أقلام حرة

مرة اخرى حول الثراء الفاحش والفقر المدقع المنتشر في منطقتنا / عماد علي

ولم يعلم بانه لم يجعلني ان اساعده وانجيه فقط بل وددت ان لا اراه وامثاله في هذه الحياة وليس بمساعدته فقطو انما استئصال عوامل وجوده، وفرض علي هذه الواقعة التعمق في اسباب وجوده على هذا الوضع والملايين معه على هذه الحال وهو يستحق ان يعيش كريما ومتوفرا لديه ما يسترلزمه من الاحتياجات الضرورية، واستغرق ذلك التفكير مني مدة طويلة، ولم اعلم بنفسي عندما عدت الى رشدي ويقظتي وانا اتمشى للحظة واتفاجا في من يرقد تحت الصفيح وهو ايضا على حال يرثى لها وهو ادنى معيشة من المستجدي ،و من ثم غرقت في التامل والبحث مع الذات في عوامل ماوراء هذه النتاجات على ارض الواقع والتي لم اشهد مثله من قبل بهذا الشكل طوال العهود السابقة، ودخلت في خيال وربما كنت في غيبوبة ولم استيقض الا وارى امامي احدا من ذوي الاحتياجات الخاصة طالبا المساعدة ، فتجهم وجهي واحسسته دون قصد ما انا فيه ولم يفهمني كما اردت وربما تخيلني عكس ما كنت فيه، وادار بوجهه نحو مارة اخرى ليطلب ما يريد، وهكذا طال بي الوقت وانا احلل وافسر واجد الاسباب والعوامل وافقد اخرى واجهل بعضها واعول على ما لدي من الرؤية والفكر والعقائد ، ولكني كدت ان افقد صوابي ، وارتجلت وتفاجئت وانا هالك في التفكير واشغلني هموم من التقيت بهم واذا بسيارة فارهة بجنبي وفيها من البذخ والابهة ومن كان يشغلها بشياكة لا يمكن وصفها، والتفت جانبا كي ابعد نظري عنها ولم ارى الا عمارة عالية ذات المواصفات غالية الجمال ومشيدة بافخم انواع البناء والاثاث ، ولكنني تمشيت وسيطرت على نفسي لابقى صاحيا ولم تدم مسيرتي طويلا الا وتلمست وجوها واشكالا وطبائع مستريحة نفسيا ووجوها مبتهجة لم تدل منها ولو لحظة احتياج او عوز واخرى يظهر على سلوكها الترف والتبذير، وبدات المقارنة مع ما سبق من مشاهداتي ولم اخرج بنتيجة خلال هذا الصباح.

هكذا، خلال سويعات دار بي الزمن عهود وعقود ولم انتهي الا بنظرة واقعية الى ما نحن فيه هو الفوضى بعينها من النظام والوضع الاجتماعي الاقتصادي السياسي على الرغم من دخول المفاهيم الجديدة الى عالمنا من العولمة والديموقراطية وحقوق الانسان. وكل ما تحيرت منه هو لماذا نجد هذا التناقض من المواصفات التي تتمتع بها دول الشمال والجنوب في رقعتنا وفي الوقت ذاته، هناك من في الحضيض والاخر في العلى، ولنا نفس التاريخ والجغرافية وربما الثقافة . وكموقع لدينا من الثروات الطائلة التي تذهب ريعها هدرا وتدخل جيوب محددة فقط . نتيجة هذه الاحساسات على الارض تبين لي ان الوضع النفسي العام للمجتمع ناتج عن مثل هذه الحالات التي تعيشها الافراد، وهي تحت طائلة الضغوطات الموجودة والمؤثرة على من يفكر قليلا في ما موجود في الواقع فما بال من يحاول جاهدا ايجاد الحلول ويتعمق في تحليل الظواهر والحوادث والوقائع ويلم على تفسيرالامور والقضايا التي تهم الانسانية.

ان كانت المستلزمات المادية الضرورية موجودة ومتوافرة في هذه الارض التي نعيش وتحتاج لتنظيم وترتيب معين فلماذا هذا التراجع في مستوى المعيشة يوما بعد اخر وهو ما يغلق الابواب على المتاملين في الوصول الى نتيجة وتزداد الحياة تعقيدا.

ايجاد المنفذ ضروري لاية حالة كما هي حال الفيزياء وما تتطلبه الضغوطات للتنفيث وابتعاد احتمال الانفجارات وردود الافعال المحتملة لما هو موجود من الاثقال التي تفرضها الحياة اليومية ، فتكون الحالة طبيعية لو اختلط الحابل بالنابل لحظة ما، لذا المنفذ المستعجل للحال هو اتباع التنظيم الطاريء لما يعيشه المجتمع والا العواقب تكون وخيمة .

 لو طرحنا الحل سطحيا وقلنا ان الخلل الحقيقي في العقلية والتفكير والنظام وليس الفرد بذاته او ناجم عن تراكمات التاريخ وما تعاقبت من الانظمة السياسية الاقتصادية العالمية وتاثيراتها على المنطقة ، وقلصنا الاسباب لرواسب الحروب والويلات التي فرضت على هذه المنطقة بالذات فانما الجرعة العاجلة لتهدئة الامور وتطبيع الوضع الاقتصادي هي مساعدة من يعيش تحت درجة الفقر مؤقتا ، ولكن الاهم هو الاصرار على العمل في ايجاد النظام المناسب لكل منطقة للتقارب في المستويات المعيشية للشعوب لحيز معين ان لم نصل الى المساواة التي يطالب بها الجميع في فترة محددة على الاقل.

حسب كل المؤشرات الداخلية للعراق وما نعيش فيه (ان ابعدنا النظام الاقتصادي العالمي التي تفرض الشروط) فان النظام الاقتصادي والسياسة الاقتصادية العراقية فيهما من التخبط والفوضى والابتذال لا يحصى ولا يعد وليس الفساد الا جزءا من اللانظام الموجود والا سيتم علاج الفقر خلال فترة وجيزة وليس بالمساعدات الاجتماعية التي فيها من الطرق التي تعقد الحال اكثر وتثري الاثرياء وتدني من درجة الفقر، وهذا ما تزيد من الطين بلة. المطلوب بشكل عاجل هو الاحصاء وبيان مواقع الضعف ونسبة الفقر ووضع خطط طارئة لمدة معينة ومن ثم وضع الخطة الخمسية وما يتطلبها النظام الاقتصادي الملائم لمجتمعنا بكل حرية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1586 الاربعاء 24 /11 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم