أقلام حرة

لبنان: بوابة الثلاجة المغلقة (1) / الطيب بيتي العلوي

هو الإستراتيجية الجيو-سياسية للديموقراطيين الحاليين، وللجمهوريين القادمين لفك شفرة الإستثناء اللبناني ، ...

وستظل مقولة تدمير لبنان: العقيدة التوراتية لتل أيبب بمنظور الأبادات المقدسة للإغيار كهدف للإسرائلين:اليمينيين الأصوليين، أواليساريين الأمميين-إلى حين التخلص من عقدة لبنان

 

أولا: تذكير بمعطيات (أنثروبو-تاريخية)

 إنطلاقا من منظورقاعدة الإمام الشافعي الأصولية القائلة ب: الإسلاس الإسلاس قبل الإحلاس ..التي مفادها:محاولة معالجة الشؤون المعرفية-كيفما كانت-بردها دائما إلى أصولها، وليس إلى فروعها-، بالتوأدة والتمعن والحكمة والكياسة والإستبصبار، فيمكن القول، بأن الحالة اللبنانية الطارئة في هذه الأيام، لم تسقط من حالق، أوتحدث ما بين عشية وضحاها، وبالتالي، فهذه المقدمة التوضيحية نوجهها إلى القارئ العادي تيسيرا لوضعه في الصورة الكاملة لمايجري اليوم وما سيجري غدافي لبنان، ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب، بل على مستوى العالم العربي والإسلامي وعلى مستوى الأمن العالمي، وأن الصراع الحالي ما بين ما يسمى بالمحكمة الدولية والمعارضات اللبنانية، ليس مجرد صراع قانوني بين شرعية القوانين الحضارية عبر المحاكم الدولية في مواجهة أعراف الشعوب الدنيا في لبنان والسودان وإيران وسوريا وتركياوأفغانستان مثلا، بل هوأخطرمن ذلك وأبعد مدى، إنه الصراع الأكثرضراوة على رقعة الشطرنج الدولية ما بين مشروعين متنافرين ومتناقضين للمنطقة، والبقاء فيهما للأقوى والأذكى، حيث تتم الهجمة الحضارية المقنعة الأخيرة للغرب عبر منظماته التي اصطنعها لتحصين مكتسباته الكولونيالية القديمة ضد برابرة الجنوب -حسب تعبير كيسينغر الذي أضاف في مذكراته بأننا حققنا عن طريق الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية ما لم نحققه عن طريق الحروب -فلا بد، والحالة هذه، من الدفع بـ: الحروب الناعمة إلى آخر مداها، والتي لم يتبق منها سوى براديغم الثلاجة المغلقة الذي كان يهدف إلى تجليد congélation كل معطيات تناقضات المنطقة على المستويات: الدينية والعرقية والثقافية والإيديولوجية والسياسية، منذ نهاية حرب أكتوبر73 /رمضان المظفرة التي كادت أن تقلب كل الموازين والمعاييرالدولية لصالح منطقتنا، فتم وأد نتائجها فورا، وتوجيهها إلى مسارات غريبة لصالح إسرائيل بعد أطروحات (كيسينغر/زابوتانسكي) الداعية إلى تفعيل اللا أتين المشهورتين:

 -لا: للأيديولوجية التي لم يعد الغرب في حاجة إليها أصلا-لأنها انقلبت ضده لصالح الشعوب المقهورة، بعد أن روجت لها البونابرتية من أجل تمجيد الثورة الفرنسية، وتقديم بدائل لها على شكل الأفكار والآراء ، على أنها المقابل الحي النابض للإديولوجيات الثورية الجامدة ...فكان الخطاب الساداتي المولد لليبرالية العربية الجديدة وخط الإعتدال وأطروحات الحوارات بمثابة الفتح المبين والحصن الحصين للمنطقة

- ولا: لفلسفة التاريخ: لخطورتها على الشعوب المقهورة في التوصل إلى النتائج الحاسمة التي تُستخلص من التجارب التاريخية من منظورالسيروالعبر، وقوانين التدوال الكونية للبشر، حيث استهدفت هاتان اللاأتان التشطيب الكلي لتاريخ المنطقة من ما قبل حمورابي وآخناتون..لـ:1350ق.م مرورا بموسى وعيسى وصولا إلى محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) وتقبير المتوارث والماضي والأصيل وفرض المصطلح الأركوني الجديد المسمى ب قبول الدخيل ، بمسح تاريخ فلسطين وتلويث قداسة بيت المقدس، وقدسية القدس في الذاكرة الإنسانية، فتصبح قداسة القضية الفلسطينية في الأذهان مثلها مثل فولكوريات دويلات الموز وطوطيميات قبائل الطام الطام بأدغال افريقيا وتجمعات سمج أعراق مجاهيل الأمازون، بإشاعة نظريات إحلال المدنس مقابل المقدس le sacré et le profanحيث ساهم المفكرون الأمميون العرب–الجهلة منهم والمدلسون-في ترسيخ هذين المفهومين:(الماركسي-الدوركايمي- الفرويدي) في العقول بدعم (سوسيو-أنثروبو-ثقافي) لعلامة القرن ليفي ستروس الذي تخصص في أركيولوجيات أنثروبولوجيا الشعوب البدائية وصاحب نظرية عنفية الإسلام وسماحة البوذية –، للمساهمة في إجتتثاث التيارين الخطيرين المهددين للأنظومة الغربية:(الناصري العروبي والإخواني الإسلامي)، فلا بد اليوم من إزاحة الجليد dé congoler عن ما تم تجليده منذ الهجمة على العراق لإستكمال الفوضى الخلاقة لإعادة صياغة عالم جديد -على هدي الهسترات الغربية الجديدة لما بعد الحروب الباردة-، والتي هي مطلب غربي حاسم في علاقاته شرق/غرب، وجنوب/غرب وإلا فالطوفان..!

