أقلام حرة

اية حكومة تناسب الوضع العراقي الحالي؟ / عماد علي

وما كانت من تاثيرات عامل الزمن ومن راهن عليه ونجح الى حدما، فكان للتشابكات والزمن والضغوطات وقعها الكبير على تصفية الامور واستنتجنا اخيرا ما كان منتظرا وما يمثل المجتمع العراقي ونسبته على الارض وليس الانشقاقات الحزبية والسياسية وما كان المتدخلين يراهنون عليه.

و بعد ان يُكلٌف رئيس الوزراء الجديد رسميا لم يبق امامه الا مهلة شهر واحد للتحضيرات وهذا ما يحد من الاطالة وانه لشيء مفرح ، وبه تُُقدم وزراء الحكومة الجديدة لمصادقة البرلمان عليها، وتبدا الخطوة الاولى لهذه الحكومة التي تكون باشكال ومضامين فكرية وخلفيات وتوجهات متعددة مستندة على برنامج حكومي متفق عليه ويجب ان يكون وحيدا، والذي على الجميع الالتزام به مهما كانت نظرتهم الشخصية والحزبية الى الامور.

من الممكن ان تكون هناك مجموعة مختلفة من الاراء والمواقف المتنوعة واطار الحكومة المقبلة ومحددات تشكيلها والركائز التي يمكن ان تستند عليها يجب ان تكون واضحة المعالم، وطبيعة الحكومة وتنوعها ذات ابعاد معينة. اما تتالف حكومة الشراكة الوطنية التي يطالب بها الجميع وبنوايا مختلفة، او حكومة الاغلبية التي يمكن ان تمثل الجزء الاكبر من الجهات وتبقى البقية خارج السلطة لتثبيت موقع المعارضة المطلوبة في اية حكومة ديموقراطية لمراقبة السلطة والصراع السياسي الطبيعي السلمي، والتي تكون هذه الحكومة الديموقراطية الحقيقية والمعبرة عن الواقع ، ان ساعدت المرحلة ان ترسخ ذلك بعيدا عن التشنجات والتناطحات والاحتكاكات السياسية،و الذي من المؤمل الابتعاد عنها وفي الحقيقة لم يمارس هذه المسؤلية الا قليل من المخضرمين بحنكة، والاخرين يتصرفون بشكل كبير كمراهقين وهم في مقتبل العمر السياسي .

 لو قيٌمنا ما نحن فيه بشكل حيادي وبهدف سامي وهو تحديد الحكومة الجديدة فقط والتي يمكن ان تفيد الوضع السياسي الحالي حصرا وتقدم الافضل وتجسد الديموقراطية في المدى البعيد، لا يمكن التركيز وتحديد ماهو الافضل الا عندما نتمعن في الاحداث السابقة طيلة الاشهر التي مضت وما برزت من المواقف وما موجود من الشخصيات التي فرضت نفسها وحددت موقعها ويمكن الاعتماد عليها في عبور المرحلة .

اما طبيعة وشكل وجوهر الحكومة المناسبة فتتحمل العديد من الاحتمالات والوجهات النظر والاراء،السؤال هو اي منها تكون لها القدرة على ادامة المسيرة بين كل تلك المتعرجات وتقدم ما تفيد الشعوب العراقية وبافضل الاوصاف. بما نراه الان، نحن متاكدون من عدم قطع دابر التدخلات الخارجية خلال المرحلة المقبلة وستبقى كما كانت من قبل وستستمر باشكال مختلفة وربما اقوى، فمهما كانت الحكومة، انها ستكون هشة ومترامية الاطراف وقابلة ان تحوي في كينونتها الثغرات التي يمكن ان تمتد منها الايادي المحيطة بها وبالعراق.

 فاننا بحاجة الى حكومة متماسكة متوحدة ، ومن الافضل ان تكون حكومة الاغلبية لتضيق الهوة امام المتدخلين الخارجيين ولحصر الاعتماد على النفس، ومن ثم  فتح المجال امام انبثاق المعارضة الوطنية كي تفعل ما تفرضه اللعبة الديموقراطية، وتكون حينئذ اللعبة مكشوفة والايدي الممدودة من الخارج ظاهرة للعيان، ولكن الظروف الحالية وما يتسم به العراق لم يدع مجالا الا بتاليف حكومة الشراكة والتوافق لان العيون جميعها على كيفية الاكتساب والحصول على ملذات السلطة وكيفية تقاسمها من اجل تثبيت الذات وعدم الانطفاء ، ونظرا لطبيعة الانتماءات والاهتمامات والموالاة لاية جهة معلومة لنا جميعا، والتي تكون مستندة على المصالح قبل الفكر والايمان والاعتقاد ، فيبقى الحزب والتيار هو مصدر المعيشة ويبقى قويا طالما امتلك القدرة التي يمكن بها ان يشبٌع بطون المرتبطين بهم وليس عقولهم.

هذا هو واقع العراق وليس باليد حيلة ، ولاسباب عديدة وعوامل متنوعة ومنها قلة نسبة النخبة ومستوى الوعي المتدني والثقافي المنخفض والاقتصادي المتازم والالتزام بالعادات والتقاليد وتقديس القبلية والعشائرية، والدين والمذهب فوق الكل، لا يمكن ان نخرج بجهة واحدة الا وهي تخضع لما يفرضه الواقع.

الواقع فرض نفسه من قبل ولم يبق امام الاحزاب والتيارات التي كانت بالعشرات وتقلصت الى المعدودات وفي طريقها الى الاختزال والتقلص الاكثر الا الخضوع لما تفرضه نتائج الانتخابات مهما كانت عراقة بعضهم.

بكل صراحة الوسط والجنوب العراقي حسم امره على قوى معينة واقليم كوردستان كما هو معلوم ايضا ملتصق بقوى معدودة ، اما الجزء الغربي وشمالي العراق لم يتوحد ولم يحسم امره وهو مشتت لحد اليوم ولم يجد المرجعيات الحزبية والفكرية المعينة التي تجمعهم ولاسباب عديدة ومنها التدخلات العديدةفي شؤونهم من قبل الايادي الخارجية في هذا الجانب مع تاخرهم في الانخراط في العملية السياسية، وليست القائمة العراقية الا دليل على تشتتهم .

مهما كانت حكومة المرحلة الراهنة ومكوناتها فانها ستظل كما كانت الى حد كبير ولم نلحظ غير تمييز الجهات استنادا على الواقع وما على الارض من المكونات الاجتماعية بشكل اوضح مهما بالغ البعض على شموليته وعراقيته في التفكير والعمل. وهذا ما يجب ان يحسب عليه في فك الرموز الغموض وله التاثيرات المباشرة على المعادلات الجارية، وسوف يبرز هذا بشكل اقوى واعم في الانتخابات المقبلة وبشكل اوسع، اي بصريح العبارة المكونات المسيطرة ستبقى سنية شيعية كوردية وهي التي تهيمن وتتلاقى المعادلات عندها، وهنا يحسب للصراع السياسي والعلاقات  المتشابكة وما تفرضه المصالح بين هذه الجهات ما تدعيه لادارة الصراع.

و بهذا يمكن ان نعتقد بان خير من يمثل الشعب على الاقل في هذه المرحلة التي تعتبر انتقالية بكل الحسابات هو حكومة الشراكة الوطنية والتوافقية لحين يتخثر الدم المخضب طيل هذه السنوات الاربع ومن ثم يمكن التفكير في حكومة الاغلبية والاستحقاق الانتخابي في الدورات الانتخابية المقبلة .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1580 الخميس 18 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم