أقلام حرة

ما يحدد العلاقات وطبيعة التعامل مع البعض / عماد علي

على الصعيد الفردي، تعتمد العلاقات الاجتماعية كانت ام السياسية ام ايديولوجية على مجموعة من المقومات الاساسية التي من الواجب توفرها لنجاح المراد بحثه في شان موضوع عند ابنثاق اي نوع من العلاقات المطلوبة،و في مقدمة المتطلبات والاركان الهامة التي تستند عليها هي ثقافة الفرد وفلسفته وعقليته التي تحدد التعامل مع الاحداث والمواضيع التي يمكن ان لا تكتمل الا بوجود علاقات مختلفة بين الاطراف، ويقف ذلك ايضا على الامكانيات الفكرية واللغوية المعبرة عن النوايا والاراء والمواقف والافكار تجاه ما يبحث،مع توفرالطرق المتبعة للبحث سوى كانت البحث بسيط وربما يكون بشكل صريح وهذا ما تتخلله المجاملة، او الاستناد على الاتكيت او الدبلوماسية المطلوبة في العمل وهي التي تعبر عن الشخصية والقدرة الذاتية للمحاور في تفهم المطروح بشكل غير مباشر، ومن جانب اخر مستوى اقناع او اقتناع الفرد المعني وقدرته على بناء خط التواصل الى النهاية.

 وهذا يختلف حسب درجة القرابة ان كان اجتماعيا بين الاهل والاقرباء والاصدقاء او رسميا بين زملاء العمل وفق درجاتهم ومراتبهم او سياسية رسمية بين جهة واخرى.

بداية لابد ان نذكر بان الحياة والتفاعلات الموجودة فيه والتطورات التي حصلت على المجتمعات جعلت العلاقات موضوعا انسانيا واجتماعيا علميا فارضة نفسها على اي باحث في الغور فيها ابضا، هناك اختلاف كبير بين الشرق والغرب وحتى بين منطقة واخرى في هذا المشوار، وهناك فرض للعديد من الالتزامات  والشروط المختلفة على العلاقات من حيث التعامل مع القريبين او مع الاخر البعيد على المستويات المختلفة الخاصة منها او العامة وفق نوعية العلاقة والهدف منها.

المجتمع الشرقي وخاصة منطقتنا معلوم السمات والثقافات وما يمتلك من الخصائص وما يرتبط به ويؤمن بما فرضه عليه التاريخ والتراكمات من العادات والتقاليد والالتزامات الاجتماعية التي تفرض على الفرد العديد من الشروط في تحديد المسار، وان لم يؤمن هو بذاته به ومجبر على اتباعه في علاقاته المختلفة، وهذا ما يعكس سلبا ايضا على العلاقات العامة بين الجهات والمؤسسات العديدة.

لو دققنا فيما يخص الفرد بالتمعن وهو ما يهمنا هنا اننا نلاحظ ان العلاقات التي تربط مكونات المجتمع مع بعضها تستند على الاخلاقيات  والقيم والمباديء والعقائد الثابتة المتوارثة دون ان يكون للمكون الحالي اي راي صريح في بناءه، ومدى نجاحه يقاس على درجة التزامه بما يفرضه عليه ما موجود في المجتمع وما يرفضه بالمعايير المتوارثة، وهكذا ايضا يصح على بين الجهات والمؤسسات .

عندما يتكلم اي منا عما يؤمن ويعبر عنه يحسب لما يمنعه من التصريح به كي لا يخل بما يهدف ويوضح للاخر ماهو عليه من المستوى الثقافي والوعي العام في الحياة ويتكلم بحذر قبل ان يكشف ما يحب المقابل او يؤمن، وان كان كلامه عاما الا انه يعبر عما يملكه من المعلومات والخبرة، وهذا ما يفرض على المقابل المتقبل وتقييمه وفق المعلن، اما على الصعيد الجماعة او الجهة فيكون الخطاب الصادر عنها معبرا عن خلفيتها الفكرية او العقيدية او الايديولوجية او الفلسفية ومن جوانبها المتفرقة، وهذا واضح  للعيان من قبل الاكثرية الموجودة على الساحة العامة من الافراد في منطقتنا، وربما يحاول البعض اخفاء ما يريده في الحقيقة  الا انه لا يستطيع نفي ما يريد بشكل مباشر وهنا تزداد احتمالات الاخفاقات في الاقناع،  وتعتمد تلك العملية على طبيعة الشخصية التي تلعب الدور الرئيسي في بناء تلك العلاقات وبتلك العملية المعقدة، وكثيرا ما يُوظف لغة معينة لكل غرض ومقصد لتحقيق المرام والاهداف المعلنة وغير المعلنة.

 عند تعامل الفرد مع الاخر سوى كان بالتحاور او التفاعل والتعمق في بناء العلاقات، فانه اما يكون صريحا فيما يطرح وهذا نادر وسيكون الرد على الاغلب غير مريح  وربما سيؤدي الى التقاطع وعدم استكمال المهام او بالاحرى سيؤول الى تحفظ  الاطراف فتبقى الحال على سكون دون تغيير ان لم تتردى الى الاسوء، وهذا ما يكون بعيدا عن التقدم المنشود المطلوب من تحقيق الاهداف عن طريق بناء العلاقات. اما في المقابل هناك اتباع الطريقة القديمة المبتذلة وهي المجاملة والاستطراد في الوصف والمدح  التي تؤدي الى نجاح المهام المؤقت دون تحقيق الاهداف الحقيقية وهو خدمة الانسان، مما يؤدي الى تضيع الحقيقة بين السطحية والشكليات بعيدا عن بحث الجوهر ودراسة الموضوع بشكل علمي، وبين هذا وذاك هناك الدبلوماسية والكياسة في العلاقات  على مستوى الفرد، وهذا يعني طرح المواضيع باشكال معينة وبطرق غير منتجة للخلل او ما يمكن ان نسميه بروز علامات الاستفهام عند الاخر ودون خدش اي طرف او تعقيد في الامور، وهو المطلوب باحتساب الزمان والمكان ومتطلباتهما والاهتمام بهما بقدر جوهر الموضوع،  والنظر الى الوقت  بعين الاعتبار .  اللغة وطبيعة الطرح والاهداف من عوامل نجاح تاسيس اية علاقة وعلى اي مستوى كان. وهذا ما ينعكس ايضا على العلاقات الاكثر تشعبا بين المؤسسات الحزبية والمدنية وتحتاج الى الكثير من البحث والتمحص للخروج بنسبة من النجاح.

ان كان هذا على المستوى العام للمواطن البسيط والمؤسسات والجهات السياسية الداخلية اما لو دققنا فيما يجري على مستوى البلدان او القيادات العليا فتحتاج الى الكثير من التعمق .

 اهم ما يجب طرحه من اجل التصحيح هو علاقة الفرد بالقائد وتعامل الناس بهم وما يحدث من التملق والتزلف فحدث ولا حرج، وهذا ما سيؤدي الى الكوارث وكل ذلك من شان تغيير عملية ربط المكونات واعادة تقييم العلاقات، فالمجاملة والمدح والترضية والوصف والمدح وتوظيف كافة الاصطلاحات واللغات في هذا الشان هو اساس بناء الدكتاتوريات على كافة الاصعدة، وتكون البداية هية نبت بذور الغرور في فكر وعقلية وتوجهات القائد وهو ما سيجبر على تفكير القائد في احلام اكبر من قدرته وفوق مصالح الشعب. اي العلاقات وطبيعة التعامل اساس مهم لبناء شخصية وكيان اي بلد او مؤسسة، ولكن هذه المنطقة تحوي على محتلف الانواع من العلاقات واكثرها سطحية واكثر مجاملة في الظاهر ومعاتبة ومنتقدة في الباطن وهو ما تحوي في طياتها على بذور النفاق والكراهية اكثر من الحب، وهذه ثقافة بالية وتركها المجتمعات المتقدمة وراء راسها، فعلى الجميع المساهمة في استئصال هذه النوعية من العلاقات والتعامل مع البعض وبناء علاقات طبيعية صادقة صريحة ودبلوماسية علمية نافعة مبنية على الحب والصدق لبناء المجتمع القويم، ليكن المجتمع واضح المعالم بعيد عن التناقضات والنفاق، وعلى الجميع اعادة النظر في بناء العلاقات وتحقيق الاهداف الانسانية الصحيحة بطرق مستقيمة، اي اعادة تقييم العلاقات وتصحيحها على كافة الاصعدة  هدف اني يفرض نفسه. 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1592 الثلاثاء 30 /11 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم