أقلام حرة

مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية / عماد علي

المتفق عليها والتي اصبحت عرفا لا يمكن تجاوزه في الظروف السياسية الحالية التي يعيش فيها العراق على الاقل.

ان كانت المحاصصة هي بنفسها غير محببة في اي شان كان وفيها من السلبيات التي لا يمكن حصرها وذكرها هنا الا انها طريقة ترضية وتوافق بين الكتل في الوضع الراهن والمتبع لادارة البلاد منذ سقوط الدكتاتورية، وتحتاج لاتباع الخطوات الهامة المطلوبة لهذه المرحلة التي استجدت فيها العديد من الامور.

السؤال هنا فيما يخص الكتل انفسها وما موجود من التركيبات المختلفة في كياناتها والمبنية على التحزب والتقارب الاجتماعي والديني والقومي والمصالح المختلفة، كيف وباي معيار يُختار من يشغل المنصب المعين ضمن حصة كل كتلة.

 ان كانت الوزارة وظيفة سياسية سيادية الا انها مؤسسة تنفيذية وخدمية تحتاج لخبرة في اداء الواجب باكمل وجه، فان لم تجد كتلة ما من يؤدي المهمة لوزارة من حصتها ماذا تقعل، او ان كانت هناك عدد غفير من نفس الاختصاصات في كتلة واحدة فالى اي منهم سيكون السهم، فهل ستدخل ضمن الاستحقاقات الرغبات الشخصية والمحسوبية والمنسوبية وما يخص المتنفذ في الكتلة كما قيل هذه الايام من اختيار الصديقات والحبيبات والى غير ذلك وكله على حساب المواطن البسيط الذي لا يهمه سوى الخدمة التي تقدمها له الحكومة فقط. فان كان هذا وضعهم داخليا فهل من المعقول ان نسال انهم يتشاورون مع القوى الاقليمية والعالمية للتباحث حول ما تهمهم من المعايير التي يجب ان يعتمدوها لكل منصب، ام تكون المصالح الشخصية المختلفة هي الآمر الناهي والعامل الحاسم، وهل ما ذكر من في بعض وسائل الاعلام المشكوك في مصداقيتها من اجراء عملية البيع والشراء فيه من الصحة، او الاختيار اصبح باشكال اخرى ليس كما هو الحال المبالغ بها، ام الاختيار اساسا حسم بناءا على المحسوبية والمنسوبية الشخصية والحزبية واخر ما تفكر فيه الكتل هو نسبة نجاح المرشح في عمله .

انني على اعتقاد وفق قرائتي للتجارب السابقة وكيف تشكلت الحكومات وما برزت من  الشخصيات المتنفذة وظروف عملها، فان الكتل وما فيها من الاقطاب المتنفذة لا تهمها سوى الطاعة العمياء والتي تفضلها على الكفاءة ولم تدخل القدرة والذكاء والامكانية والخبرة في الحسابات وحتى من بعيد، اما الاختصاص لم يُعمل به اصلا كما هو الحال لحد اليوم.

لذا تكون مهام رئيس الوزراء المكلف صعبة كثيرا ان لم يعطي التعليمات المسبقة والشروط التي يمكن ان تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل كافة الكتل كي ترشح استنادا عليها لاختيار كل حقيبة مخصصة لهم، وتكون تلك المحددات والارشادات اطارا عاما وليس تقليصا للحرية المتاحة للكتل في اختياراتهم لان نجاح اي وزير سينعكس ايجابا على الحكومة بشكل عام والعكس صحيح ايضا، واولى مهام رئيس الحكومة اعتماد عوامل النجاح.

تكمن العلة في هذه العملية في العقلية التي تدير الامور والالتزامات التي فرضت طرقا معينة على الكتل لاتباعها ودون غيرها، وكذلك من انعدام الثقة الكافية بينهم، فان كانت الكتل جميعها مستقلة الراي والموقف ومستندة على قوة ذاتها ولم تفرض عليها الشروط هنا وهناك وخاصة من دول الاقليم، فانها ستكون مطلقة اليدين في اختيار المناسب حسب المعايير التي تحمي المصالح العليا للشعب وبه يبيض وجه الكتلة ويزيد من شعبيتها اكثر من الخضوع لهذا الطرف او ذاك. ولكن كيفية تشكيل بعض الكتل ومن ورائهم ستدلنا على ان الشخصيات المختارة لشغل المناصب المطروحة يفرض عليها ان توفي بوعودها التي قطعتها مسبقا على نفسها، وعليها ان تعمل على تحقيق الاهداف المعينة التي ليست من اولويات الشعب.

 من حق رئيس الوزراء ان يختار حكومة الاغلبية ان احس بان الحكومة التوافقية ليست سهلة ولا يمكن ان يشكلها في الوقت المحدد له وان احس ان هناك طبخة من وراء الستار او نية لعرقلة المهام الملقاة على عاتقه، وستُفرض حينئذ وجود المعارضة بجانب السلطة في الحكومة والتي من شانها ان تقوٌم السلطة وتساعد على اتخاذ الحكومة الحذر والحرص في اداء الواجبات. وتكون الحكومة بوجود المعارضة اكثر فعالية واحسن اداءا وافضل انتاجا من حكومة المحاصصة التي من المنتظر تشكيلها.

هنا ربما يتدخل البعض ليذكرنا بايجابيات حكومة الشراكة الوطنية التي نحن نعرفها، ولكن ألن تكون الديموقراطية التي هي الهدف الاساسي والطريق السليم لبناء العراق الجديدعرجاءا ان لم تكن هناك معارضة كجانب مكمل للحكومة ومراقبا لها ومشخصا لنقاط ضعفها ومنتقدا بناءا لها، بل ستكون المقيٌم المناسب لمسيرتها باستمرار، ام المرحلة لم تزكي لحد اليوم وجود السلطة والمعارضة على حد سواء ولم تصل عقليتنا الى تقبل الانتقاد وما تبرز من الاخر من الاراء والمواقف المختلفة.  السؤال المركزي هو؛ ان استمرت الحال على هذا المنوال واصبحت حكومة الشراكة عرفا والمحاصصة كما هي اليوم، الم نذهب الى لبننة العراق ونرسخ الديموقراطية ناقصة الاركان والاعمدة. وهناك راي اخر اكثر اعتدالا ويطلب التوافق لحين تثبيت اركان الديموقراطية ومبادئها بشكل سليم وقوي ومن كافة الجوانب السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية مواكبة مع بعضها ومن ثم العمل بمبدا الاكثرية والاقلية  بعدها. ان ما نسير عليه اليوم غير مضمون المستقبل ولم نستنتج ما تهدفه المكونات في قرارة انفسها والشعب العراقي الموزائيكي التركيب اكثر خوفا وغير مطمئن، وستدخل الصراعات الثانوية في كافة الامور وخاصة في شؤون الحكومة، فالديموقراطية من هذا النوع لن تكون مضمون النجاح ان لم نعتمد على خصوصياتنا في تطبيق ديموقراطيتنا وما يليق بالعراق من كافة النواحي وهو ليس كغيره من اية دولة اخرى سوى كانت اقليمية او عالمية.

من جانب اخر، لم يبق امام هذه الحكومة الا ثلاث سنوات وهذا ما يثير الاسئلة حول كيفية تنفيذ برامج طويلة الامد وكيفية التواصل في تحقيق الاهداف الكبرى التي تعمل عليها منذ مدة، ومن ثم من هو اهل لهذه المهمات الصعاب من الذين يعتلون المناصب وخصوصا وهو يجب ان يكون اهلا للثقة من قبل الشعب قبل كتلته، ولحد اليوم الكتل تتعامل مع هذا الواجب من زاوية المصالح الضيقة ولم يحسب في كثير من الامور لواقع العراق، وهم موضع انتقاد الجميع في ادارة صراعاتهم الداخلية وتعاملهم مع دول الاقليم.

اذن بعد المعمعة الطويلة وطيلة ثمانية اشهر وفي ظل هذا المستوى من الثقة بين الكتل لا اعتقد بان يكون المرشحين مثاليين واهلا للمهمة، ام وكما اعتقد وفي اكثرالاحيان سيتوجهون الى اعادة اختيار الشخصيات نفسها بكل سلبياتهم وايجابياتهم في ظل المستجدات والصراعات المعقدة التي تحتاج الى دماء جدد وروحية حديثة.

انا اعتقد وبرايي الشخصي المحض ان العملية ستكون ناجحة لو اقتنعت الكتل باختيار جميع الوزراء للوزارات السيادية والخدمية من المستقلين كما هو حال الدفاع والداخلية وبرضى كافة الكتل، وهو الطريق الصحيح لقطع دابر الصراع الحزبي في المؤسسات الحكومية وقبل الجميع في مجلس الوزراء.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1598 الاثنين 06 /12 /2010)

 

في المثقف اليوم