أقلام حرة

عباءة لكل موسم

ينزل فيه الوحي على الجميع وينطقون حكما ومواعظ طيلة شهر رمضان، ويتقمصون شخصية شيوخ الدين، وكأننا في حفلة تنكرية اختار الجميع فيها التنكر في زيّ الأئمة ورجال الدين.

 

هناك موسم الاصطياف والانحلال، يكون فيه الجميع على شاكلة أبطال الفيلم المصري القديم "في الصيف لازم نحب"، حيث كل أنواع العلاقات مباحة، ولا وقت لعمل آخر، فالإجازة في هذا الموسم ليست للموظفين فقط، وليست راحة من الوظيفة فقط، بل هي راحة من كل شيء بما فيه عمل الخير وأعمال العبادة، ولا مجال هنا لتفصيل مدى معاناة العاملين في مجال الأعمال الخيرية ومساعدة المرضى، حيث تنقص مساعدات الناس لنا، وتكاد تنعدم، لا ألبسة ولا أدوية، ولا مال طبعا، فالإلهام انقطع، ووحي التدين لم يصل وقته بعد لكي ينزل.

 

وهذا العام ظاهرة تغيير العباءات تكون واضحة أكثر، لأننا لا زلنا في فصل الحب، ونقترب من شهر التدين، وسوف يتغير الناس في ظرف قصير من النقيض للنقيض بمجرد إعلان رؤية هلال رمضان.

 

هذه ليست دعوة لمقاطعة الراحة والاستجمام، وليست كذلك منعا للناس من تكثيف العبادات في الشهر الفضيل، وإنما رفضا لمظاهر النفاق والتناقض التي يعيشها الناس وبطريقة طبيعية وتلقائية. وخاصة أننا نجد نفس الشخص الذي كان يبيح كل شيء لنفسه على شاطئ البحر، يسابقك في الصفوف الأولى في صلاة التراويح !!!

 

حتى أن أغلبية الفنانين والإعلاميين لما يتحدثون إلى الصحافة في شهر رمضان، يتقمصون شخصية المؤمن التقي الذي لا يفارق القرآن لسانه، ولا ترفع جبهته من السجادة من كثرة قيامه ليل رمضان.

 

يبدو أن عامة الناس ونخبتهم يشتركون في النفاق ويجيدون كثيرا تمثيل دور الإنسان المتدين.

 

أسميه نفاقا لأني أرى الأغلبية يعودون إلى محاكاة أحداث فيلم "في الصيف لازم نحب" بمجرد انتهاء الشهر الفضيل، وربما قد يبقى تقمص دور المؤمن لغاية مرور موسم الحج.

 

أغلبية الناس يعيشون حياة شبيهة بتلك التي تعيشها راقصات مصر، اللواتي يرقصن طيلة أيام السنة، وخلال شهر رمضان يعتكفن في منازلهن للتفرغ للعبادة وأداء العمرة، الفرق بين العامة والراقصات، أن الأخيرات تكون الأضواء مسلطة عليهن واللوم موجه إليهن، أما العامة فلا أحد يلومهم على نفاقهم.

 

**جمال الدين بوزيان

ناشط اجتماعي جزائري

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1132  الجمعة 07/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم