أقلام حرة

معركة للشرفاء فقط / حافظ آل بشارة

في اختيار الوزراء وكبار موظفي الدولة، وسبب التشكيك هو ان الناس راقبوا كيف تم حل الازمة السياسية ولمسوا ان اغلب الحلول كانت استرضائية وان هناك تنازلات في غير محلها وحالات خضوع للابتزاز، الحكومة كانت وما زالت تقول بأن السنوات المقبلة هي سنوات مكافحة الفساد الذي يعمل بشبكات بشرية متغلغلة في الدولة ينعشها نهج الاسترضاء والتسويات في التوزير والتعيين خارج شروط الكفاءة والنزاهة . قيل ان على الحكومة المقبلة دراسة تجربة السنوات الاربع الماضية وهي تحتفظ بوثائق ممتازة تؤكد ان الفساد ضرب جذوره في مؤسسات الدولة بشكل يصعب معه الاستئصال، أحد الضرفاء قال : ان هيكلية دوائر الدولة ابدعت في تشغيل عجلة الفساد وتطوير آلياته اكثر من عملها في خدمة الناس، وعندما يكون الفساد جاريا عبر شبكات محكمة فهذا يعني انه عمل منظم ولديه آليات تستر وحماية ومناورة عالية الجودة، لذا وقفت اغلب مؤسسات البلاد يائسة أمام هذا الغول، حتى ان مشاريع مكافحة الفساد السابقة كانت مجرد حملات دعائية عبر الاعلام لم يرافقها تقديم برامج جدية ومعالجات قابلة للتطبيق وكانت بعض القوى الوطنية غير متحمسة لذلك وبعضها لاذ بالصمت، ولم يكن مجلس النواب قد اعطى أي اولوية لهذا الملف، وكانت مبادرات هيئة النزاهة ولجنة النزاهة النيابية مبادرات فردية وهجمات يقودها الرجل الواحد والرجلان يبرزان ويقاتلان حتى توهنهما الجراح، نعم انهم فدائيون يتفرج عليهم الآخرون وهم يتلقون السهام من كل جانب في اطار حالة خذلان كامل . ولكن في الازمات والصراعات تظهر لقطات ذات معنى عميق حيث يتراشق المحترمون من كل الاطراف بفضائح فساد مالي يغص بها الانترنيت والفضائيات في عملية تلطيخ شاملة تلف البر والفاجر . في السنوات الاربع الماضية تكررت تصريحات اؤلي الامر بأن المعركة مع الفساد اصعب واشد ضراوة من المعركة مع الارهاب وهما وجهان لعملة واحدة، لكن اجتثاث الفساد يتطلب اجراء اوليا هو منع تسليم الدوائر التنفيذية الى ايد غير امينة، ثم الاعتماد على النفس والقدرات الحكومية وعدم توقع مشاركة واسعة من بقية الجهات في هذه المعركة فالناس خلقوا محبين للسلامة ولا يتصدى لهذا الامر الا المستعدون للاستشهاد، سوف تتهيأ امبراطورية الفساد السرية لصد الهجمات فتكشف عن اسلحتها وخططها واعلامها وحربها النفسية وادواتها التي لا تخطر على بال، وسوف ينحاز اليها أناس غير متوقعين، ان دعم مشروع تعيين الشرفاء واهل الكفاءة والتاريخ الناصع في دوائر الدولة وفي المواقع الرأسية والفرعية هو الخطوة الأولى نحو معركة جادة مع الفساد يمكن ان يكتب لها النصر .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1585 الثلاثاء 23 /11 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم