أقلام حرة

عصا الشيخ ثانية

المستوردة ووجوب مرورها من خلال فلتر الرقيب في وزارة الثقافة او صدور بعض التنويهات لغلق بعض المواقع الالكترونية التي يدعي البعض انها  تخالف قيم الاسلام الواجب مراعاتها دستوريا وبالاكيد فان تفسرات وتحديدات هذه القيم يكن ان تتسع بسعة مزاج وثقافة وتوجهات من يفسر النص، واذا كان الامر يخص المواقع (الاباحية ومواقع الارهاب والندريب على صناعة المتفجرات وما اليه) فلا اعتراض على ذلك ولكن هل هل يتوقف الامر عند هذا الحد؟؟؟؟!!

والان يسرنا ان نعيد على ذاكرتكم لمن قرا او نقرا من لم يسبق ان قرا مقالتنا قبل اكثر من عام حول هذا الموضوع متضامنين مع مقالة الاستاذ جاسم الصغير (عودة الى السلطة الشمولية) النشور في جريدة الزمان (3361 في 2\8\2009).

 

تذكر احد الطرائف الساخرة التي تداولها الناس أيام الحكم الدكتاتوري:-

(ان احد الشيوخ المستبدين والطغاة أراد ان يختبر مدى سطوته وهيمنته على أفراد القبيلة وضمان ولائهم لولده من بعده، ففي الوقت الذي كان سكان القرية يذهبون الى المدينة التي يفصل قريتهم عنها نهر غزير وبذلك فهم يستخدمون وسائلهم الخاصة للعبور بالزوارق أو بالطبكة او العبور سباحة .... الخ . جمع الشيخ أهل القرية وابلغهم ان لاعبور للنهر الامن خلال القنطرة الممتدة من المنطقة المقابلة لمضيف الشيخ نحو الجانب الأخر؟؟؟!!! . فعلا اللغط في الديوان لأنه إلغاء لحق اختيار وسيلة العبور الى المدينة وهو أمر غير مسبوق . الاان هذا اللغط تحول الى همس تحت نظرات عبيد الشيخ المهددة الواعدة وهم يلاعبون الهواء بسياطهم ، و تحت صوت أزيز السياط اجمع الناس على تنفيذ رغبة الشيخ تيمنا بعتبة المضيف ورغبة من الشيخ في استعراض أبناء القبيلة وهم يمرون على قنطرة الشيخ في الرواح والمجيء والتبرك بتقبيل يد المحفوظ وبعد ان اعتاد أهل القرية على هذا الأمر فقد اصدر الشيخ أوامره الى عبيده بضرورة اخذ مبلغ من المال ممن يريد العبور الى الضفة الأخرى وأخذت هذه الإتاوة بالارتفاع تصاعديا بين حين وأخر وتقابل بلغط ونفرزه مؤقتة سرعان ما تتلاشى ويخضع الجميع لأوامر الشيخ ولم يكتفي الشيخ بذلك بل أمر عبيده بان يضرب كل من يريد العبور بالخيزرانة على عجيزته في الرواح والعودة ؟؟!!! وكالعادة حدث شيئا من اللغط وعلامات الاحتجاج والتظاهر برفض الاهانة خصوصا وأن لااحد مستثنى من هذا الأمر و وجوب عرض عجيزته لتلقي الضرب كبيرا كان ام صغيرا رجلا كان او امرأة ولكن رغم ذلك فقد انبرى بعض ((حكماء) القرية لتهدئة الخواطر وافهموا الناس ان للشيخ في مايأمر به حكمه لصالح أبناء قومه لايدركها الاوهو وحده ولابد من الانصياع لإرادته وعدم معارضته خدمة للصالح العام في حين ارتأى البعض ان  في هذا الفعل الصحة والعافية والتخلص من شر الإنس والجان؟؟

وبذلك تم ترويض أهل القرية وأصبح الأمر عاديا وعادلا بفرضه على الجميع بالتساوي فليس هناك من عجيزة أفضل من عجيزة ولاحصانة الا لعجيزة الشيخ وأبناءه وأهل بيته وعبيده ؟؟!!!