ومن هذا المنظور، فإذا كان بالإمكان وضع مقاربة سريعة ومختصرة للحالة اللبنانية من الزاوية(الأنثروبو-تاريخية)، فيمكن القول، بأنه قد كونتها على مدارالتاريخ، عوامل متشابكة تجعل من لبنان عصيا على الفهم، وأقوى من أن يُتجاهل ويُحقر، وأهم من أن يُهمش، وأكبر من أن يُقزم ، فقد شكل-بصغرمساحته وقلة عدد سكانه نشوزا، ليس فقط في تاريخ الشرق الأوسط، بل في تاريخ العالم، منذ قبل الفتح الإسلامي، حيث كان نسيجا وحده، عكس مزيجا مركبا من الإستثناءات، التي يمكن تسميتها ب الكيماوية الصعبة التي تكونت من خلال تقلبات الأزمنة والأحداث وصراعاتها في هذا البلد، الذي كان يضم العرب المسيحيين من أبناءمُنذرو غسان في منطقة الشام الكبرى، الذين كانوا أكثر لطافة أذهان من بني عمومتهم من عرب الجزيرة العربية الكبرى–من عدنان وقحطان، بحكم احتكاكهم المبكربالحضارات المجاورة للأغارقة والرومان، وتنقلاتهم التجارية البحرية المتوسطية على مدارالقرون، ولقاءاتهم بشعوبها من شمال البحروجنوبه وصولا إلى قرطاجة وطنجة، ...فكانوا يتمردون على أنفسهم مرة، وعلى غيرهم مرات–حتى أطلق علي لبنان منذ بني أمية ب الدولة فوق الجبل -إما تخوفا، أوتحذيرا، أوتنذرا، أوتوصيفا-:كمقاوم للبيزنطيين أو متصالح معهم قبل الفتح الإسلامي، وكمشاكس للأمويين والعباسيين في ما بعد الفتح، وكمستعصٍ على الترويض أو التطويع من فلول الصليبيين، أومتوافق معهم ، فأصبح لبنان، بذلك، منذ ظهوره على سطح الأحداث الكبيرة في المنطقة إفرازا لمعضلات المنطقة التي شكلتها عوامل متشابكة ثقيلة الوطأة نتيجة للخيبات التاريخية المتتالية من زمن بني أمية وبني العباس والمماليك، إلى نهاية العثمانيين، زادت من تلبيكها، إنتقال الصراع التاريخي القديم ما بين شرق وغرب إلى صراعات حصرية جشعة ما بين غرب وغرب، فتحولت المنطقة إلى مجرد حلقة من حلقات الصراع على الأطراف وذنبا لها، بعد أن كانت المحورفي الصراع قبل تفكيك الخلافة العثمانية التي رعت العرب والمسلمين لأكثرمن خمسة قرون، -سواء أأحببنا الأتراك أم كرهناهم، -وتلك حقيقية تاريخية لايمكن تفنيدها-فأصبح لبنان أقرب وأوسع عين استعمارية وأكثرها نفاذا إلى الشرق لمراقبة (الدلتيين:مصروالعراق)والهلال الخصيب والحجازواليمن والسودان:فوقع لبنان-مبكرا- بين براثن حروب المصالح الإمبريالية الغربية الكبرى، وأعاصيرجشعها لإقتسام كعكعة منطقة الشرق الأوسط التي كانت تتخذ-في غالب الأحيان-من لبنان منذ الحروب الصليبية، البوابة الكبرى لتفكيكه وخاصة بلاد الشام الكبرى، وتتحول–تدريجيا- كمكمن لمخططات مرامي وأهداف الحبكات الخارجية القديمة:منذ القرن التاسع عشر(1840)بين الإمبراطوريات الفرنسية والبريطانية والروسية والنمساوية-بدعوى حماية طوائف الرعايا المسيحيين في لبنان-، التي مهدت الدخول الثعباني للوليدين الشرعيين والوريثين الأكبرين لمنقبة اللصوصية الغربية الكبرى:(البنت البكر أمريكا والأخت الصغرى المدللة إسرائيل)في بدايات الخمسينات–بعد أن أسفرت أحداث: وعد بلفورالمشؤوم ومؤامرة(سايكس بيكو)عن أكذوبات عقلانيات وأنواروديموقراطيات أمهما الرؤوم :أوروبا–فازدادت بذلك المنافسة الجشعة حثيثا في المنطقة عددا وعُدة ومددا بين الإمبرياليات الكلاسيكية التي لاتنفصم عراها منذ بدايتها في القرن السادس عشر: (التبشير، العسكر، التجار)

فكان لابد من تغيير أساليب الإمبرياليات بعد ضعفها وبداية أفولها مع ضربات الحركات التحررية مع نهاية حرب1914، فأسندت مهمة الهيمنة الإمبريالية الجديدة على المنطقة إلى الأختين الشقيقيتين اللتان رفضتا أن يبقى لبنان ذلك: المنتوج الحصري لفرنسا وأن يظل المرمى الإستراتيجي وعين بريطانيا التي لاتنام على المنطقة، فأفرزت تقاطعات أو توافقات هاتين الأختين الشقيقيتين مع مخططات أمهما العجوز:شرائح إجتماعية لبنانية تنمت لديها–بالتدريج مع تظافر بدايات موات الإحساس بالإنتماء إلى الأرض وتاريخها عند بعض اللبنانيين - ثقافة الإنتماء إلى المصالح البرانية لحماية مصالحها الشخصية، وتربت لديها الإستعدادات النفسية لتقبل ميكروبية النعرات الطائفية واللاعروبة التي اختلقتها كبريات الجامعات الغربية-وعلى رأسها السوربون -بمهاترات مناهج حفريات(أنثروبولوجياته-الإثنولوجية) التي تصرعلى إلحاق بعض اللبنانيين–إثنيا-إلى مجردأمشاج أعراق دونية sous- races لنسل الرومان، أو حثالات عرقية لفرنجة بلاد الغال وآل شارلمان(وهو نفس الطرح المروج له لدي طوائف أمازيغيي المغرب العربي)–تُفصَلُها الدراسات الإثنولوجية الفرنسية-قدرالأمكان-على مقاسات تحايلات وخربشات هذاءات أهداف الإختراق الكلي للبنان، لإحتواء كل بلاد الشام، قصد تطويق المنطقة ، بما تقتضيه طبيعة وحجم وتطورالصراعات، سواء ما بين فرنسا وبريطانيا(في الأربعينات والخمسينات)، عن طريق تقسيم العنصرالعربي الغساني(الشامي)وتفتيتيه إلى إثنيات–بكل التدليسات الماكيافيللية الممكنة التي لاتستند إلاأية مرجعية موثقة سوى مرجعية التدليس نفسه(وكم اختلق الغرب من تصنيفات للأعراق والعقليات والثقافات والديانات والحضارات انطلاقا من الشقق الفاخرة بفيينا وبرلين وباريس ولندن)–ولم تتوانى فرنسا أبدا من تذكيرالمنافسين الجشعين الجدد دوما-: إسرائيل وأمريكا-من دوغول إلى ساركوزي- ب الحق التاريخي لفرنسا على لبنان بعد يأسها-مؤقتا-بالحلم باسترداد الهيمنة من جديدعلى الشام الكبرى بكل الوسائل المكشوفة أوالمحبوكة(وان كانت تقاليد الغرب الفكرية والثقافية والسياسية هي إلى الوسائل المحبوكة أميل-كما وضحت ذلك في مقالات التدليس الغربي)–فمن حسن الفطن-عندئد- خلق شامين :كبرى مارقة هي سوريا، وصغرى ضعيفة موالية هي لبنان، بالترويج لهذه الحكمة الهبلاء في المحافل الأنثروبولوجية المزيفة بالصياغات السياسوية الضحلة، بمحاولة ترسيخ تلك المقولة اللاعقلانية الغليظة التي هي أقرب إلى السوريالية والعبثيات الوجودية منها إلى العقل السليم، القائلة بـ: قوة لبنان في ضعفه التي يُعقلن لها ب: العقل التدليسي المكار بدل العقل الدياليكتيكي القهار التي ترددت على ألسنة نخب مثقفة وسياسية لبنانية وأوروبية في حرب 2006 ولا يزال كذلك بعضهم

- وكانت الهزيمة النكراء(67) التي أغرقت الأمة العربية في الظلام، ولم ينفع معها الخطاب الناصري لما بعد النكسة في إشاعة الطمأنينية أوإعادة الوئام–الذي لامشاحنة في أنه كان صادقا-حين قال المرحوم عبد الناصر :بأننا خسرنا معركة ولم نخسرالحرب –سواء لتبريرالنكسة في بعدها الحضاري كما كتب غازي التوبة -زمنها-على لسان الإسلاميين–أوكما قرأها باقي العلمانيين :اللاعروبيين واللاناصريين واللاقوميين-من فلول اللينينيين والتروتسكيين والغيفاريين والماويين وبعض الرومانسيين العفلقيين البعثيين- ، أوسواء للحيلولة دون أن تسقط الأمة في الوهن والإرتكاس الكامل-وهورأى صلاح هذه الأمة من كل المقاومين للمشروع( الصهيو-أوروبي-أمريكي) بكل أطيافهم السياسية وانتماءاتهم العقدية من الصادقين، فخسرالعرب أنفسهم كلية لاحقا في الإنغماس في الصراعات الفلسطينية /اللبنانية في السبعينات على أرض لبنان، والصراعات الخفية(القومية/ القومية) بين سوريا والعراق، التي دفعت الذئب الغربي الماكر المتربص بالقاصية من الغنم ، بالإستفراد بهذه الأخيرة بأكلهاوعزلها عن الصراع، بعد أن تم عزل أرض الكنانة بالخطاب الساداتي، وبرشوة أحد كبارهم وبإعطاء وعود كاذبة للطامعين، وبهدهددة روع الخائفين، وبإشغال الأطراف العربية المغاربية في حروب جديدة(بحرب الصحراء) وسقوط البعض الآخر في البغاء السياسي المخزي، ..

ولو بعث عبد الناصرمن قبره-كرائد للتيارات القومية والعروبية الأكبر، وبعبع المشروع الغربي في المنطقة زمنها-ورأى ما رأى من التعملق(الإسرائيلو-أمريكي)على مقدرات الأمة العربية، ورأى الرجعيات القديمة-التي حاربها تتقمص حلل الإعتدال والإنفتاح والتحاور ، الموصلة في النهاية إلى الانبطاح الكامل والإستسلام المذل، ...ولشهد مهزلة كامب دافيد الذي وقع عليها رفيق عمره في الثورةوالنضال، وما اختلقه خطابه الساداتي من عقلانية سياسية جديدة أسست لبراغماتية عربية جديدة–متزئبقة-حمالة أوجه ومتعددة الزوايا والأطراف والأكثر إجتهادا من البراغماتية الأصولية التي قعدلها عباقرة الأمريكان في عشرينات القرن الفائت، التي شتت المنطقة–سياسيا-إلى واحات من السراب والتشتت والمهزلات، مع دعاة فلاسفتهاونخبها ومثقفيها الجدد الداعين لفلسفة العقل المنفتح open-mind المولد لجينيات من الخونة الجدد، ورهوط من المطبعين العضوانيين ، ولرأى هول الحرب الأهلية اللبنانية في الثمانينات، وتدميرالعراق، والتناحرات الفلسطينية / الفلسطينية، ..لفرهذا الزعيم القومي عائدا إلى قبره لتوه كمدا-ولقدمات فعليا كمدا-...

.ولوبعث حسن البنا-رائد كل الحركات الإسلامية المعاصرة من جاكارطا إلى أكرا-، ورأى ما رأى من الصراعات(الإسلامية/الإسلامية السنية) في ما بينهاومع غيرها، وكيف تحول مشروعه للأمة الاسلامية وتحريرفلسطين-التي وهبت الحركة مئات الآلاف من خيرة شبابها في حرب 48-إلى أمة التشرذمات والتحزبات والشعارات، والإقتتالات الطائفية، وتدميرأفغانستان، وإستنباث الجماعات التكفيرية-التي تنسب نفسها إلى حركة البنا-كما ينسب بعض المدلسين أنفسهم إلى الناصرية، وكلتا الحركتين من هؤلاء براء بالدراسة العلمية الأكاديمية الميدانية-التي لاهم لهذه الحركات الإسلامية المتسربلة بالتقوى، والمبطِِنة للإثم والعدوان، سوى قتل عباد الله على الهوية وإشاعة الفتنة، ...لهرع الشيخ البنا سريعا للعودة إلى مثواه الأخيرارتعابا وهلعا،

...فأصبح لبنان، بذلك، تلك الساحة الإختبارية التي جمَعت من هؤلاء وأولائك من الأطراف المتنافرة والمتناحرةعجبا، بحكم تفرد هذا البلد العربي بديموقراطيته وبجرأة أبنائه، وكملاذ للمهمشين السياسيين من كل المذاهب والنحل(الصادقين منهم والكاذبين)الفارين بجلدهم إلى هذا لبنان من نير أنظمتهم القمعية

- وبعد أن أطل الذهب الأسود من مناطق غفاة أهل الكهف، انحشر لبنان- ودول عربية أخرى-منذ الخطاب الساداتي اللييرالي ، وبفضل سويسرية أبناكه وحذق تجاره ولباقة أبنائه-في فانتازمات المقامات البغدادية وأحاديث كسرويات قصورالرشيد وآل العباس مما يخطرولا يخطرعلى بال، فانتشر بعد الطرح الساداتي الجديد، شيوخ النفط والمال، وعباد الغلمة والشبق في البلاد-مند السبعينات-، فعاثوا فيها الفساد، بدءا من عواصم الرفث في الشرق إلى عواصمه في الغرب-مستبيحين أعراض المسلمات والطريات الكافرات -فحولوا المغرب ذؤابة حضارة الأندلس الغاربة ولبنان سويسرا الشرق وباريس العرب إلى حمامات تركية لغسل أدرانهم، وبؤرخنا لإشباع شنارهم ، فأغرقوا ضعاف النفوس-أيمانا ووطنية- في الفسق والتفسخ، ... فعشقوا خاصة هذا اللبنان -ومن العشق ما قتل-...! الذي كان أقرب إليهم من حبل الوريد-وجدانا ومسافة ومنفعة-من باقي البلدان.... !، فكان ما كان مما ذ كرحينها وما لم يُذكرإلى الآن....!مما جعل عشاق السياسة ومحترفي الصحافة في الغرب، يصورون الحالة السياسية اللبنانية وعلاقتها الوطيدة بالتدخلات الأجنبية الغربية، وارتباطها بالعوامل الداخلية اللبنانية، منذ القرن التاسع عشر، إلى الحروب الداخلية للسبعينات، بأن: فنجان قهوة إذا سقط فوق أرض لبنانية، فإنه يثيرزوابع كارثية ما بين لندن وباريس أو برلين وموسكو ويمكننا أن نضيف اليوم بأنه اذا تنحنح أي لبناني في ما بعد حرب 2006، يبتغي العزة والكرامة لبلده، فإنها ستهزأركان تل أبيب وواشنطن، وعواصم مجموعة بروكسيل ، وعواصم كل المشرق العربي، لتنعكس آثارهاعلى ما وراء الأطلسي ببوينوس أيريس بالبرازيل وكاراكاس بفينزويللا ...-وذاك قدرهذا البلد

ثانيا:أزمة أو لا ازمة؟

و اذا كان المعنى السوسيو-إيتمولوجي للأزمة السياسية في المعاجم اللغوية الغربية يأتي بمعاني:التفاقم الفجائي لحالة أو لظاهرة سياسية ما، بدون سوابق إنذار، ترافقهااحتدامات فوران الغضب الجماعية ، وظهورلحالات اجتماعية تتسم بالانفلات الأمني، ومؤشرات الهزات العنيفة المستقلبية، والإرتباكات السياسية حتى من داخل نفس الأحزاب مع عوائق الحلول، المرافقة للتساؤلات المربكة، والحاجة للعودة إلى المراجعات الراديكالية، فيبدوأن هذه النعوت أوالمقاربات، هي أقرب إلى ما قد يجري غدا في هذا لبنان، وليس الآن، (أي بعد ما سيتمخض عنه الصراع الحالي بين ما يسمى بالمحافل الدولية وقوى المعارضة اللبنانية) بعد أن أخذهذا البلد يعيش بعد حرب التدمير عام2006 بوادر ظهورالأزمة ، وتبقى التساؤلات الجلية التي يطرحها الإنسان العادي في الشارع العربي–الذي يحقرعقله المتخصصون والباحثون والمتدكترون - حول: من تلك الأطراف الخفية الفاعلة وراء إثارة أسباب الفتنة، بالمحاولات المريبة واللامسؤولة لجرف البلد إلى الأزمة الفعلية ، عن طريق جس النبض الميداني بالتحرشات ونشرالأغلوطات، ظنا منها-خطئا- بأنها الطريقة المثلى لفرض الحلول، وقبول سياسية الأمرالواقع، وجرالأطراف المناوئة إلى التنازلات، إذا ما اعتبرنا بأن لبنان-كما يرى ذلك بعض المحللين الغربيين المتفائلين-لايزال يعيش مقدمات الأزمة بالإصطلاح، وأن ما يجري فيه ليس سوى شنشنات عابرة للإختبارالمتبادل لمدى قوة وصمود الخصوم السياسيين المناوئين-..

للبحث صلة

[email protected]

 

 

 

 

في المثقف اليوم