أقلام حرة

هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية / عماد علي

 من الشرائح المثقفة المستقلة وكذلك من ضمنهم نسبة غير قليلة من السياسيين، واستغلال هذا الثراء الجميل في فض الصراعات السياسية الموجودة اليوم على الساحة والتي تؤدي اطالتها الى الدخول في متاهات لا مخرج منها، وربما تكون بعض منها طارئة  او من فعل ايدي خارجية لمصالح معروفة لدى الجميع.  وعند مراقبة الاوضاع بشكل دقيق وبتمعن لدراسة ما يجري بعقلانية وحيادية كاملة، وعندما يدخل احد منا في تقييم القائمين على السياسة اليوم نلقى ما عندنا من القادة المحنكين والحكيمين غير قليلين، ولهم القدرة على تسيير الامور،  ولكن ما يصدر منهم حتى اليوم لم يدعنا ان نطمئن، وما يشغل بال الجميع اليوم، هو متى وكيف تنبثق الحكومة الجديدة ومن تكون رؤسها في الحقائب الوزارية وهل بامكانهم العمل على نقلنا من هذه المرحلة اللعينة التي طالت بنا وما ترافقتها من التعقيدات وما سالت من الدماء البريئة الى ساحل الامان شيئا ما. وبكل صراحة عندما نستمع الى التصريحات وما نلمس من التوجهات والافعال الصادرة النابعة من التمنيات الذاتية للعديد من القادة تجبرنا ان نعتقد بان المعرفة مهما بلغت حجمها لديهم الا انها على ارض الواقع لا تفيد الحكمة شيئا في الشان العام، والتي يحتاجها الشعب العراقي في هذه الايام.هنا يمكن ان نقول بان الخطابات السياسية المعلنة حول ما تؤمن به بعض الكتل والشخصيات فيها من الازدواجية وانها غير دقيقة الحسابات بحيث لم تقترب من احكام التوازن بين التناقضات الذي هو جوهر ومعنى الخطاب السياسي المطلوب، وتكشف لنا كثيرا ما يؤمن به البعض وما ينوي على عكس ما يخطب على العلن ويحاول التغطية، ولكن التطبع لا يغلب الطبع دائما، وامرهم مكشوف للجميع.

تمنيت ان تكون هناك منظمات مدنية حقيقية تساعد بمواقفها على اضاءة الطريق المعتم امام الساسة وتبين الاصح  وتفرق بين المزيف والاصيل للجميع وتساعد على كشف ما هو المستور للراي العام، في المواضيع الاستراتيجية وما يطبخ من وراء الستار وما يعمل عليه البعض من النوايا والاهداف الانية، وللاسف الكل مشغول بامور ثانوية سوى كانوا مجبرين على ذلك ربما لكون اغلبيتهم تابعين او ان اهدافهم الحقيقية تخصهم ومصلحتهم فقط ولم يهتموا بالاولويات والشؤون العامة التي من المفروض ان تكون في صلب افكارهم وشعاراتهم وعملهم. ومن الممكن ان يكونوا حكما بين المواقف المتعددة والصراعات الجارية ليعلنوا كلمتهم . وما يشغل العراق اليوم هو تشكيل الحكومة وعلى الجميع ان يفكر في تسهيل الامور ومن ثم العمل على الاهداف الثانوية، الا اننا لم نجد لهم اية حركة في هذا الاتجاه لخلاص الشعب من الدوامة التي وقع فيها منذ ثمانية اشهر . ان الساحة خالية منهم والكرة بيد الكتل السياسية فقط دون مساعدة احد وهذا يزيد من احتمالات الخطا والصواب.

النية الصادقة السليمة والثقة المتبادلة من اهم العوامل التي تدفع الى الاتفاق السريع بين الكتل، الا ان ما نشاهده لم يدعنا ان نزيح جانبا نية العرقلة والاستناد على عامل الوقت لفشل الجهود الحثيثة التي تتخذ في هذا الاتجاه، والهدف هو تحقيق الاهداف الخاصة فقط. الجميع يحاول ان يكون الحاكم الاوحد والحصول على صلاحيات موازية للاخر ويضع الدستور جانبا متكئا على التوافق لضمان سلطته التي يحلم بها.

الجميع يعلم ان المهلة المتاحة لتشكيل الحكومة شهر واحد فقط ويجب ان يكمل السيد المالكي ما على عاتقه في اختيار الوزراء المقدمين اليه قبل المدة الممنوحة له على الاقل باسبوع تحسبا لاي طاريء او نوايا لحصره في زاوية الزمن واعادة كل شيء الى المربع الاول، ويجب ان يقدم الكابينة الجديدة وهو مطمئن على نجاح المهمة بعد دراسة وبحث السير الذاتية والمعلومات الخاصة بكل المرشحين على ارض الواقع ايضا وليس ما يكتب فقط، ويجب ان يقتنع بما يقدَم له ويُقدم عليه والا سيقع في دائرة الانتقاد على ما سيصدر من الحكومة الجديدة قبل اي احد اخر.

ما تصدر من التصريحات من قبل الكتل والشخصيات سوى كانت لجس الانباض او طرح البالونات الاعلامية السياسية توضح لنا نية كل منهم وعلى اي عامل يراهنون، والافعال السابقة التي بدرت من بعض الكتل لم تشجع على بناء الثقة في هذه المدة القصيرة.

بناءا على ما حدث سابقا وما يطرح في هذه الايام، انني على اعتقاد كامل بان النوايا لم تصف بعد، ولهذا يجب ان يُحسب لكل خطوة على ان تكون هناك البدائل الدستورية القانونية، وبالاخص خروج كتلة من البرلمان وعدم الايفاء بالوعود والاتفاقات التي حصلت في انتخاب رئيس الجمهورية يدعنا ان نفكر في احتمال اعادة الكرة والاقدام على فعل يمكنهم حصر المكلف لانبثاق الحكومة الجديدة في زاوية تحقيق النوايا وعامل الزمن وما يفرضه الدستور.

 لذا انني اعتقد ان تقديم الوزارة قبل اسبوع من انتهاء المهلة الممنوحة سيمنع العديد من الاحتمالات التي من الممكن ان تحدث، وبه يُقطع الطريق امام الاخلال بالعهود، وان حدث اي طاريء لن يلام المالكي في تاسيس حكومة الاغلبية التي يقدر عليه، ولم يخسر حينه الا اصحاب النوايا غير الصادقة، واتمنى شخصيا ان لا يضطر المالكي الى ذلك، لان المرحلة لن تتحمل الخلافات الكبرى اكثر مما حدث والمتضرر الاول عند حدوث اي خلل هو الشعب قبل الكتل والشخصيات السياسية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1601 الخميس 09 /12 /2010)

 

في المثقف اليوم