وعندما سال الشيخ وجهاء القوم وهم في مضيفه المكتظ بابناءها إذا كانت لهم شكوى من إجراء او أمر من أوامر الشيخ وأفعال عبيده فأجابوا بصوت واحد:-

الحمد للله وأطال الله عمر الشيخ رمز عزتنا وكرامتنا (فلاحياة بلا شمس ولا كرامة بدون الشيخ) حفظه الله ورعاه ان أبناء قريتك يرفلون بالعز والكرامة والرفاه سوى إنهم يطلبون من الشيخ اعزه الله ان يأمر بزيادة عديد عبيده وتزويدهم بالجريد ان لم يتوفر على الخيزران وقد اقترح بعض كبارنا ان نرفع تكلفة الخيزران عن الشيخ فكل منا يجلب عصاه معه من بيته ليتولى العبد المبروك بضربه بها حتى لانضطر للوقوف طويلا في الطابور عند رقبة القنطرة في الرواح والمجيء ليتلقى ضربة عصى الحكمة وبذلك نقضي على مشكلة الشحة في الخيزران؟؟!!.

عندها ضحك الشيخ منشرحا وممتدحا أصحاب المقترحات وأمر بزيادة العبيد والجريد ونام ليلته ملأ جفنيه مطمئنا على دوام حكمه في حياته ولا بناءه وان يكون ولده مطمئنا فمثل هؤلاء القوم لايعصون امرا ولا يهددون قصرا من بعده فتم تدجينهم الى هذا الحد ووصلت قناعتهم بحكمة الشيخ وعصاه التي تذكر العابرين إليها والقادمين منها بسلطان الشيخ وعدم التأثر بعادات وسلوكيات المدينة ومايشاع بين سكانها حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وغير ذلك من الرطانة والهذيان ككفانا الله شرها ؟؟!!. نورد هذا الحديث ونحن نسمع ونقرا في وسائل الإعلام العراقية ان السلطات في مدينة البصرة عممت كتابا على كافة المطابع في مدينة البصرة بعدم طباعة أية جريدة اومجلة في مطابعهم غير مزودة بكتاب من السلطات المسئولة يجيز إصدارها- والان وزارة الثقافة تنوي منع دخول الكتب المستوردة من خارج العراق الا بعد اخذ موافقتها،ووزارة الداخلية تنوي اغلاق يعضا من مواقع الانترنيت؟؟؟؟!!!

لانريد طبعا ان نقيم المطبوعات وهي بالتأكيد كثيرة ولاتعد بالإضافة الى كونها ذات مستويات ومضامين وأهداف ومناهج مختلفة وهذا ماكفله الدستور العراقي في حرية التفكير والنشر وضمن الحدود الدستورية المسموح بها، إما ان تجتهد الجهات الأمنية لان تكون البوابة التي يخرج منها المطبوع فهذا أمر خطير و نذير بالعودة الى مقص الرقابة للسلطات الدكتاتورية السابقة وخنق لحرية الرأي والكلمة والذي لاينسجم بالمرة مع مشروع الدولة الدستورية الديمقراطية التعددية .

إننا ندعو كافة من يهمهم الأمر بصورة مباشرة وغير مباشرة بالتصدي لمثل هذه السلوكيات وهذه الإجراءات منعا لتغولها وسيادتها خشية من ان تكون حالة عامة وليس سلوكا شاذا يجب رفضه وشجبه ونبذه ، فان حالة اللامبالاة تجاه مثل هذه الممارسات ستجر الى ماهو اكبر منها وأكثر خطرا.

الا يكفي مثل هذه السلطات دماء الكتاب والصحفيين التي تسيل يوميا على مذبح الحرية والديمقراطية بحيث وضع العراق في مقدمة الدول في قتل الصحفيين والمفكرين والاكاديمين والأخصائيين ،فتتطاول مثل هذه الأيادي لخنق وليد الكلمة الحرة المطبوع وسيلتها للوصول الى القارئ العراقي عن طريق الجريدة والمجلة والكتاب . فتحت أية مادة قانونية إباحة هذه القوى لنفسها إصدار مثل هذه (الفرمانات) التسلطية .

نقول يجب رفع هذه الأيدي عن الكلمة لتبقى حرة طليقة في عالم الفكر والأدب والفن والسياسة . وعدم التمادي في اتخاذ مثل هذه الإجراءات اللا ديمقراطية واللادستوريه.

وان على كل الكتاب الأحرار ان يرفعوا أيديهم لإدانة وشجب ومنع مثل هذه الممارسات والا فليجلب كل منا عصاه معه لتلقي ضربة (الحكمة) على راسه وليس على عجيزته فقط بخاطر طيب؟؟؟!!.

 

 

 

 

في المثقف اليوم