أقلام حرة

لماذا وصلت الحال لحد احراق الكتب

مع الواقع والمستوى الثقافي الموجود،حان الوقت لنذكر السلبيات التي حدثت في تلك الفترة ومن اتجاهات عدة وكانت منها خطيرة، والكشف والاعلان وابداء الراي حول تلك القضايا الحساسة من باب الاحساس بالمسؤولية والحب والايمان بالشعب الكوردستاني،و ما تقع على عاتقنا من المسؤوليات العامة والتي تفرض نفسها كي نبين الحقيقة في استيضاح الامور، وكل ذلك من اجل الاتعاض واخذ العبر والدروس المفيدة في سبيل عدم تكرارها مستقبلا، ولنعلم الناس من الدروس التي تعلمنا اياها الانتخابات والديموقراطية الرضيعة هنا بشكل عام، وبالاخص في بلد وبقعة فقيرة جدا من جانب الثقافة العامة والديموقراطية الحقيقية، ولازال تحت هيمنة ورحمة ترسبات التاريخ والقيود الاجتماعية واثقال المراحل غير المستقرة التي مرت بها وما عاشتها هذه الشعوب من الظلم والعبودية وانعدام فسحة ولو صغيرة من الحرية المطلوبة للتنفس والعيش بسلام في اكثر مراحل حياتها، اضافة الى متغيرات المنطقة وارتباطاتها المتشابكة مع بعضها .

 

في ظل هذا الكلتور الثابت الموجود، وما فيه الشعب الكوردستاني كما هو الحال في جميع شعوب المنطقة، لا بل اسوء منها نتيجة بقائه حتى الامس القريب مستغَلا ومحصورا ومغدورا من قبل السلطات المتعاقبة، ولم يفتح عينيه على المفاهيم العصرية وضرورات حياته السياسية الثقافية الاجتماعية الا قريبا جدا، والتحول الحقيقي والانتقال من مرحلة الى اخرى وترسيخ المباديء الفكرية والفلسفية العامة يحتاج الى حقب من اجل تجسيدها وعدم الارتداد منها، او بالاحرى الاطمئنان على عدم عودة ما ليس صالحا للمرحلة والوضع الجديد .

 

وما سبق يعتبر من اهم الاسباب الموضوعية اضافة الى الوعي العام والثقافة ومستوى ونسبة المثقفين، والتي تعتبر من العوامل التي ادت الى احداث بعض الظاهرات والاساليب والسلوك غير العصرية والمحزنة  في فترة الانتخابات، وخاصة هذه التي تصدر من الجيل الجديد والتي من المفروض ان يُعتمد عليه في اختيار الاصح في عملية التقدم للبلاد، ومن الواجب ان يكون حاملا للافكار والمباديء التقدمية والعصرية من الديموقراطية واحترام الاخر وعدم الغائه مع ارائه، والوقوف معه من اجل توفير الحرية اللازمة لطرح افكاره وارائه ومواقفه وان كان مخالفا لما يعتقد، وهذه هي قمة الديموقراطية وجوهرها الحقيقي والتقدمية والحداثوية في التعامل مع البعض، وهو الاسلوب والتصرف الصحيح والسليم الذي يمكن لاي مثقف او سياسي مخلص لشعبه ان يوجه الشعب به .

 

ان اكثر ما احزنني خلال فترة حملات الترويج الانتخابية للقوائم والاحزاب المنافسة وجرحني في العمق حقا وبشكل اعدتُ التفكير في تفسير الاوضاع وتحليلها وما اكدت عليه من استدلال او قراءة مستقبل اقليم كوردستان والمنطقة بشكل عام، وهو سماعي لاحراق كتب المثقفين والكتاب الذين لهم اراء مخالفة لهؤلاء الشباب المتهورين، ولو انني اعتقد انهم من القلة القليلة وفعلوا فعلتهم هذه في لحظة ثورة غضب ان لم تكن ورائهم ايادي المتورطين ومن عالم السياسة الشرقية والصراعات التخلفية التي تبدع الاسوء من الافعال يوما بعد اخر . هذا ما بين لي عدم احترام لاغلى ثروة من حياة الانسان مهما كان مضمونها، وهو نتاج جهد فكري عقلي غير قليل لا يمكن الا للنخبة ان تدخل في هذا المضمار وتُنضج من مثل هذه الثمار، وارجوا الا اكون مخطئا ان قلت وحتى الفاعلين ندموا حتما بعد هدوء المرحلة وزوال المستفزات واعتبروا منها واصبحت درسا لهم وللجميع، وبالاخص الانتقام من شخص عبًر بشكل ما عن ارائه ومواقفه الفكرية السياسية بهدوء وهو ما يعتقده ويؤمن به وهذا عين الصواب، وليس بكفرليقابل بعمل مشين . وما هو الادنى من الفعلة هو التوجه الى الغاء العقل ونتاج العقلية باسلوب الضغط على زناد السلاح( وقتل المنافس وكما هو معلوم هو نتاج عقل المقابل )من قبل من يعتبر الكتاب مهما له وللجميع والا عبَر عن غضبه براي وموقف وعمل منافس لبيان خطا راي الاخر وموقف المقابل، وليس التوجه الى العنف والرعب والتشديد واخطر من القتل، وهو ما فعلته الاعداء مرارا وتكرارا طيل مراحل تاريخ هذا الشعب المغدور، وما اصروا عليه انهاء ثقافة وعلم ومعرفة هذا الشعب، والعبرة ليست من كمية وعدد الكتب المحروقة او مضامينها وانما من ابعاد الفعلة وتداعياتها، وبالاخص حدثت في منطقة وهي في طليعة الاخرين دائما من حيث التضحية والفداء للمباديء وحبها لشعبها ولمستقبل كوردستانو الذي لا يمكن ان تقاس بهذه الفعلة التي تعتبر نزوة في لحظة من الزمن من كافة النواحي الثقافية السياسية الاجتماعية .

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1131  الخميس 06/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم