أقلام حرة

كتاب وشعراء للبيع / نبيل قرياقوس

وانا اراه هنا اقرب الى كونه طباخا للاحرف عن كونه شاعرا..

قرأت لكتاب ومفكرين وصحفيين ما هو روعة في الاسلوب لولا ان احرفهم تميل بين يوم وآخر مع هوى من يفيدهم شخصيا دون المبالاة ببقية البشر، فبعضهم يتقلب نفاقا باحرفه يوميا وربما بالساعات شمالا وجنوبا، شرقا وغربا !!

مهنة صناعة الكلمات النظيفة صعبة جدا على مقتدرها ومحبها حيث تحتم عليه وعيا وثقافة وربما عوامل بيئية واخرى وراثية في دماغه وبقية اعضاء جسمه تؤمن له قدرة الانطلاق من اقل نسبة انحياز للـ (أنا) الذاتية ومحاولة معايشة (أنا) الآخرين وليؤلف بعدها البحث او الدراسة او العامود الصحفي او المقال او القصة او الشعر، والـ (أنا) المقصودة هنا هي تلك التي تجسد بعدي الحاجة الى المال والسلطة والحاجة الجسدية للانسان ..

البعض من صانعي الكلمة متخلف ثقافيا وحضاريا وحاله هنا كحال اي انسان جاهل لا يعرف اهمية النظافة مثلا، فهو لا يحس بانحيازه لـ ( أناه) تساعده في ذلك اوضاع مصالحه ومضامين بعض القيم والاصول التي تربى عليها وورثها اجتماعيا، والبعض الآخر من صانعي الكلمة يدرك ما هو صحيح لكنه مدمن على النفاق والانتهازية وحاله هنا كحال المدمن على مأكل او مشرب رغم معرفته بضرر ذلك المأكل او المشرب، اما البعض الآخر فهو مزدوج الشخصية كأن يتمنى ويمارس سرا او علانية (حينما يتمكن) ما ينتقده عند الغير !! او ان يتمنى المساواة بينه وبين غيره او بين عشيرته وغيرها او بين قوميته او ملته وغيرها، الا انه في مواقف اخرى يفترض تميزا لشخصه او عشيرته او قوميته على غيرها وبمبررات شتى !!

من يصنع الكلمة او الحرف الانساني النظيف صناعة متقنة يكون اقرب الى العدل النسبي في بيان رأيه في المواضيع المختلفة مما يتعامل به، ويكون اقرب الى الحب الفاضل مع بقية البشر وبضمنهم احبائه ..

التاريخ الانساني يحمل اسماء كثر لم تكن صناعة احرفهم نظيفة ..

وايامنا الحاضرة في مجتماعاتنا الشرقية تصفق لكثر ممن ليست صناعة احرفهم نظيفة ..

ذوو صناعة الاحرف النظيفة كثر ومنهم من عانى ومات فقيرا لانه ما فكر الا ان يهدي صناعته لبني الانسان دون ان يبيعها ..

ما زالت سوق مبيعات صناعة الاحرف او الكلمة في مجتماعاتنا تسجل اسعارا لكتاب وصحفيين وشعراء وربما مفكرين لا يستحقون هذه التسميات ..

صناع الحرف والكلمة المبدعون لم ولن تدخل اسماؤهم في اي سوق للمبيعات ..

الكلمة ارقى ما في الانسان ..

الكلمة اسمى من ان تدخل سوقا  للمبيعات ..

الكلمة مساواة وحب بين كل البشر ..

الكلمة اقدس من ان يكون لها ثمن ..

 

نبيل قرياقوس  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1586 الاربعاء 24 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم