أقلام حرة

الاوضاع السياسية في ايران الى اين؟

 للسياسة والنظام الايراني لا يمكن ان يدع ايران ان تنعم بما كانت عليه من قبل، والحياة ما بعد الانتخابات الرئاسية اصبحت في مرحلة اخرى لا يمكن الرجوع عنها وازيلت الحجاب على الكثير من الممنوعات التي لم تكن حتى الامس القريب التقرب منها سهلا،و اليوم يتكلم الجميع عما يشتهي ويتامل،و المحافظين خسروا ما كان يمكن ان يبقوا عليها لمدة اطول لو لم يخطئوا في التقديرات والتعامل مع ما جرى، وخوفا من المصالح الاقتصادية والشخصية التي كانت في مقدمة الاسباب والعوامل وما فرضت نفسها عليهم للتعامل واختيار الطرق السالكة لما وقعت في ايران، ومصالح الفئوية كانت في المقدمة ايضا .

 

هنا يمكننا ان نقول، ان بقى الرئيس المنصوب على حاله واستمد قوته المعنوية من الوليه الفهيه لنهاية الفترة والتي ينوي ذلك ان ساعدته الظروف الداخلية والخارجية على حد سواء، وان امتد في اسلوبه وسياسته وعمله ومواقفه وارائه (و هذا غير ممكن) وحتى ان حاول ان يغير في مسيرته ويديم سلطته بتكتيكات معلومة محاولا ابداء المرونة هنا ومعاملة مغايرة هناك، فان هذه الدورة الانتخابية ستكون صعبة جدا عليه وتكون حاوية على الكثير من المفاجئات والقنابل السياسية غير المنفجرة، تكون مسيرة حكمه قلقا مهزوزا ومهتزا غير مدعوما كما كان في المرحلة السايقة مابعد حكم الاصلاحيين لاسبابه المعلومة . فان بدات الخطوة الاولى لاية عملية ناهيك عن الحكم والسلطة وفرض القانون بسفك الدماء والشدة والفوضى فانها ستستمر بشكل من الاشكال وبمراحل ومستويات متفاوتة على انماط مختلفة وستكون السلطة منشغلة مكبلة اليدين غير قادرة على التقدم ومسايرة المستجدات على الساحة العالمية والاقليمية . ومهما كانت قوة السلطة العسكرية وعدتها وامكانياتها فانها لن تقف عائقا امام الارادة الحقيقية النابعة من المطالب الجوهرية المبدئية التي تفرضها العوامل الاساسية للتغيير والتي تفرزها المستجدات والمسيرة الطبيعية للحياة السياسية الثقافية الاجتماعية في المنطقة والعالم باسره، ولا يمكن الاختفاء من المؤثرات التي تهب عليها من جميع الجهات . من كان لديه شيء من المعلومات وله المام بالشعب الايراني وصفاته ونظرته الى الحياة وحبه للرفاه والسعادة البشرية واعتقاداته ومستوى ثقافته والعادات والتقاليد التي يتمتع بها والالتزامات التي يرتبط بها، يستوضح لديه بان الصراعات الحامية التي بقدرة هذا الشعب المتحمل ان يديرها قد بدات الان وتِعد انطلاقتها من البيت الجامع للمتقاربين بانفسهم هو البيت القصيد في ما يذهب اليه المحللون، ولم تستخدم لحد اليوم الوسائل والامكانيات المتوفرة لدى الطرفين خوفا من فقدان كل شيء واختلاط في المواضيع وسيطرة الفوضى، على الرغم من استعمال القوة من قبل السلطة وفقدانها الصبر في اخر المطاف وتعنتها في عدم الرضوخ لبيان الحقائق استنادا على ما تتصف به وتؤمن من السمات كالكبرياء وعدم التنازل، وكأن الصراع والتنافس بين الاعداء وليس الشعب الواحد . الغريب في الامر عدم انتشار الاضطرابات بالسرعة المتوقعة التي انتظرها المحللون والجهات العدة والتي راهنوا على انتشارها بين المحافظات كالنار في الهشيم، وكل الدلائل تشير على تخوف المكونات من الانتقام كالسابقات واعتبروا منها وانتظروا ما يحل بالقوم في مركز الصراع وما تنتج عنه قوة وثقل الطرفين في طهران العاصمة . الظروف الاقليمية والعالمية لم تكن عاملا مساعدا، لا بل استخدمت تكتيكات خارجية عديدة للتخفيف من العبء الداخلي على السلطة في مثل هذا الوقت وكما حصل في معسكر اشرف والضربة التي وجهتها الحكومة العراقية الى مجاهدي خلق والتي كانت بمثابة انتشال للغريق في لحظة الفراق، بحيث توجهت الانظار واثرت سلبيا على الاحتجاجات الداخلية في طهران وضاعفت من معنويات السلطة الايرانية واثرت بشكل سلبي على المعترضين والمحتجين وانشغل العالم بما حصل في اشرف ملفتة الانظار ومبعدة لها مما يحصل في الداخل الايراني،اضافة الى عدم وجود موقف واراء للدول ذات الصلة خوفا من فقدان المصالح،و انتظارهم للنتيجة التي تمنوها.

 

استمرار الاضطرابات والاحتجاجات دلالة على عمق الصراع وما توصل اليه الوضع والنظام في ايران، بحيث يمكننا ان نقول ان الايديولوجيا والسياسة هما الوحيدتان الباقيتان بشكل واضح ومغطيتان على المباديء والعقائد والافكار الدينية التي يتشبث بها النظام باستمرار في سيرحكمه وفي تنفيذ الشعارات الدينية والمذهبية التي يتبجح بها، والمعلوم لنا ان الراسمالية العالمية تمكنت من اختراق كافة مفاصل الحياة السياسية الايرانية وهي الاسهل لها من بين كافة الانظمة . ان الجديد الاني في الامر استمرار المحاكمات لاغراض واهداف عدة ومنها، قبل اي شيء اخر تخويف الجمع الاصلاحي وردعهم واجبارهم على الحد من استدامة الاحتجاجات ومنع اتساعها، اتباع الاساليب المتعددة في بيان الندم للرموز المعتقلة من اجل اتعاض الاخرين كما فعلوا بالابطحي وما انطقوه بوسائلهم، واظهار وجههم غير الحقيقي وهو اعتمادهم على القانون والقضاء بشكل علني لبيان الحقيقة للعالم !، والا لماذا لم يشاهد العالم من قبل اية محاكمة من هذا القبيل وكما هو الحال الان وما يفعلون، وهو تكتيك مكشوف ومعلوم الغرض منه للجميع .

 

نستخلص من خلال المتابعات الدقيقة للوضع في ايران الى ان واقع الحال لا يمكن ان يستقر في الفترة القريبة المقبلة ان لم تحصل المفاجئات، وتكون للاوضاع تداعياتها الخطرة على الاقتصاد وما يفرز منها والذي ينعكس بشكل على السلطة والحكم، وان اراد احمدي نجاد خيرا لشعبه ومتمني لهم العيش بسلام وامان، ولتخفيف ما يحصل ليضحي ليكون مثلا للاخرين،و لليخف ما يمكن ان يحصل هوالاقدام على الاستقالة في احسن الاحوال .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1135  الاثنين 10/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم