أقلام حرة

كباب بغداد في اوساكا – المذكرة الرابعة / نبيل قرياقوس

مهندسين يابانيين اعجز عن وصف خلقهم وأدبهم وصبرهم وحرصهم على ايصال المعلومة الفنية لنا .

كلمة (سان) تعني في اليابانية (أخ) وتلحق بعد الاسم عند النداء دلالة للاحترام، (تاجيما سان) كان ابرز اولئك الخبراء اليابانيين الذين درسونا، وهو الاخر كان متلهفا لمعرفة اي جديد عن مجتمعاتنا مستغلا اوقات الاستراحة بين المحاضرات للدردشة معنا في احاديث عامة، مرة اتذكر انه ترجاني ان اسمعه مقطعا صغيرا من اي اغنية عراقية ليتخيل شكل الالحان والانغام العراقية .

(الاداري)الذي يتابع احتياجاتنا كان شخصا مقبولا لكنه لم يبدو لي وديا كمهندسي الشركة، ولطالما كان (تاجيما سان) يتوقف عن احاديثه الاجتماعية معنا حال مرور (الاداري)، سألني الاخير ذات مرة عن المنتصر في الحرب التي كانت مشتعلة ساعتها بيننا وبين ايران ...، مرة اخرى اشتكى في حديثه معنا قائلا : اليابان لديها مشكلة مستمرة في الحصول على العملة الصعبة ..!!

تصوروا ان اليابان لديها مشكلة في العملة الصعبة وهي ثاني او ثالث دولة في العالم دخلا، ولم لا ؟ ما دام هناك طرف في العالم لايزال متقدما عليها !

خلال الساعات الثمان للمحاضرات النظرية والعملية كانت جعب القهوة والنسكافيه والشاي مملوءة امامنا لنشرب منها قدر ما نرغب ولحظة ما نشاء اضافة الى وجبة غداء، وعندما ينتهي النهار نستقل سيارة اجرة  تكسي  لتنقلنا الى الفندق الذي نقيم فيه كل في غرفة منفصلة، جميع سيارات الاجرة تجد فيها اجهزة اتصال لاسلكية مرتبطة بمركز سيطرة الشركة المشغلة لاسطول العجلات، بامكانك الاتصال من اي هاتف عمومي، وما اكثرها في الشوارع، لطلب سيارة اجرة ولتكون امامك خلال ثوان، سائق التكسي له زيه الخاص وقبعة على الرأس وكفوف بيضاء، اذا صعدت في سيارته لن يتحرك قبل ان تربط حزام الامان على جسمك كما هو فاعل، واذا نزلت فانك ستدفع له مبلغ القائمة التي تبرزها ماكنة العداد في السيارة، وكل ذلك كان قبل عشرين عاما .

في احدى امسيات جولاتي باسواق اوساكا انتبهت الى صوت نغمات بيانو جميلة اثناء عبوري على خطوط المشاة في احد الشوارع المكتظة وعند استفساري عن مصدر الصوت عرفت ان الشركة التي (انتخبت) لادامة وتشغيل شوارع تلك البلدة ربطت كهربائيا نظاما موسيقيا يعمل اثناء ايقاف حركة مرور العجلات ليتسنى لـ(الاعمى) معرفة وقت عبور المشاة !

بعد مضي اسبوع، اقامت الشركة المضيفة حفل ترحيب واستقبال لنا ولمدرس اللغة الانكليزية

الامريكي الجنسية الذي استقدمته لتعليم كادرها اللغة الانكليزية، كان يطغي على الطعام المقدم لنا انواع الاسماك والحيوانات البحرية حتى ان كثير منها كان غير مطهي حيث يأكلونه بعد غمسه سريعا في قليل من  الخل  .

احد مسؤولي الشركة كان حاضرا، اخبرني بانه كان ممثل الشركة في بغداد قبل سنوات، اخبرني انه مشتاق للعودة الى بغداد ..

سألته : لم ؟

اجاب : فقط لآكل (كباب بغــداد) ما اطيب  كباب بغــداد  !

الرحلة في اوساكا ممتعة باحداثها النادرة القادمة .

نبيل قرياقوس

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1593 الاربعاء 01 /12 /2010)

 

 

في المثقف اليوم