أقلام حرة

الملحدون أكثر تطرفا ً من المتدينين / صادق العلي

 صداقات لا نعرف متى تجف جذورها بالنسبة للفريقين لان حساباتهم تحتم عليهم ان يخرجوك من عالمهم الذي تختلف القيم فيه بما فيها قيمة الصداقة طبعا اذا ما تعارض وما يعتقدوه .

 وهنا يجب ان اُعّرف بعض المصطلحات في مقالي هذا :

الملحد : هو كل من رفض وجود الله .

المتدين : هو كل يسوق نفسه على انه متدين سواء كان ملتزم حقا ام مدعي .

طالما شعرت وانا اتحدث للملحدين على اختلاف خلفياتهم وتوجهاتهم ... فمنهم الماركسي (على الرغم من ان كارل ماركس كان يعلن بأنه ليس ماركسياً)، ومنهم من اقتنع بموت الاله على طريقة نيتشة، ومنهم كان عقلانيا على طريقته صديقنا أيمانويل كانت حينما رجح كفة العقل اذا ما دخل في اي صراع مع الدين ... طالما شعرت بان المهم لديهم هو أثبات بان الله غير موجود ! وان اي شخص يمكن ان يتقبلوه ويكون صديقاً لطيفاً اذا لم يكن الله في حديثهم ... اما اذا اختلف معهم في النقاش فانه يتحول الى شخص متدين متعصب .

وكما هو معروف للجميع فان المتدين يرى الاخرين من خلال ما يعتقده وعليه فان مناقشة المتدين لا تفضي الى اي نتائج ايجابية في اغلب الاحيان على الرغم من ان المؤسسة الدينية مطالبة في هذا الوقت بالكثير مثلا على سبيل المثال لا الحصر ما قام به بعض المتطرفين المسلمين بتفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك وما تبعها من انقسام العالم الى عالمين ! .

وبالنسبة لي فلقد وضعت ميزان لاكتشف من خلاله من هو المتطرف ومن هو المعتدل ... وميزاني هذا عبارة عن سؤال واحد فقط وهو :

لو أستطعنا ان نوجد مجتمعا انسانيا يعيش فيه الجميع برفاهية وبعدالة بعيدا عما تعتقده ... هل تترك ما تعتقده وتأتي الى الدين الجديد في هذا المجتمع الراقي الذي حاول الجميع ايجاده ولم يفلحوا وها هو قد تحقق؟

تخيلوا هل من الممكن ان يقول اي شخص نعم انا وسوف اترك ما اعتقده وسوف التحق بالدين الجديد او المجتمع الجديد ؟! .

قد يكون سؤالي جدليا بعض الشيء ولكني اريد ان اقول بان الجميع متفق على ان الانسان هو اهم من كل الاديان واهم من كل الفلسفات وهذه قاعدة يجب علينا ان نتذكرها ... هناك بعض علماء الدين او الخطباء يقولون (بان دولة كافرة وعادلة افضل من دولة مسلمة وظالمة) ... وهذا خطاب فيه الكثير من العقلانية والتي لن تتناقض مع ما طرحه صديقنا (أيمانويل كانت) فالعقل لم يدخل في صراع مع الدين في هذا المقولة .

بالرجوع الى قاعدتنا الاساسية بان الانسان هو الاهم فان الملحدين لن يعطوك اي فرصة ولو على سبيل الافتراض بأيجاد مجتمع مثالي لان قناعتهم تؤكد بان هكذا مجتمعات مثالية والتي تتوفر فيها العدالة والرقي الانساني لن تتحقق الا بوجود ماركس او على اقل تقدير لن يتحقق بوجود الله !

وانا هنا لست بصدد الدفاع هذا الفريق او مهاجمة ذاك الفريق ولكني لا اصدق ما اشاهده من قبل البعض مع انها ليست افعال شخصية ولا هي ردود افعال فردية وانما هي توجهات كل ذاك الفريق ... فمثلا الملحد الذي لا يؤمن بالله يتقبل المتدين المسيحي واليهودي ولا يتقبل المتدين المسلم ! وهذه من اكبر التناقضات التي يبررها بعض الملحدين على انها حالة طبيعية كون هؤلاء اناس ......!!! لا استطيع ان اقولها لاسباب خاصة .

لهذا كله ولغيره الكثير فاني اعتقد جازما بان الملحد اكثر تطرفا من المتدين خصوصا مع وجود بعض الاعمال الارهابية او المتطرفة والتي يقوم بها البعض ويتم اسقاطها على دين باكمله والتي اسهمت في تراجع اسهم المتدين ! .

 

صادق العلي

[email protected]

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1586 الاربعاء 24 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم