أقلام حرة

مَن وراء استمداد العنف والارهاب في العراق

 شيء ما من الاسرار وما يحدث على الساحة العراقية من القتل والارهاب والتشدد والعنف واطالة مدة عدم الاستقرار والامان، واختلاف الاوضاع والظروف والمنحنيات من فترة لاخرى، وان تعرجنا  على الجوانب المرتبطة بهذه القضية المصيرية  الهامة من الناحية السياسية والاقتصادية والنفسية والتارخية والاجتماعية فقط، لابد ومن المفروض ان حللنا علميا ما نريد ان نعتمد ونفسر الحالة من الناحيتين اللتين لا تقل اهمية عن الاسباب المرتبطة بهما عن جوهر القضية بنفسها، وهما الظروف الذاتية والاسباب والعوامل والارضية الملائمة لها والظروف الموضوعية كعامل ومسبب رئيسي وداعم لما هو عليه الوضع الذاتي من مقومات الحوادث التي تنتج من جراء تداخل الاسباب المتعددة داخليا كانت ام خارجيا وينتج منه الرعب والفزع والعنف والشدة في التعامل مع الواقع.

 

فيما يخص الشعب العراقي ومواصفاته وتاريخه وتراكمات مراحله المتعاقبة من جميع النواحي، يمكن ان نصفها بالارضية الخصبة الملائمة لذلك وبالاخص وهو في مثل هذا المستوى الثقافي الاجتماعي العام الذي يعيش فيه . حيث اتباع العنف والشدة من البيت الى الشارع والى المؤسسات المدنية والذي يعتبر كعامل فعال ومساعد على تقبل اية فكرة دافعة وموجهة لهذه الطريق غير السوي  في التربية والتعليم، وما يتسم به الشعب من الاخلاقيات ونوعية التربية المتبنية في جميع المناطق وهي مستندة على الثواب والعقاب فقط، اضافة الى بعض المفاهيم الاجتماعية العامة التي تشجع ذلك من قبيل الشجاعة والرجولة والشهامة والشرف الرفيع والعظمة والفخامة والنخوة وغيرها من الصفات الشرقية، وجميعها معتمدة على القوة كمسند هام لتطبيقها عند الرجل المهيب ! . هذه من الناحية الاجتماعية والصفات التي يتميز بها الشعب العراقي كاحد اسباب الظروف الذاتية، اما الثقافة العامة المرتبطة بجميع فئات الشعب ليست باحسن من هذه، فهي لم تخرج من القوقع والاطار الذي تحدده العوامل الاخرى من الاقتصادية الى الاجتماعية والسياسية والتقلبات الكثيرة التي حدثت في الوضع الاجتماعيو الثقافي العام عند تغيير الظروف السياسية . وكما استرسل الشعب طيل الحكومتا المتعاقبة والتي استلمت اكثريتها السلطة بالقوة والدم والانقلابات واستولت على زمام الامور واستمرت معتمدة ومستندة على الرعب والخوف والفزع بعيدا عن القناعة والاسترضاء في تطبيق القوانين العامة. اضافة الى التعدد والاختلافات في المعتقدات والمباديء والافكارللناس بجميع مشاربهم، وما جرى للشعب العراقي خلال مراحله وتاريخه المديد . اي الوضع والظروف الذاتية العام ليس بمهيئة وصالحة للعنف والارهاب وقابلة للفوضى فقط وانما هي من العوامل الاكثر اهمية لانتشاره واطالته بشكل عام  .

 

اما الظروف الموضوعية التي اصبحت من الاسباب التي يمكن ان نعتبرها محاذية ومساوية ان لم تكن اكثر اهمية من الظروف الذاتية، بل اقوى ودافع كبير له وخاصة في الحقبة الراهنة وما شهدت المنطقة من التغييرات المختلفة بعد الحروب المتتالية واطالتها واحداث التغيير في البنية العامة لشعوب المنطقة وفي مقدمتهم الشعب العراقي بجميع فئاته المختلفة . وبما  فيه من الاسباب العامة وما يمكن ان نضمها للظروف الموضوعية الحقيقية هو التباين في الدخل العام لافراد المجتمع مع تاثيرات الصراع السياسي كعامل حاسم مع الاجراءات المخابراتية لبلدان المنطقة، هذا جميعه، يمكن استغلاله بالوسائل المتعددة للتوجه نحو العنف والتشدد وفي مقدمتها الدين كوسيلة سهلة في تدبير ما يمكن ان تنفذ به الاهداف السياسية في سبيل ضمان المصالح العامة العليا للبلدان ذات الصلة .

 

بهذا يمكننا ان نؤكد بان المستوى الثقافي والفكري العام في المنطقة وما تتسم به العديد من مناطق العالم تدخل كاسباب مباشرة في استمداد العنف وتغذيته في العراق بشكل واسع وواضح، مستغلين الفجوات العديدة في الكيان السياسي والاجتماعي والمستجدات على الساحة من الجانب السلبي او الايجابي من خلال مرورهم من نافذة الديموقراطية النسبية الموجودة وهي بداية للتنقل نحو المرحلة الاخرى بعد ضمان الارضية المناسبة لتوفير الحرية النسبية الموجودة الان بعد جهد جهيد وبعد تجسيد نسبة معينة من الارضية المطلوبة لذلك، ومما تحتاج الى سقي يومي ومستمر لاستدامتها .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1130  الاربعاء 05/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم