها، وحتما فيهم من الشواذ ومنهم من ينحاز لجهة دون اخرى او تيار او فكر وفلسفة معينة دون غيرها . ومن هنا بالذات يمكن ان نقول ان الفلسفات والنظريات المطروحة في اليسارية كانت او الراسمالية بانواعها المتعددة تكون نابعة من حاصل جمع مجموعة من القواعد والبديهيات والافكار وترسبات لمرحلة ما او مراحل عديدة مجتمعة معا .

 

و يمكننا القول ان اليسارية بالذات قد اثبتت صحة جوهرها ومضامينها بشكل كبير وخاصة من الناحية العلمية لما تهدف وترمي اليه، والنظرية تحتمل الصواب اكثر من غيرها، وممكنة التطبيق بشكل واسع في العديد من الازمنة والامكنة وفي مواقع وبيئات مختلفة بشرط تهيئة متطلبات واليات صحيحة ملائمة مطلوبة لتطبيقها. غير ان كثرة الاطراف والمهتمين وتعدد انواع المفسرين والمؤلين وحسب خصائص وفكر ومواصفات وعقائد كل جهة، من المحتل ان يحدث الخطا وتحدث الكبوات او نكسات عند ظهور انعكاساتها في اي وقت كان . واستنادا الى ما سبق ومن هذا الجانب الضيق الذي تناولناه وهو كيفية استنتاج النصوص الفكرية وةالفلسفية والنظريات المنبثقة منها واليات تطبيقها واسس اتباع مبادئها الاساسية وكثرة التاويلات والتفسيرات والساحة المطلوبة لها والاخذ بنظر الاعتبار الزمان والمكان المعينين، يمكن حدوث الخلل وان كانت النظرية صحيحة ودقيقة علميا في النص والجوهر والمكامن، فهناك جوانب عديدة واعمدة رئيسية اخرى لنجاح تطبيق الفكر والفلسفة، ولو حللنا في هذا الاطار فانها تثبت صحة ما نذهب اليه كما هو في الجوانب والمواضيع والعوامل الاخرى ايضا . 

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1129  الثلاثاء 04/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم