أقلام حرة

اين الثقافة الكوردستانية من القيم الانسانية البحتة / عماد علي

الصفات والذي ينبثق في هكذا ظروف فتفرض عليه الطبيعة مجموعة السمات المتميزة المتناقضة حتما مع بعضها، الشجاعة والقوة بتعريفها الشرقي والكرم والمبالغة في الاحترام والتقدير للاخر وفي الوقت ذاته هناك من السلبيات كالسلب والمداهمات وقطع الطريق والبداوة مع العاطفة المسيطرة وحب الذات وفي احيان اخرى نكران الذات وخدمة الاخر بشكل معيب، من مقارعة المخالف الى الخنوع للاخر، من التفكير والتامل فيما وراء الطبيعة وفي شؤون الخلق والتعمق فيه والابداع في طرق اداء الواجبات الدينية الى الانقطاع عن الغيب والواقعية والتعامل الاني مع الموجود والسطحية في التفكير والمعيشة.

هناك فروقات شاسعة بين المستوى الثقافي للمكونات المختلفة لشعب كوردستان طوال تاريخه عبر المراحل المتعاقبة ووفقا للظروف السياسية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية التي كان فيها، والاختلافات الموجودة بين المكونات المختلفة له استنادا الى صعوبة الاتصال والتواصل، نلاحظ انبهاره بالمباديء والقيم الانسانية والشغف الى الحرية في التعامل مع الحياة حينما يكون محتلا قابعا تحت الظلم والغدر وايديه واعينه معصوبة من قبل الاخرين، وهو يبدع في طرق التفكير والتامل الى الحياة ويستثمر جيدامن الوافد اليه ويبدع في التصوف، والطرق المثالية من الفكر والعقلية التي تمتع به عقود وقرون، تنبع افكاره متوافقه مع ظروفه، ويضحي بكل ما لديه من اجل ما يؤمن به من جهة ويفرط به بسهولة في احيان اخرى، وهو متوحد متراص ومتعاون في حين ومنشق على البعض ومتصارع ومتنافس مع نفسه في حين اخر، وهو متواضع ومعتز بنفسه ومتبختر ومختال ايضا في وقت اخر، الا انه من الثابت عليه انه متصارع ومتهور لو احس ببصيص من الحرية وهو يتخندق امام البعض ولم يتذكر عهود الضيم التي مرت به، ويصادق الاخر الذي لا يستحق التعامل معه.

اليوم وبعد انقضاء مرحلة الايديولوجيات القحة والتعصب بجميع اشكاله، وصلت الانسانية الى حال متجردة من الافكار الضيقة الافق الى حد كبير، وتسود الثقافة العالمية في التفكير وانتزاع العقلية والنظرة الخاصة الى الامور والمفاهيم بشكل نسبيو تتحول الى التعميم في التفكير والتوجه، وبعدما فتحت الابواب ووصلت الينا اشعاعات الافكار المختلفة وتصادمت مع بعضها من جهة وتصارعت من جهة اخرى عند بوابة الشعب الكوردستاني، بينما تلاقحت وتمازجت بشكل عام عند دخولها الى عمق المجتمع رغم ارادة الممتنعين ووصلت تاثيراتها الى نسب كبيرة من الشعب وبالاخص النخبة وفي تقدم مستمر لحد اليوم.

اننا نشاهد هيجانا في الثقافات المتنوعة للشعوب وما وصلت من بوادر لها وما لدى الشعب الكوردستاني بنفسه ، والحق انه لازال في بداية الطريق وهو يرزح لحد الان تحت تاثيرات الرواسب والتراكمات الماضية ويأن تحت ثقلها رغم محاولاته المتكررة للتحرر، على الرغم من ذلك اننا يمكن ان نسمي هذا الواقع بالمرحلة المتنقلة او الظرف المتاملة في كيفية التزاوج والتطعيم بين القديم  الجديد.

لازال الشعب الكوردي الى اليوم يصارع مع الاخر من اجل الاعتراف به كيانا ومكونا على الارض وبما يمتلك من القيم والسمات الخاصة التي تفرقه عن الاخر في بعض منها بشكل مطلق، وفي الوقت ذاته يريد الخروج من التقوقع الذي فرض عليه والانعزال الذي كان فيه لمدة طويلة ولحد اليوم في بعض الامور.

ما استجد عليه وهو لازال حائرا في تخبطه واستغرابه هو مجيء القيم الانسانية والافكار والاعتقادات والنظريات الكبرى عبر نوافذ مختلفة ومن جميع الجهات، بشكل مباشر احيانا وغير المباشر في اكثر الاحيان، وهو يريد ان ينفذ بجلده من صعوبة الامر عليه ومن بعض الافرازات التي ارهقته جراء صراع القديم الجديد وفي نفس الوقت يُفرض عليه البقاء ثابتا مستقرا على ماهو عليه والمراوحة في المكان دون تقبل الجديد وهو المستحيل علميا في تطور الشعوب والمجتمعات.

 انه يلمس ماهو الجميل والمفيد من الاتي ولكنه يعلم انه بثقيل على امكانياته ومستواه وتحمله وفي الوقت ذاته يعلم بمدى استفادته لو اقتحم بنفسه في الشؤون المختلفةلهذا المولود الاتي  وما فيه من الثقافة الجديدة والحداثة في جيمع المجالات.

 من الامور التي اشغلته وهو يعيش في دوامة التقبل او الرفض هو نمط معيشته وكيفية تاثر ظروفه الاجتماعية الثقافية يالمستجدات، يقحم نفسه احيانا فيما يهمه وما ياتيه من الشرق والغرب دون دراسة ممعنة ويتفادى اخرى بشق الانفس.

العلاقات المتوترة بين الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي هو فيه لم تفسح له المجال لبناء وتاسيس طريق معبدة وواضحة المعالم للوصول الى محطة التفاعل مع القيم الجديدة، وهو المتربى والمدرًب على المقدسات ووجوب الالتزام بها لحد التضحية بالنفس من اجل الحفاظ عليها ومنذ القدم. وهذا ما يسبب التراخي في الحيوية المطلوبة لتقبل الجديد والتي تصنع المجتمع المنتج وتصلح الانسان ويدعم تطوره اينما كان وليس في كوردستان فقط.

اذن ماهو عليه هذا الشعب انه لم يستوعب بعد القيم الجديدة ان صح ان نسميها بهذا الاسم، فهو لايزال على الهامش من بعض المفاهيم ويتقمص احيانا شخصية المتقبل من المظهر وخارجيا ولكنه يعيش في صراع داخلي مع الذات لسلخ القديم الذابل وليس الجديد والذي يحتوي في طياته كل ما يمس الانسان وفق العصر الجديد وما يهم معيشته ولابد له ان يستقر وهذا ما يوضحه لنا عامل الزمن عاجلا كان ام اجلا، والشعب الكوردستاني في الاخر يتقبل هذه القيم برحابة الصدر.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1588 الجمعة 26 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم